“ليبانون ديبايت” – المحرر السياسي
في الوقت الذي لا يزال فيه قصر بعبدا يحافظ على صمته الكبير إزاء كل المشاورات الجارية لتأليف الحكومة، فإن أوساطاً سياسية واسعة الإطلاع، تكشف عن ترقب وحرص على “الإبقاء على الأمل وعلى مراكمة الإيجابيات وإنما من دون أية رهانات”. وترى الأوساط أن ملف الحكومة بات أمام منطقتين: الأولى منطقة اعتذار الرئيس المكلّف عن التأليف بعدما انقطعت سبل النجاح أمامه سواء في الداخل كما في الخارج، وبلغ اليأس مبلغاً لدى كل الأطراف وحتى الذين توسّطوا له وعنه.
أمّا المنطقة الثانية وبحسب الأوساط المطلعة، فقد بانت بوادر منها ولم يتنكّر لها صاحب المصدر في بيت الوسط، والذي اعتبر أن ما من أحد يمثل الرئيس الحريري في المفاوضات الجارية لتأليف الحكومة، كما أنه لا يفاوض أحداً، وهو يؤلف الحكومة وفق الدستور وبالتفاهم مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وبالتالي وإذا صحّت هذه التسريبات، فإن الرئيس المكلف، “قد بلغ من النضج مبلغاً، بعد التهور، مما يمكن أن يدفعه إلى التفكير بالعودة إلى الآلية الدستورية أي إلى قصر بعبدا”.
ولكن هل يعني ما تقدم أنه من الممكن البناء على هذه المصادر؟ عن هذا السؤال تجيب الأوساط المطلعة، بأنه لا يمكن الإتكال على ذلك وإن كانت الإتجاهات تصبّ في إطار التركيز على الإيجابيات في الملف الحكومي، مع العلم أن منسوب الأزمات على كل المستويات يتصاعد في ضوء انهيار الخدمات الحيوية وتفاقم الغلاء فيما الدواء مقطوع والطبابة في المستشفيات مهددة والكهرباء مقطوعة، وبات الكل على “أحرّ من الجمر” بالنسبة لما يعانيه المواطنون في كل المناطق ومن دون استثناء، من أوضاع صعبة، لا يمكن تحمّلها خصوصاً في ظلّ التحذيرات والمواقف والتقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي وعن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالأمس.
وعليه، ترجح هذه الأوساط خيار الإعتذار لدى الرئيس الحريري، وإن كانت لا تحثّه على ذلك، مشددة على وجود فارق بسيط بين اتخاذ القرار أو الحثّ عليه، بل على العكس فهي تستدرك بالإشارة إلى “عودة الإبن الضال” ولكن من دون أي تأويلات في غير مكانها، كي لا يُقال أن هناك من يُحرج الرئيس الحريري ليُخرجه. وتخلص إلى التركيز على أنه لم يعد من الممكن التعامل مع الوضع الحالي، والبقاء بين منطقتين رماديتين وتطغى عليهما الضبابية، مكرّرة المعادلة الآتية: نأمل، نراكم، ولا نراهن”.