“ليبانون ديبايت” – وليد خوري
حوّلت “المؤسسة اللبنانية للإرسال”(LBCI)، نشرة أخبارها المسائية إلى مضبطة اتهام، بحق جهات سياسية محدّدة ومُختارة بعناية لأهداف وخلفيات، بدأت تتكشّف معالمها تباعاً بعد عملية بسيطة، وعبر تركيب “بازل” الفريق المتخصّص، الذي يعدّ ويدير تقارير الفساد “المزعوم”، والتي تواظب المحطة على بثّها منذ بضعة أسابيع، وتستهدف شخصيات “مُختارة”، وتندرج، وبشكل فاضح، في إطار تسويق وخدمة “أجندة” فريق سياسي، هو “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل.
وتأتي هذه الحملات، بعدما أدرك رئيس “التيار الوطني”، الذي تعرّض للإستهداف و”التعرية” من قبل “انتفاضة 17 تشرين”، إضافة إلى وضعه على لائحة العقوبات الأميركية لأسباب تتعلّق بضلوعه في عمليات فساد، بأن إمكانية إعادة تلميع صورته مثل “حلم إبليس في الجنّة”. ولذلك، لجأ إلى اتباع أسلوب آخر يُترجم من خلال حملات إعلامية مركّزة تتّهم خصومه بالفساد، تترافق مع “فَبركة” ملفات قضائية واهية، هي عبارة عن مجرّد إخبارات، أوكل تقديمها إلى المحامي وديع عقل، وذلك، بهدف رسم صورة وتكوين انطباع لدى الرأي العام، بأن خصومه أيضاً لهم باع طويل في الفساد، ويتعرّضون لملاحقة القضاء، فيما التُهم الموجّهة إليه هي سياسية فقط.
ومن الواضح، أن السباق النيابي انطلق باكراً عند باسيل المأزوم في الشارع المسيحي، مع ربط تلك التقارير بهذا الإستحقاق، فالهجوم تركّز على وزراء “القوات اللبنانية”، ملحم رياشي، مي شدياق، وغسان حاصباني، من خلال إعادة فتح ملفات سبق أن أُثيرت أمام الجهات المعنية، وخرج من حرّض عليها “خالي الوِفاض”.
وبعد “الهمروجة” التي أثارها إعلام “الممانعة” المرئي والمكتوب قبل سنوات، ها هو اليوم يعيد ويكرّر السيناريو نفسه، عبر شاشة “المقاومة المسيحية اللبنانية” سابقاً، وشاشة “التيار الوطني” و “حزب الله” حالياً، وذلك، من خلال التصويب على “القوات”، لضرب الصورة التي رسمتها خلال سنوات مشاركتها في العمل الحكومي.
وقد تقاطعت مصالح باسيل، مع مصلحة رئيس مجلس إدارة الـ “LBCI” بيار الضاهر، الذي يقاضيه حزب “القوات”، في ملف ملكية المؤسّسة التي يُديرها، وأثمر هذا التقاطع تقارير عدة تحت عنوان “الفساد”، ولكن على خلفيات شخصية ومصالح مكشوفة، ولم تعد خافية على أي مشاهد أو متابع للسياق الذي تتّبعه.
وعلى الرغم من وقوعه بالخطأ “المهني”، عبر بثّ تقارير ضمن نشرة الأخبار على أنها سبقاً صحافياً بينما هي قديمة وعُرضت سابقاً، وأصدر القضاء حكمه فيها، إلاّ أن الضاهر، ارتكب خطيئة أخلاقية كبرى بحق الوزيرة مي شدياق، التي دفعت ثمن الرسالة التي أراد النظام الأمني اللبناني ـ السوري إيصالها إلى الضاهر، يوم تعرّضت إلى محاولة اغتيال، وأصيبت إصابات قاتلة نجت منها بصعوبة، وما زالت تعاني إلى اليوم من آثارها، كما أنها تحمّلت الكثير عن الضاهر ومؤسّسته، والذي ردّ الجميل بعد كل هذه السنوات، بتوجيه وتمرير رسائل سياسية “مسمومة” وعبر أخبار الـ”LBCI”، بحقّ شدياق التي تلقّت رسالة دموية، بالنيابة عن ضاهر ومؤسّسته.
والى جانب “القوات”، يبرز الهجوم أيضاً على منظومة تيار “المستقبل” السياسية والإقتصادية، بالإضافة إلى شخصيات سنّية وازنة، يكنّ لها باسيل عداءً مطلقا، كالوزير السابق نهاد المشنوق، وكل ذلك، بهدف تصفية الأحقاد الشخصية لدى باسيل تجاه هؤلاء، ولخدمة مشروعه الأساسي بإغراق الخصوم بملفات الفساد.
وللتصويب على القاضي جان فهد، ورئيس مجلس إدارة كازينو لبنان السابق حميد كريدي، المدعى عليه من قبل القضاء، إضافة إلى استهداف واتهام شخصيات بارزة من أجل إرضاء الطموحات الإنتخابية لدى بعض الذين يطمحون للترشّح إلى الإنتخابات في دائرة جبيل – كسروان، وجد باسيل ضالّته عبر الإستهداف المركّز على كريدي، والجهة السياسية التي كانت داعمة له في المنطقة، ظناً منه أن مشاركته في هذه الحملة، سوف تمكّنه من رفع رصيده الشعبي عبر القيام بمناورات تحت عنوان “القضاء على الفساد”.
ولتضليل الرأي العام أكثر، تحاول الـ “LBCI”، القول بأنها تستهدف جميع الأطراف من دون استثناء، ولكن الواقع وسياق ومضمون التقارير شبه اليومية، يشير إلى أن أحزاباً وقوى كثيرة استُبعدت عن تقارير الفساد وتم تغييبها، إلاّ إذا كان الضاهر يرى أن من تحكّم بمفاصل الدولة منذ ال90 إلى اليوم، وعلى رأسهم حركة “أمل” وتيار “المردة” والحزب التقدمي الإشتراكي، لم تمسّ شرف عملهم السياسي أية شائبة أو شبهة بالفساد.
وللتذكير فقط، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لماذا يغيب الرئيس نجيب ميقاتي عن تقارير الضاهر، وهو المُلاحَق أمام القضاء بأكثر من ملف، وسبق وأن أثار “ليبانون ديبايت” أحدها منذ أيام، وتتعلّق بالإستيلاء على 10 ملايين دولار من أموال الكازينو دون وجه حق؟ ولماذا يغيب “حزب الله” أيضاً، وهو الذي يستبيح الدولة بطولها وعرضها من دون أن يرفّ له جفن؟
وما يعزّز هذه المعطيات ويؤكدها، هو أن “عِدّة الشغل” لهذه الحملة لا تقتصر فقط على شاشة الـ”LBCI”، بل يدخل على خطها الجيش الإلكتروني التابع ل” الوطني الحر” والقيّمين عليه، وهم معروفون بالأسماء ويشاركون بفعالية في إعادة نشر التقارير التي تُبَثّ عبر الشاشة، على مواقع التواصل الإجتماعي، مع الإشارة في هذا المجال، إلى أنه تمّ استحداث موقع إلكتروني جديد، يضمّ إعلاميين بارزين مقرّبين من باسيل، وغرضه الوحيد هو تسويق هذه الملفات، والتي نجدها قبل الظهر على الموقع، ثم نشاهدها ليلاً عبر ال “LBCi”.
وعلم “ليبانون ديبايت”، أن من يدير هذه “الطبخة” عبر محطة الضاهر، هي مسؤولة الأخبار لارا فاضل زلعوم، شقيقة نائب رئيس “التيار الوطني الحر” منصور فاضل، وإلى جانبها يبرز دور المراسلين إدمون ساسين، مارون ناصيف ولارا الهاشم، وذلك بالتنسيق مع مستشار جبران أنطوان قسطنطين.