بولا مراد-الديار
لم تنجح حتى الساعة كل محاولات انعاش مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الحكومية. فالهدنة التي حكي عنها مؤخرا على خط بيت الوسط- بعبدا لتمهيد الطريق لاطلاق عجلة المفاوضات والمشاورات من جديد لم تستمر طويلا، ما يؤكد وجود قناعة لدى فريقي الصراع الحكومي بأن اي اتفاق بينهما أصبح صعب المنال وبأنه بدل الانكباب على ايجاد المخارج للازمة، ينصرف كل طرف محاولا تحميل الطرف الآخر مسؤولية التعطيل ومن خلاله الانهيار المستفحل في كل القطاعات وعلى المستويات كافة.
وبات محسوما بحسب المعطيات ان لا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري «مستقتل» للتأليف ولا رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي يتولى المفاوضات عن رئيس الجمهورية متحمس لحكومة يرأسها الحريري، ما يضع الاخير امام ٣ خيارات أحلاها مر.
الخيار الاول، الاقدام على الاعتذار عن التشكيل، وهي ورقة عاد ووضعها الحريري على الطاولة بعد ان كان قد وضعها في الدرج في الاسابيع الماضية مع استعار المواجهة مع «الثنائي» عون- باسيل كما حرب البيانات. وما يجعل الرئيس المكلف يعود ليبحث سيناريو الاعتذار ، وفق المعلومات، اشارات خارجية جديدة وصلت له وبخاصة من الفرنسيين بأنهم لم يعودوا يتمسكون به وبأنه آن اوان تشكيل اي حكومة برئاسة اي شخصية للحد من آثار الارتطام الذي اصبح وشيكا. ويعتقد الرئيس المكلف ان اعتذاره في هذه المرحلة سيسمح له برمي كرة النار التي ستصبح بحضنه فور التأليف في حضن خصميه اللدودين عون وباسيل ما يحرق ما تبقى من العهد واي حظوظ رئاسية لرئيس «الوطني الحر». هذا الخيار وفي حال لجأ اليه الحريري لا يقول بخوض المواجهة المفتوحة انما بالاكتفاء بمغادرة سفينة السلطة واستقلال قارب صغير يشاهد من خلاله السفينة الكبيرة تغرق لاقتناعه بأن اي شخصية ستتولى مهمته ستحترق تلقائيا ايا كان الدعم الداخلي او الخارجي الذي سوف تحظى به لان البلد اليوم اشبه بقطار من دون مكابح ولا مجال لمنع ارتطامه.
اما الخيار الثاني الذي قد يلجأ اليه الحريري فهو خوض المواجهة المفتوحة لشد العصب السني مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة. ويلحظ هذا السيناريو رفع وتيرة الصراع وتظهيره اكثر فأكثر صراعا على الصلاحيات بين السنة والمسيحيين على ان يدفع بنوابه لتقديم استقالاتهم في حال قرر الاعتذار وان كان على يقين باستحالة اجراء انتخابات نيابية مبكرة وبخاصة بعد الموقف الحاسم الاخير لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، اضافة الى كون آخر ما يريده الحريري خسارة حليفه الاستراتيجي والوحيد حاليا نبيه بري الذي يعتبر اي مس بالمجلس الحالي مسا به، الم يدفع اصلا لاستقالة حسان دياب بعد حرتقته في هذا الاتجاه؟!
ويبقى خيار واحد امام الحريري الا وهو الاستمرار بتمرير الوقت والمراوغة وصولا لاستنزاف ما تبقى من عهد الرئيس عون، الا اذا جاءته اشارات خارجية وبخاصة سعودية خلال الاسابيع والاشهر الماضية بناء على تطور المفاوضات الاقليمية والدولية الناشطة يقوم بتشكيل الحكومة المنتظرة شرط ان يكون متأكدا على حصولها على الدعم المادي. ويدرك الحريري انه يخوض مجازفة كبيرة في حال اعتماده هذا الخيار خاصة انه يفترض ان يتجنب ان يكون في الواجهة عند حصول الارتطام لان من شأن ذلك ليس فقط التأثير سلبا عليه في الاستحقاق النيابي المقبل، انما تهديد مصير الحريرية السياسية ككل.
في كل الاحوال، وايا كان الخيار الذي سيلجأ اليه الحريري، سيكون عليه تجرع مزيدا من الكؤوس المرة، فالفيتو السعودي عليه يجعل كل السيناريوهات بالنسبة اليه صعبة ومكلفة.. فمن كان رجل السعودية الاول في لبنان اصبح ابرز شخصية لا تحبذها الرياض، ومن كان يعول عليه لعلاقاته الاقليمية والدولية اصبح هو من يبحث عن غطاء خارجي لمواصلة مشواره السياسي.