كتب المحرّر السياسيّ-البناء
تقرأ مصادر فلسطينية في مشهد التصاعد المتنامي لحضور شباب الضفة الغربية والأراضي المحتلة العام 48 لنصرة القدس، وإعلان أيام تضامنية مع الأقصى والأحياء المهدّدة بالإخلاء في المدينة المقدسة، تحولاً كبيراً في المشهد، حيث تحولت قوة المقاومة في غزة إلى رافعة لنهوض فلسطيني عام، يجعل من الانتفاضة الشاملة خطراً داهماً على الكيان في أية مواجهة تنتج عن تصعيد المستوطنين في القدس، سواء بتنظيم مسيرة الثلاثاء أو في سواها، فالحشود التي جاءت من الأراضي المحتلة عام 48 إلى القدس والمواجهات التي تشهدها مدن وبلدات الضفة الغربية مع الاحتلال، تمنحان قوة المقاومة في غزة فرصة التحول الى قوة ردع لحماية الانتفاضة، التي ستحمي القدس، بدلاً من أن تتولى المقاومة حماية القدس مباشرة، كما حدث في معركة سيف القدس. ورأت المصادر أن إدارة الرئيس جو بايدن لا تستطيع الاكتفاء برعاية حكومة جديدة أخرجت نتنياهو من الحكم، أو بتلاوة مواقف مؤيدة لحل الدولتين، بينما الوضع السياسي الهش للكيان يجعل المزايدات بالمواقف المتطرفة، الطريق الوحيد لكسب الأصوات بين أية حكومة ومعارضيها، ما يعني أن فتيل التفجير قائم دائماً، ويهدّد أي استقرار في المنطقة، لأن معادلة “المساس بالقدس يعادل حرباً إقليمية”، صارت معادلة حاكمة على الأميركيين أخذها بجدية في كل حساباتهم.
على المسار الأميركيّ الإيرانيّ رصدت مصادر دبلوماسية تطورات إيجابية مثلها القرار الأميركي برفع العقوبات التي طالت شركات نفطيّة وشركات لنقل النفط، وبتسهيل سداد المستحقات المتوجبة على إيران لحساب اشتراكاتها في منظمة الأمم المتحدة، ما جعل المصادر تتحدّث عن إنجاز التفاهم، والبدء بترجمته قبل إعلانه، لخلق مناخات من الإيجابية تمهّد للإعلان، خصوصاً أن الأميركيين يريدون الاطمئنان قبل الإعلان الى إنجاز ما يحصّن الاتفاق على جبهتين، الأولى قطع الطريق على عمل تصعيدي لتخريب الاتفاق يمكن أن يأتي من بنيامين نتنياهو ما دام يملك قدرة التعطيل قبل مغادرة رئاسة الحكومة، والثاني إخراج السعودية من المستنقع اليمنيّ كي لا تدفع المزيد من الأثمان اذا أعلن الاتفاق وهي غارقة في حربها الفاشلة. وفي الأولى يتولى الأميركيون مباشرة إدارة ملف الحكومة الجديدة في الكيان، وفي الثانية تتولى سلطنة عُمان ادارة التفاوض حول الملف اليمني، فيما تحدثت مصادر عُمانية عن تفاؤل بقرب التوصل لوقف النار بالتوازي مع فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة.
في لبنان قالت مصادر متابعة للخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وما تضمنه تجاه الملفات الداخلية الاقتصادية، أن الأولوية التي وضعها السيد نصرالله هي تحرك مؤسسات الدولة لتحمل مسؤولياتها منعاً لبلوغ لحظة وقوع الكارثة التي ستجبر الحزب على تحمل مسؤوليات مختلفة. وقالت المصادر إن حزب الله تابع بإيجابية تحرك المؤسسات، سواء ما يطال فتح الاعتمادات الخاصة بالأدوية والمحروقات، أو بالتدقيق فيما يتمّ حجزه من مخزون لدى المستوردين، وكان مصرف لبنان قد بدأ بحل مشكلة الاعتمادات المجمدة لصفقات دواء ومحروقات، بينما قام وزير الصحة حمد حسن بمداهمة مستودعات شركات أدوية ومعدات طبية كاشفاً عن وجود مخزون من المواد المستوردة والمدعومة، وعن بيعها بفواتير تعادل أضعاف أسعار استيرادها.
رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي تابع البطاقة التمويلية، أعلن أنه يعترف بهزيمته أمام الفساد لأنه بقي وحيداً، بينما كانت المساهمة العراقية بمضاعفة كميات النفط التي سيتم تزويد لبنان بها الى مليون طن بأسعار مخفضة وتسهيلات بالسداد، موضوع متابعة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال، وتولى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مواصلة الاهتمام الذي بدأه بالملف منذ سنة في زيارته لرئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، كاشفاً في حديث تلفزيوني سياق تطور المساهمة العراقية، شاكراً للعراق هذا الموقف، مبشراً اللبنانيين بزوال خطر العتمة.
وبقي الجمود الحكوميّ سيّد المشهد الداخلي في ظل تعثر مبادرة الرئيس بري لتأليف الحكومة بعد أن تجمّدت الاتصالات واللقاءات بحسب معلومات «البناء» نتيجة الخروق التي تعرّضت لها الهدنة الإعلامية وتجدّد تبادل إطلاق النار على جبهة بعبدا البياضة – بيت الوسط.
في المقابل تستمرّ المؤشرات المقلقة بالتجمع ليكتمل المشهد السوداوي الذي ينتظر لبنان على مختلف الصعد الاقتصاديّة والماليّة والنقديّة والاجتماعيّة والصحيّة وكذلك الأمنيّة مع مبادرة أكثر من جهة أمنية لبعث رسائل التحذير إلى المراجع الرئاسية والوزارية والأمنية من استعدادات لتحركات شعبية ستولد انفجاراً اجتماعياً كبيراً في الشارع بسبب تفاقم الأزمات ما يؤدي إلى توترات وهزات أمنية.
ولفت كلام المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الذي حذّر أمس في خطبة الجمعة من أن “الكارثة ستكون أشدّ بمئة مرة من مجاعة 1915، وكذلك ما حصل من أزمات في العالم في القرن الماضي”. مشيراً الى “أننا أمام كارثة غير مسبوقة، وأشبه بعصف لم يصل بعد إلى الذروة، والآتي سيكون أسوأ وأعظم، في ظل لعبة سياسيّة ظالمة وشنيعة، ليس لها مثيل، في بلد بات مكشوفاً على الجوع والبؤس والفقر”.
وبدأ بعض المستشفيات بتركيب سياج حديديّ وبلوكات من الباطون تحسباً لأي ردات فعل من قبل المرضى وأهاليهم بعد قرارها الإقفال التام على خلفية النقص في المعدّات واللوازم الطبية، وكثرت الإشكالات أمام محطات الوقود وسحب السلاح وتهديد أصحاب المحطات والعاملين فيها، كما عمد أصحاب المولدات في عدد كبير من المناطق الى التقنين القاسي ولجأ بعضهم الآخر الى إطفاء المولدات، فضلاً عن أزمة الدواء والمعدات الطبية في ضوء قرار الصيدليات الإقفال التام بعد نفاد كمية الدواء.
وفي هذا السياق وفيما تتّجه أزمة القطاع الطبي إلى الحل الجزئي بعد جهود يبذلها وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أفضت الى موافقة الأخير الإفراج عن الاعتمادات المخصصة للدواء والمستلزمات الطبية. فيما استكمل الوزير حسن بمؤازرة عناصر أمن الدولة مداهمة عدد من مستودعات المستلزمات الطبية في المناطق لا سيما في الحازميّة وسد البوشرية حيث ضبط مخالفة تسعير مباشرة على الهواء.
وفي الموازاة ومع انقطاع الحليب والأدوية من الصيدليات والتزاماً بقرار تجمع أصحاب الصيدليات في لبنان الذي دعا إلى إضراب يومي الجمعة والسبت بالتنسيق مع نقابة صيادلة لبنان احتجاجاً على “ما آلت اليه اوضاع الدواء، ولإطلاق صرخة بأن الأمن الصحي اصبح مهدداً بشكل جدي”، أقفل عدد كبير من الصيدليات في لبنان أمس، فيما أبقت قلة قليلة أبوابها مفتوحة في بعض المناطق.
وتجلى مشهد الإذلال أيضاً بأبشع صوره باستمرار اصطفاف طوابير السيارات على أربعة صفوف متوازية أمام محطات الوقود ما حوّل بيروت إلى مأرب كبير للسيارات. ولم يبرز أي جديد على خط معالجة أزمة المحروقات ومادة البنزين تحديداً بانتظار وصول النفط العراقي الى لبنان بعد قرار الحكومة العراقية الموافقة على تزويد لبنان بخمسئة طن من النفط ورفعه إلى ألف طن. وعلمت “البناء” أن “اجتماعات عدة تحصل على مستوى رئاسي ووزاري وأمني وتقني لاستكمال الإجراءات التقنية والمصرفية لإنجاز هذا الملف وتأمين الوقود العراقي بأسرع وقت ممكن”. وتوقعت مصادر وزارية لـ”البناء” حل أزمة الوقود مع وصول أول باخرة نفط الى بيروت. متوقعة أن يرفع مصرف لبنان الدعم عن البنزين خلال أسبوع إذا لم تعالج الأزمة ما سيؤدي الى ارتفاع كبير في صفيحة البنزين.
الا ان اتصالات جرت على مستويات عدة بحسب معلومات البناء لحل الأزمات الحياتية اليومية لا سيما المدير العام للأمن العام اللّواء عبّاس إبراهيم، الذي أكد أمس في حديث تلفزيوني، انه “قام بعدّة زيارات للعراق، وتحديداً لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي”، لافتاً إلى أن “الكاظمي، سأله عمّا يحتاجه لبنان لتجاوز الأزمة الرّاهنة، وكان الجواب حاجة لبنان إلى النفط العراقي الأسود، والكاظمي أبدى تجاوباً مباشراً واتصل بوزير النفط العراقي طالباً حضوره، حيثُ تمّ عقد اجتماع ثلاثي أُقِرَّ خلاله تزويد لبنان بالكميّة المطلوبة من النفط، واستتبعَت ذلك زيارات تقنيّة أخرى مع وزير النفط اللّبناني ريمون غجر ومستشاريه، تلاها قرار مجلس الوزراء العراقي الذي يقضي بتحديد كميّة 500 ألف طنّ من النفط الأسود مُخصّصة لِلُبنان”، لافتاً الى انه “أوضح للكاظمي في إحدى الزيارات أن الكميّة المُحدّدة قد لا تكفي، واقترح زيادتها من 500 ألف طنّ إلى مليون طنّ، ولاحقاً تم إبلاغه بالموافقة على طلبه وزيادة الكميّة”.
وردًّا على سؤال عن آليّة الدفع، أشار إلى أن “النفط سيكون مدفوع الثمن مع تسهيلات، وهي لفتة كريمة من الكاظمي، والآليّة ستكون عبر البنك المركزي العراقي والمصرف المركزي اللّبناني، وسَيَتوَلّى المَعنيّون تنظيم العمليّة من حيث طريقة ومهلة الدفع، وهذه العمليّة ستنتهي في غضون أيّام قليلة، ومن بعدها في أسبوع – لعشرة أيّام يمكن البدء في الاستيراد”.
وعن المواصفات الفنيّة للنفط الخام أو المُكرّر، أوضح اللّواء ابراهيم أنها “لا تتناسب مع التجهيزات الموجودة في لبنان لتوليد الطاقة، لذا، تمّ الاتفاق على تحويل هذه المواد أو إضافتها إلى مواد أخرى لتصبح صالحة لمحارق الكهرباء اللّبنانيّة، أو تبديلها مع دول أخرى، وهذه الآليّة سيحدّدها الفنيّون في وزارات النفط العراقيّة واللّبنانيّة، الأهمّ أن النفط سيصِلُ إلى لبنان صالحا للاستعمال”.
وتوجه إبراهيم للبنانيين مطمئناً، أن “لا خوف من العتمة بعد هذه الاتفاقيّة”، شاكِرًا “الكاظمي والدولة العراقيّة والشعب العراقي، للتعاطف مع لبنان في هذه الأزمة”.
وطمأن عضو نقابة المحطات في لبنان جورج البراكس أنه “لا انقطاع لمادتي البنزين والمازوت في الوقت الحالي”، طالبًا من المواطنين “عدم إذلال أنفسهم في طوابير أمام المحطات، لأن المواد متوفّرة في المستودعات وهي كافية لـ15 يوماً، وفي الأيام المقبلة بواخر عديدة ستصل الى لبنان”. وأشار البراكس في حديث تلفزيوني الى ان “البيان الذي صدر من مصرف لبنان جديّ، وقد أعطى حلولاً للأزمة، وبدءًا من الساعات المقبلة سيعطي موافقات للبواخر التي ستبدأ بالتفريغ”.
وأوضح تجمّع الشّركات المستوردة للنّفط والغاز في لبنان أن الطلب على البنزين يتأثر بحسب الظروف الاقتصاديّة ونسبة قدوم المغتربين الى لبنان خلال فصل الصيف والأعياد، بالإضافة إلى تهافت المواطنين على المحطّات والتخزين مما يزيد من الطّلب على المادة.
وعبر أكثر من مسؤول ديبلوماسيّ غربيّ وأمميّ خلال زيارتهم بيروت خلال الأسابيع الماضية عن قلقهم الشديد إزاء الوضع اللبناني، بحسب ما علمت “البناء” لا سيما من أن تؤدي مضاعفة الأزمات الى ضرب وحدة المؤسسات والدولة المركزية لا سيما المؤسسات الأمنية، خصوصاً الجيش اللبناني ما يعزز منطق الميليشيات. ومن هذا المنطلق دعت باريس الى عقد مؤتمر لدعم الجيش من خلال إنشاء صندوق مالي لدعم الجيش بالمواد الغذائية والمحروقات والألبسة والدواء وغيرها من المساعدات العينية.
وأبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية “لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية” ميمونة محمد شريف، خلال استقبالها أن “لبنان الذي يواجه ظروفاً اقتصادية واجتماعية صعبة، يتطلع الى دعم منظمات الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة كي يتمكن من الخروج من الضائقة التي يعيشها منذ أشهر”. وأكد ان “المساعدات التي تلقاها لبنان ليست كافية بالنظر الى ما أصابه من أضرار، سواء بعد الانفجار في مرفأ بيروت او انتشار جائحة “كورونا”، ومسألة النزوح السوري الذي تضاعف خلال سنوات الحرب السورية، حتى وصلت أعداد النازحين السوريين الى مليون و800 الف نازح، وتجاوزت الكلفة التي تكبدها لبنان 45 مليار دولار، فضلاً عن الانعكاسات السلبية على الاقتصاد اللبناني بعد إقفال الحدود اللبنانية – السورية وتعذر حركة تصدير المنتجات اللبنانية”. واعتبر الرئيس عون أنه “من المستحيل الاستمرار في استقبال هذا العدد الضخم من النازحين السوريين، وعلى المجتمع الدولي من جهة والأمم المتحدة من جهة ثانية، العمل على اعادتهم الى قراهم في سورية لا سيما تلك التي باتت آمنة”. وفي هذا السياق أفيد أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم سيزور موسكو خلال الايام المقبلة للبحث بعدة ملفات من ضمنها ملف النزوح.
وأشارت مصادر حزب الله لـ”البناء” إلى أن “السبب الأساسي للأزمات التي يواجهها لبنان هو الحصار الأميركي – الغربي – الخليجي المفروض على لبنان منذ سنوات لا سيما منذ العام 2016 وتضاعف الى حدود كبيرة في العام 2019 مع اندلاع الأحداث الاجتماعية والأمنية في الشارع في 17 تشرين والتي شكلت مخططاً خارجياً لضرب الأمن والاستقرار الاجتماعي والمالي والاقتصادي في لبنان والإطاحة بالمعادلة القائمة وفرض التنازلات السياسية في ملفات عدة في إطار الهجمة الأميركية على محور المقاومة”. مضيفة أن “الأميركيين وحلفاءهم في المنطقة حاولوا توجيه ضربة لمحور المقاومة من البوابة اللبنانية وإضعاف إحدى الحلقات الأساسية لهذا المحور في لبنان أي حزب الله، لكن المشروع فشل رغم النتائج الاقتصادية الفادحة التي خلفها مشروع الحصار العدواني”.
ولفتت المصادر الى أن “لبنان لا يمكن أن يخضع لهذه المعادلة: الحصار الاقتصادي وتعطيل تأليف الحكومة ولن ينتظر طويلاً، والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله لوّح للمعنيين بالداخل والخارج بأن يدنا ليست مغلولة وخياراتنا ليست ضيقة، فيمكننا إيجاد خيارات بديلة مؤقتة للحد من الأزمة ومعاناة المواطنين، ومن ضمنها التفاوض مع ايران المستعدة لتزويد لبنان بما يطلبه على مختلف الصعد لا سيما المحروقات والكهرباء وبالليرة اللبنانية، لكن السيد نصرالله أعطى فرصة للحكومة والدولة والمعنيين لإيجاد مصادر لتخفيف حدة الأزمات، لكن في حال لم يحصل ذلك، فسيضطر الحزب الى تنفيذ كلام السيد نصرالله على أرض الواقع وحل أزمة الوقود والكهرباء”. لكن المصادر توقعت أن يحلّ الوقود العراقي نصف الأزمة.
وفي سياق ذلك، استقبل رئيس الجمهورية في بعبدا وفداً من “المؤتمر القومي الإسلامي” ضم رؤساء أحزاب وشخصيات سياسية ونقابية من معظم الدول العربية للتهنئة بعيد المقاومة والتحرير. وأكد الدكتور خالد السفياني باسم الوفد أن “مشاركة لبنان في احتفاله بذكرى عيد المقاومة والتحرير، كما مشاركة المقاومة الفلسطينية بانتصارها العظيم على الكيان الصهيوني”، لافتا الى أن “هذه الزيارة لم تكن لتكتمل من دون لقاء الرئيس عون الذي أصبح يشكل رمزاً للصمود والثبات والحكمة وهو مشهود له بمواقفه الوطنية والقومية”.
بدوره، ذكّر عون بمواقفه إبان حرب تموز، مشدداً على ما قاله حينها بأنه “لن تكتب الغلبة لـ”إسرائيل” بعد هذه الحرب، وهي أصبحت عاجزة عن تحقيق النصر في أي حرب تخوضها. وهذا ما كان واضحاً في حرب غزة الاخيرة، حيث تفاجأ العدو الاسرائيلي كما العالم بالمقاومة وما حققته فانقلبت الموازين”، متمنياً أن “تعود القضية الفلسطينية القضية الأساس للعرب”.
كما زار الوفد السراي الحكومي والتقى الرئيس دياب الذي أكد أن “انتصار غزة على العدوان شكل إعادة ضخ الروح في قضية الأمة العربية، تماما كما فعل انتصار لبنان في العام 2000 وفي العام 2006. فانتصار لبنان في عدوان تموز 2006 أسس لانتصار غزة في 2021، وانتصار غزة يؤسس لانتصار أكبر لن يكون موعده بعيداً إن شاء الله”.
على صعيد آخر وعشية الذكرى السنوية الأولى لانفجار المرفأ في 4 آب 2020، وبعد استقباله وفداً من أهالي ضحايا التفجير، أعطى الرئيس دياب موافقته الاستثنائية على مشروع مرسوم يقضي باعتبار يوم 4 آب يوم حداد وطني. وقال دياب “أعترف أن الفساد هزمني لأنني كنت وحدي تقريبًا في هذه المواجهة، لذلك نحن بحاجة لنتكاتف كلنا حتى ننتصر عليه”.
على الخط الحكومي لم يبرز أي جديد إذ عكست أجواء عين التينة لـ”البناء” تشاؤماً لجهة التوصل الى حل قريب للازمة الحكومية، ولفتت الى أننا “نسير نحو الأسوأ ودخلنا في نفق مسدود”، وتميل عين التينة الى تحميل مسؤولية التعطيل لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أكثر من الرئيس المكلف سعد الحريري الذي من غير الواضح أنه سيتجه للاستقالة حتى الساعة، بحسب المصادر.
في المقابل أكد مصدر وزاري مقرّب من بعبدا لـ”البناء” أن “الرئيس عون يفتح يديه والباب أمام أي حل لإنهاء الأزمة الحكومية وفق الأصول الدستورية والمعايير الموحّدة، لكن لم يبادر الحريري حتى اللحظة لتقديم تشكيلة الى رئيس الجمهورية وفق الأصول، رغم أن رئيس الجمهورية انتظر أن تفضي المشاورات بين القوى السياسية التي يقودها الرئيس بري الى نتائج ايجابيّة، لكن لا يبدو ذلك ولا مؤشرات على أن الحريري يريد تأليف الحكومة”. ويخلص المصدر بالقول إن “القصة أكبر من وزيرين مسيحيين بل تتعلق بالحريري وخياراته وقراره المستقل”.
وأكدت أوساط مطلعة في فريق المقاومة لـ”البناء” أن “المشاورات مستمرة ولم تتوقف، لكنها لم تحرز تقدماً ملموساً في العقد الأساسية حتى الساعة ومنها عقدة الوزيرين المسيحيين وثقة التيار الوطني الحر للحكومة”. وشدّدت على أن “الطرفين مسؤولان عن تعطيل تأليف الحكومة لكن بنسب متفاوتة”، وتوقعت أن تطول مدة المشاورات حتى إنضاج الحل داخلياً وخارجياً”.
ولفتت إلى “أن حزب الله يشارك بقوة في مساعي التأليف ويحث الطرفين على التنازل والإلتقاء في وسط الطريق ومتنصف الحلول لكن لا يملك الإمكانية ولا النية لفرض إرادته على طرفي الخلاف”. وأضافت الأوساط: “يبدو أن الحريري لا يريد التأليف قبل تصحيح العلاقة مع السعودية، وبالتالي لن يؤلف قبل ان تفتح السعودية أبوابها له ولن تفتح لعدة أسباب”.
وفي هذا السياق تداولت معلومات بأن نائب ووزير سابق قريب من الحريري كشف أن “الأخير لن يزور السعودية بنصيحة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي تواصل معه قبل حوالى السنة داعياً اياه الى الابتعاد عن السعودية، لأنه قد يضطر الى سجنه على خلفية الدعاوى القضائيّة المرفوعة ضد شركة “سعودي اوجيه” من قبل الموظفين الذين تمَّ صرفهم من دون أية تعويضات. وبالتالي فإن السلطات القضائية في المملكة مرغمة على توقيف الحريري متى حطت طائرته على أراضيها للتحقيق معه في هذا الملف. فما كان من دولة الإمارات إلا التدخل والتوصل الى حل وسط مع المملكة عبر لقاء الحريري بعائلته التي تقطن في السعودية على أراضيها، ريثما يحل الرجل مشاكله المالية مع موظفي الشركة لتسقط بعدها الدعاوى المرفوعة أمام القضاء السعودي”.