طوني فرنسيس-نداء الوطن
من يتابع “مناظرات” المرشحين للرئاسة الإيرانية تستهوِه بدايةً عملية التناظر نفسها. ففي هذه العملية الاعلامية التلفزيونية تحاول السلطة الايرانية محاكاة ما يجري في الغرب، خصوصاً في أميركا، من تنظيم اطلالات للمتنافسَين الأخيرين، فيدليان بآرائهما ويتناقشان بحدةٍ أو بهدوء، ثم تندلع حروب الاستطلاعات والتوقعات.
التناظر على هذه الطريقة لا يبلغ هذا المستوى من المكاشفة، غير انه يبقى بمقياس ما أفضل من المعارك الرئاسية في سوريا أو في أفغانستان الجارة. الا انه عملية مضبوطة منذ قبول المرشحين وحتى ظهورهم على الشاشة وكيفية ادارة اطلالتهم على المشاهدين.
ليس للمرشح ان يدلي بما يريد بل عليه ان يجيب عن سؤال اجتماعي أو اقتصادي أو مالي أو طبي يسحبه مدير المسرح بالقرعة من وعاء امامه، مانحاً إياه ثلاث أو أربع دقائق للإجابة. وفي المناظرة الثانية الثلثاء الماضي إحتج مرشحون على منع التطرق للسياسة الخارجية وتحركات إيران في الإقليم، الا انهم في معرض وصفهم للأوضاع الداخلية ظهر حجم المأساة التي يعيشها الشعب الايراني وحجم التفرقة بين مكونات هذا الشعب الإتنية والطائفية، بحيث وعد أكثر من مرشح بتعزيز حضور تلك المكونات في حكومته إن فاز بالرئاسة.
وظهر من مداخلات المرشحين كيف تسيطر “سلطة خفية” على ثروات البلاد وكيف أن قلة تستأثر بتسهيلات المصارف، فيما يلجأ الشباب الى الأقبية لسماع الموسيقى التي يحبون وهرباً من عيون رجال السلطة وقمعهم.
في الحلقة الأولى من المناظرات ألقت الأوضاع الداخلية وانقساماتها بظلالها على المشهد. ووصلت المداخلات الى تبادل الاتهامات بالخيانة. اشتبك مرشحا الرئاسة محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، وعبد الناصر همتي، محافظ البنك المركزي، فهدده بمحاكمته “بتهمة الخيانة ومنعه من الخروج من البلاد”. وردّ همتي إنه “فخور بأنه لم يسمح لإيران بالذهاب الى طريق فنزويلا” وأنه منع إقتصاد بلاده من أن “يصبح مثل اقتصاد كوريا الشمالية”، النموذجان اللذان تطمح القيادة الايرانية للتمثل بهما وجرّ مناطق نفوذها اليهما !
رضائي الذي يعتبر واجهة للمرشح المتوقع فوزه ابراهيم رئيسي، كان اقترح خطف الجنود الغربيين ومبادلتهم ” لتعزيز موارد الدولة “، فطالبه همتي ساخراً بأن يضع “خطة لذلك” ثم توجه الى رئيسي رئيس السلطة القضائية طالباً اليه ان يتوقف عن استخدام وكلائه للتهديد، وان يمنحه الأمان لئلا يُعتقل فور خروجه من مبنى التلفزيون !
هناك مناظرة أخيرة السبت لا يتوقع ان يُسمح فيها بنقاش دور ايران في المنطقة، وفي الانطباع العام ان المرشحين يعتقدون ان ما كُتب قد كتب، فرئيسي رجل “المحافظين” سيكون رئيساً رغم ان تحصيله الدراسي “بالكاد يجهزه لإدارة بلد. فهو لم يكمل سوى ست درجات من التعليم التقليدي وليست لديه خبرة في القيادة الاقتصادية”، على ما قال المرشح محسن مهرالي زاده.
لكن من يسأل عن كل هذه التفاصيل !!!؟