بولا مراد- الديار
كما كان متوقعا لم يلجم قرار مصرف لبنان تسديد جزء من الودائع بالعملات الاجنبية «تحليق» سعر صرف الدولار الذي لامس يوم أمس عتبة الـ ١٤ الف ليرة للمرة الاولى منذ اندلاع الازمة، ما اثار خوف وهلع اللبنانيين الذين باتوا يخشون حقيقة من ملامسته قريبا الـ ٢٠ الفا في حال فشل محاولات انعاش مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الحكومية.
واصدر «المركزي» يوم امس تعميمه المنتظر والذي حمل رقم ١٥٨ المتعلق بالاجراءات الاستثنائية لتسديد تدريجي للودائع بالعملات الاجنبية، وهو كما تم تسريبه سابقا يلزم المصارف دفع ٤٠٠ دولار كاش شهريا للمودع اضافة الى ما يوازي 400 دولار أميركي بالليرة اللبنانية على أساس السعر المحدد على المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة «Sayrafa «، يدفع منها 50% «لصاحب الحساب» نقدا (Banknotes) و50% بواسطة البطاقات المصرفية، على ان يبدأ العمل بهذا التعميم نهاية الشهر الحالي.
واعتبرت مصادر مصرفية في حديث مع «الديار» ان بلوغ الدولار الواحد عتبة الـ ١٤ الفا كان متوقعا باعتبار ان التعميم الاخير الذي صدر عن «المركزي» سيخلق كتلة نقدية هائلة بالليرة اللبنانية تتجاوز الـ ٢٧ الف مليار ليرة بالمقابل سيتم الاحتفاظ بالدولارات التي سيحصل عليها المودعون في المنازل، ما يعني اننا سنشهد مزيدا من تحليق سعر الصرف في الأيام والأسابيع المقبلة.
الحسم الحكومي.. قريبا
وعلى غير ما جرت العادة في الاشهر الماضية، شهد البلد يوم امس حركة سياسية لافتة على خط تشكيل الحكومة، ان كان عبر لقاءات مباشرة او اتصالات عدة يفترض ان تتضح نتائجها خلال الساعات القادمة. وابرز ما تم تسجيله لقاء يفترض ان يكون قد عقد بعيدا عن الاضواء بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومعاونَي الرئيس نبيه بري وامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، علي حسن خليل وحسين خليل، حسم مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين، على الا يكونا محسوبين من حصة عون او من حصة الحريري ويوافق عليهما الطرفان. وبحسب معلومات «الديار» فان رئيس الحكومة المكلف سيقوم على الاثر باعداد تشكيلة حكومية جديدة غير تلك التي اودعها رئيس الجمهورية قبل فترة تضم ٢٤ وزيرا من غير الحزبيين ولا ثلث معطل فيها لاحد، على ان يتوجه بها الى قصر بعبدا نهاية الاسبوع الجاري. وتقول مصادر مطلعة على عملية التكليف ان «هذه الخطوة من شأنها ان تكون حاسمة فاما يوقع رئيس الجمهورية التشكيلة ويصبح للبنان حكومة جديدة يمارس فيها عون والحريري المساكنة غصبا عنهما، او يصبح محسوما الا حكومة قبل الانتخابات النيابية المقبلة وما يعني ذلك من انهيارات بالجملة ومخاوف حقيقية على مصير الكيان، ما دفع كثيرين لاطلاق حلقات نقاش بعيدا عن الاضواء عن النظام الجديد الامثل للبنان في حال سقوط النظام الحالي بشكل رسمي قريبا».
وبما يتوافق مع ما قالته المصادر، توقع رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم امس ان يكون هذا الاسبوع حاسما بالنسبة الى الأزمة الحكومية لأن لبنان لم يعد بإمكانه التحمل، وجدد تأكيده بأن مشكلة لبنان داخلية مئة في المئة وأن كل الناس راغبة بمساعدة لبنان، وذلك بحسب ما نقل عنه نقيب المحررين جوزيف القصيفي. وقال بري « إن شاء الله تكون النتائج إيجابية وهناك إتصالات حثيثة تجري لتذليل العقبة او العقبتين المتبقيتين وليس أكثر». ورداً على سؤال حول أهمية الاجتماع الذي سيعقد في الفاتيكان في تموز المقبل بخصوص وضع لبنان، اعتبر بري ان «إجتماع الفاتيكان مهم جداً واهميته لما بعد تأليف الحكومة وهو دعوة صادقة لتقديم الدعم للبنان آنذاك، اذ يؤسفني القول أن الجو الدولي والعربي والعالم كله رحيم بلبنان اكثر من اللبنانيين انفسهم فإذا لم تقدم المساعدة لنفسك لا تستطيع ان تطلب المساعدة من الغير واكبر دليل المسعى الفرنسي».
وأضاف: «جميع الناس راغبة بمساعدة لبنان لكن يبقى على اللبنانيين ان يبدأوا بمساعدة انفسهم، هذا الكلام سمعته أمس من وفد البنك الدولي وأسمعه بإستمرار من السفراء الذين يزورونني».
ولفت يوم أمس ايضا ما أعلنته السفارة الروسية في لبنان عن تأجيل زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى موسكو للقاء وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف، متحدثة عن «ظرف استثنائي طرأ، وعن انه تم الاتفاق مع جنبلاط على تأجيل الزيارة التي كانت مقررة الى موعد لاحق يتم الاتفاق عليه».
ورفض مصدر قريب من جنبلاط التعليق على البيان واكتفى بالقول ان البيان واضح من دون ان يقدم اي تفسيرات عما قصده البيان ب»الظرف الاستثنائي الطارىء».
اضراب عام
وعلى وقع تدهور الاوضاع على المستويات كافة «وبعد تفاقم الأزمة وصولا إلى التهديد بالعتمة الشاملة وانقطاع كل أشكال التواصل»، أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في مؤتمر صحافي بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد، عن توصية بتنفيذ إضراب وطني شامل يوم الثلاثاء 15 الجاري، وعقد مؤتمر نقابي وطني موسّع «يحدَّد موعده في ضوء الاتصالات التي ستُجريها هيئة مكتب المجلس مع الجهات المعنيّة».
وفيما تواصلت ازمتا الدواء والمحروقات، قرر وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن اخضاع استيراد كل دواء مسجل في لبنان لآلية معينة، تقضي باستمرار دائرة الاستيراد والتصدير بالتوقيع على الفواتير العائدة لأدوية الأمراض المستعصية، البنج، حليب الرضع، وادوية اخرى. كما يخضع استيراد الأدوية الاخرى لشروط أخرى كتقديم جدول و proforma invoice وغيرها. ويعلّق موقتا استيراد اي دواء يوجد له مثيلان مصنّعان محليا، والأولوية لاستيراد الادوية الجنيسيّة.أما بالنسبة للادوية التي وصلت الى المرافئ قبل هذا القرار، فيوقع على ادخالها مع تعهد بعدم التصرف بها لحين موافقة وزارة الصحة.
من جهته، أشار ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا إلى أن بواخر المحروقات متوقفة ولا تُفرّغ بسبب عدم فتح الاعتمادات، مؤكدا أن سبب الازمة إشاعات رفع الدعم عن المحروقات كما عدم فتح الاعتمادات للبواخر.
وطالب أبو شقرا الاجهزة الامنية بتأمين الحماية على محطات المحروقات التي تشهد طوابير.
ورأى أن الطلب على المحروقات سيزيد في فصل الصيف والكميات التي تُؤمّن هي مسؤولية الدولة، معتبرا أن المواطن ليس له أي ذنب. وشدد أبو شقرا على أنهم بانتظار حل لهذه الازمة ولو لم يكن على المدى الطويل لأن الوضع القائم لم يعد يحتمل، مؤكدا التزامهم بتسعيرة وزارة الطاقة.
ولا يبدو ان القوى الامنية ستتمكن من تأمين الحماية اللازمة لكل محطات المحروقات علما انه كان قد تم نشر الكثير من هذه القوى امام بعض المحطات لتنظيم السير، وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» انه في معظم المناطق تتم الاستعانة بعناصر البلدية نتيجة الافتقار للعديد اللازم من القوى الامنية وهو ما كان قد تحدث عنه وزير الداخلية لافتا الى ان 90% من المهام لم تعد قوى الامن قادرة على انجازها». ونبهت المصادر من ان الانفجار الاجتماعي بات قاب قوسين او ادنى.