“ الكل بيقدم لقدام ولبنان بيرجع لورا”، فلا يكفي ما يعيشه لبنان واللبنانيون من أزمات سياسية ومعيشية واقتصادية لتُضاف إليها أزمة جديدة هي احتمال انقطاع الانترنت نتيجة ساعات تقنين الكهرباء القاسية والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في الأيام الأخيرة.
ازمة الكهرباء في لبنان أصبحت كقصة إبريق الزيت فقد أرهقت مالية الدولة على مدى سنوات ولم يتم إيجاد معالجة جذرية لها؟
نعم في الـ 2021 لبنان مهدد بانقطاع الكهرباء والانترنت، اي بالعودة الى العصر الحجري وإلى الحمام الزاجل نتيجة الفساد والهدر الذي لحق بكل القطاعات في هذا البلد، لاسيما قطاع الكهرباء الذي يشكل ثلث الدين العام في لبنان، والذي بلغ أكثر من 44 مليار دولار.
ومع التقنين القاسي في التيار الكهربائي وشحّ مادتي البنزين والمازوت، دق مدير عام هيئة “أوجيرو” المهندس عماد كريدية ناقوس الخطر، وحذر من ان الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي يتسبب بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لهيئة أوجيرو وزيادة الطلب على المحروقات التي باتت نادرة هي ايضاً، وبالتالي فان استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جدياً امكانية استمرار اوجيرو بتقديم الخدمات“.
كلام كريدية الذي أثار بلبلة وهلعا لدى اللبنانيين أوضحه في حديث لـ “لبنان 24″ فقال “ان ما نُقل عنه عن إمكانية انقطاع الانترنت في لبنان بعد أسبوعين، لم يكن دقيقاً، وقال: “لم أحدد أي مهلة زمنية لانقطاع الشبكة، ولكنني أطلقت التحذير لاستباق وقوع الكارثة المرتبطة بعدم توفر الطاقة في لبنان“.
وتداركا للوضع أصدر رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب موافقة استثنائية لتغطية سلفة الخزينة لمؤسسة “كهرباء لبنان” لشراء المحروقات، ما يعني ان هذا الامر أجّل أزمة انقطاع الكهرباء والانترنت ما بين شهر وشهرين، اي بما معناه حقن قطاع الكهرباء والانترنت بـ” ابرة مورفين” تؤجل المشكلة.
اما وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال طلال حواط، فقال أنه “على الرغم من الازمة التي يمرّ بها لبنان، الا ان قطاع الاتصالات لن ينقطع طالما ان مصرف لبنان يؤمن الاعتمادات اللازمة لشراء الفيول” وقال: “طبعاً اذا لم تتوافر مادة “الفيول” سيتوقف الانترنت، ونحن لسنا حالياً في هذه المرحلة“.
البدائل في حال انقطاع الانترنت
إذا شبح انقطاع الكهرباء أُبعد لفترة ولا حل له على المدى المنظور، ليبقى السؤال الأهم ماذا عن البدائل في حال انقطاع الانترنت؟
الإنترنت عبر الأقمار الصناعية
فكرة الإنترنت الفضائي شبيهة بفكرة الهوائيات وأطباق الاتصال التقليدية لذلك فللاشتراك بالخدمة يستوجب شراء صحن وجهاز استقبال Receiver. والمميز فيه أنه لا يجب توجيهه إلى قمر معين بل يكفي توجيهه للسماء ليبدأ في استقبال الإشارة من الأقمار القريبة المدى.
ويتميز هذا النوع من الاتصال بالشبكة العنكبوتية بسرعة اتصال فائقة من دون الحاجة للتيار الكهربائي، وهو ما يجعلها بديلا مهما للانترنت عبر المودم أو غيرها من الطرق التقليدية الأرضية.
في الخارج، تكلفة الإنترنت من الفضاء تصل إلى حوالي 60 يورو في الشهر، وهي تكلفة باهظة بالمقارنة مع الإنترنت الأرضي ولكنها تبقى جذابة، خاصة بالنسبة للشركات التي تعتمد بشكل كبير على الإنترنت.
ففي حال انقطاع التيار الكهربائي يشكل الإنترنت الفضائي بديلا مهما لتفادي خسائر مادية كبيرة ناجمة عن توقيف العمل أو إبرام صفقات مهمة. وبالإضافة إلى ذلك فإن الإنترنت الفضائي قد يكون حلا مثاليا في المناطق النائية، التي لا تتوافر فيها شبكة كهربائية جيدة. كما يمكن الاعتماد عليها في حالة وقوع الكوارث الطبيعية للتواصل مع العالم الخارجي دون الحاجة للتيار الكهربائي. وتستخدم هذه التقنية أيضا بشكل كبير على متن السفن لاستقبال الإنترنت في أعماق البحار.
ولا يقتصر الأمر على الاستعمال المنزلي أو داخل بنايات المؤسسات والشركات، فالهواتف المحمولة أيضا تستطيع استقبال “الإنترنت الفضائي” والاستفادة من مميزاته وسرعته الفائقة من خلال تأجير الخدمة لمشغلي شبكات الاتصال الحاليين وبثها عبر أبراج الاتصالات التقليدية التي تستقبل الهواتف إشاراتها.
ولكن هل هذا الأمر مُتاح في لبنان؟
من المعروف ان عملية استجرار الإنترنت الى لبنان، تتم عبر كابل بحري يؤمن وصل لبنان بالشبكة العنكبوتية وتدفع الدولة اللبنانية كلفته بالدولار، وهو يصل عبر “أوجيرو” المزوّد الوحيد لهذه الخدمة التي تقوم بدورها بتوزيعها في لبنان مباشرة او عبر شركات الاتصالات وشركات تقديم الخدمات.
مهندس الاتصالات والكمبيوتر سلوم الدحداح من شركة (WPS) أوضح لـ “لبنان24” ان تقنية الانترنت عبر الأقمار الصناعية “كلفتها عالية جدا فخلال 6 أشهر يجب ان تدفع الشركات نحو 40 ألف دولار “فريش” للحصول على هذه الخدمة، وهي لا تساعد كثيرا العمل في المصارف ووسائل الاعلام لأنه لا يمكن مشاهدة فيديو عليها، وهي غير موجودة حاليا في لبنان“.
وأشار الدحداح إلى “ان مشكلة الانترنت لا تقتصر فقط على تأمين الكهرباء والمازوت فهناك مشكلة الصيانة، ففي حال طرأ عطل ما على أي قطعة أصبح من الصعب تصليحها او شراء غيرها بسبب أزمة الدولار وفقدانه من السوق، كما ان هناك مشكلة دفع الاشتراكات إلى الخارج“.
واعتبر الدحداح “ان الحل قد يكون استجرار الانترنت بطريقة غير شرعية عبر الساتيلايت، وهذا أمر ممنوع ولكن قد تضطر الدولة لاعتماده في حال انقطاع الانترنت كلياً”.
المصدر : سكوبات عالمية