نون -اللواء
كل شيء في الدولة العلية يأتي متأخراً، وبعد خراب البصرة!
آخر فصول التقصير والمعالجة المتأخرة قرار السلفة الإستثنائية لمؤسسة الكهرباء ، لتأمين تسديد اعتمادات الفيول المحمول على البواخر المنتظرة في البحر، محمّلة الخزينة اللبنانية المزيد من مبالغ البينالتي بآلاف الدولارات عن كل يوم تأخير.
المفارقة التي لم يستطع أحد من جهابذة الكهرباء إيجاد تفسير مقنع، تكمن بأن المؤسسة تُهمل تحصيل فواتير المشتركين، والتي تُقدر بمئات المليارات من الليرات شهرياً، ولا تُحاسب شركات الجباية التي تتقاضى عمولات بنسب تصل إلى ٣ بالمئة، على تقصيرها في عمليات الجباية، أو حتى عن تأخيرها في تسديد المبالغ المجباة لصندوق مؤسسة الكهرباء التي تُعاني عجزا دائماً ومزمناً، وتضطر دوماً إلى اللهث وراء سلف من خارج الميزانية، تثير الكثير من الجدل والريبة، وتُفاقم الديون المتراكمة على الكهرباء.
لم نعرف بلداً في العالم، حتى في مجاهل أفريقيا أو جمهوريات الموز، بلغت ديون الكهرباء ٤٠ مليار دولار، أي ما يقارب نصف مديونية لبنان،وأن تكون هناك خطة واضحة وعملية لإيجاد حل جذري لأزمة إستنزفت أموال دافع الضرائب اللبناني، وألحقت أضراراً فادحة بالإقتصاد الوطني، بسبب الكلفة المضاعفة لإنتاج الطاقة، ونشر سياسة المولدات الكهربائية في الأحياء والبلدات على امتداد الوطن، التي شكلت مع الوقت دورة إقتصادية مقفلة، بلغت أرقامها المليارات من الليرات شهرياً، وشكلت قناة رئيسية لتنفيع الأزلام والمحاسيب العاملين لمصلحة الزعماء، حماة الفساد في ملف الكهرباء.
وجاءت فضيحة العمولات الفلكية في صفقة البواخر التركية لتكشف مرة أخرى حجم الفساد المستشري في أزمة الكهرباء، والذي كان أحد الأسباب الرئيسية لتعطيل مشاريع بناء محطات التوليد، وإيجاد الحلول الجذرية لقضية عمرها أكثر من ثلاثين سنة.
الطريف أن مشكلة الدولة اللبنانية مع الشركة التركية ليست فريدة من نوعها، بل تكاد تكون نسخة طبق الأصل لمشكلة مشابهة للشركة نفسها حصلت مع دولة باكستان قبل حوالي عشر سنوات، وتم إبلاغ وزارتي الخارجية والطاقة بتفصيل هذا الخلاف الباكستاني مع الأتراك، بتقرير ديبلوماسي من قنصل لبنان في إسطنبول يومذاك الأمين العام للخارجية اليوم السفير هاني الشميطلي محذراً من تكرار التجربة ومخاطرها مع الشركة التركية.
كالعادة المعالجات جاءت متأخرة.. والعمولات كانت هي المرجحة للصفقة المشبوهة، والوجه الآخر للسلف الكهربائية!