يحاول النواب المستقيلون بناء تنظيم أو إطار عمل شبيه بالحزبي إلى حدّ ما، وذلك من أجل خوض الإنتخابات وتحقيق أرقام متقدّمة.
وفي السياق، لا بدّ من إلقاء نظرة على التركيبات والتحالفات التي بدأت تتبلور من الآن وصاعداً ولو لم تأخذ شكلها النهائي بعد. وتنقسم القوى بين قوى مدنية وتنظيمات من المجتمع المدني وبين قوى سياسية لديها إمتدادات شعبية خصوصاً في الوسط المسيحي. ويأتي تجمّع النواب المستقيلين كبداية لانطلاق لوائح معارضة، ويحاول هؤلاء النواب والقوى والأحزاب رسم خريطة طريق وتأليف لوائح مشتركة مع بعض تنظيمات المجتمع المدني، وتصرّ هذه القوى على التحالف مع منظمات من المجتمع المدني ذات خطاب سيادي واستقلالي وليس فقط تلك التي تحكي خطاباً إصلاحياً.
وتتركّز معارك هذه القوى في الدوائر المسيحية بعدما أخذت جرعة دعم من اللقاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وتعتقد هذه القوى أن بإمكانها أن تخوض معركة “كسر عضم” ليس فقط مع “التيار الوطني الحرّ” بل مع كل القوى المسيحية الأخرى.
وفي السياق، فإن معارك النواب المستقيلين ستتركّز في 4 دوائر مسيحية أساسية هي: دائرة الشمال الثالثة التي تضم أقضية البترون والكورة وبشري وزغرتا، دائرة المتن الشمالي، دائرة كسروان – جبيل، ودائرة الأشرفية والصيفي والرميل والمدوّر.
وستخوض هذه القوى الإنتخابات في هذه الأقضية متّكلة على شخصيات تُشكّل العمود الفقري لمعركتها، والجدير ذكره أن النواب المستقيلين هم: نعمة افرام، ميشال معوّض، نديم الجميل، بولا يعقوبيان، الياس حنكش، سامي الجميل، إضافة إلى النائبين من كتلة “اللقاء الديموقراطي” مروان حمادة وهنري حلو اللذين يغرّدان خارج سرب زملائهما الذين استقالوا.
وفي التفاصيل، فان دائرة الشمال المسيحي ستشهد أقسى معركة في لبنان لأنها دائرة المرشحين الثلاثة لرئاسة الجمهورية، أي الدكتور سمير جعجع والنائب السابق سليمان فرنجية والنائب جبران باسيل، ويحاول معوّض الذي يحظى بدعم أميركي الدخول بين نادي الموارنة المتقدّمين رئاسياً، لذلك بدأ تركيب لائحته باكراً وقد حسم التحالف مع “الكتائب”، حيث سيكون النائب السابق سامر سعادة إلى جانبه في البترون إذا رشّحه حزب “الكتائب”، في حين أن هناك خياراً متقدّماً للتحالف مع نبيل فريد مكاري في الكورة بينما يبدو خيار التحالف مع النائب السابق بطرس حرب أو المرشح وليم جبران طوق متدنياً لكن من دون إسقاطه من الحسابات الإنتخابية، وبالتالي فإن هذه اللائحة ستقاتل من أجل ضمان مقعد معوض ومحاولة الفوز بمقعدٍ ثانٍ في دائرة تضم 10 نواب مسيحيين، علماً أن الحاصل الإنتخابي في آخر إنتخابات تدنّى ولم يتجاوز 11 ألف صوت.
الدائرة الثانية التي سيحاول النواب المستقيلون تسجيل إنتصار فيها هي عاصمة الموارنة كسروان التي تُشكّل مع جبيل دائرة واحدة، ويُشكّل افرام العمود الفقري في اللائحة ويستطيع بمفرده الحصول على الحاصل، لكن حتى الساعة لم تحسم أسماء بقية المرشحين الكسروانيين، والمحسوم أن لحزب “الكتائب” مرشحاً كسروانياً، في حين أنه قد تحالف في الإنتخابات الماضية مع النائب السابق فارس سعيد والنائب فريد هيكل الخازن، لكن ربما الصراع بين معوض وفرنجية في زغرتا والشمال سيمنع حصول مثل هكذا تحالف كسرواني مع الخازن لأن معوّض يصرّ على أن تكون اللوائح ذات طابع سيادي.
أما دائرة المتن التي تضم 8 مقاعد مسيحية، فإن سامي الجميل سيحاول تثبيت زعامته مستفيداً من ضعف “التيار الوطني الحرّ”، لكن حتى الساعة، كل خطابات الجميل لم تنعكس على أرض الواقع بحسب الإحصاءات الأولية، وبالتالي فإن المعركة تبدأ من الحفاظ على مقعده ومن ثم الإنطلاق للفوز بمقعد ثانٍ.
وفي حين أن الدوائر الثلاث التي ذكرناها لا يوجد فيها “مشاكل” حقيقية، إلا أن النواب المستقيلين سيواجهون مشكلة كبرى في الأشرفية، فيعقوبيان تشكّل العمود الفقري للمجتمع المدني في هذه الدائرة وخاضت أشرس معركة في وجه العهد وفريقه ومناصريه وتعرّضت للكثير منهم، في حين أن الرمزية التاريخية تذهب لنديم الجميل الذي يُصرّ على التحالف مع “القوات اللبنانية” وليس مع المجتمع المدني، لذلك ستكون هناك عقبة كبرى في هذه الدائرة بالنسبة إلى حزب الكتائب.
وفي السياق، فإن أي تحالف بين هذه القوى و”القوات اللبنانية” لا يزال مستبعداً، بل الخيار سيكون التحالف مع بعض تنظيمات المجتمع المدني، وبالتالي هناك داخل مجموعة النواب المستقيلين طامحون لرئاسة الجمهورية، لذلك ستشهد هذه الدوائر أشرس معركة حتى داخل أهل البيت الواحد.