كلير شكر-نداء الوطن
يتعامل بعض الطبقة السياسية مع الأحداث والمجريات على قاعدة أن لا حكومة إلا بعد الانتخابات النيابية، بحيث ستؤول مهمة الاشراف على هذا الاستحقاق إلى حكومة حسان دياب المستقيلة… وفي أحسن الأحوال قد يتم تأليف حكومة انتقالية تكون مهمتها محصورة بإجراء الانتخابات التي يُنتظر منها أن تكون مدخلاً لمرحلة جديدة، أقله هكذا يريدها المجتمع الدولي ومجموعات الحراك المدني. وعليه يصير السؤال: هل سيصار إلى تعديل قانون الانتخابات؟
الأكيد أنّ لكل الأطراف السياسية، صاحبة السلطة التشريعية في ادخال التعديلات على القانون، ملاحظات تتفاوت بين فريق وآخر. لكنها في المقابل، غير متفاهمة على سلّة التغييرات المُراد ضمّها إلى متن القانون، حيث يكتفي البعض بقليل من التعديلات الثانوية فيما يطمح البعض الآخر إلى ادخال تعديلات جذرية من شأنها أن تعرّض القانون للنسف الكلّيّ.
ويتبيّن أنّ القوى المسيحية وتحديداً “التيار الوطني الحر” و”القوات” هي أكثر القوى السياسية تمسّكاً بالقانون الحالي، في عناوينه العريضة، أي حجم الدوائر، والصوت التفضيلي الواحد، لخشيتها من ادخال القانون مطبخ التعديلات فيخرج منه على شكل قانون جديد قد يعرّض مصالحهما الانتخابية للخطر.
في المقابل، فإنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يبدي حماسة لوضع القانون على المشرحة لإعادة النظر بمندرجاته تحت عنوان توسيع حجم الدوائر، فيما يرى بعض خصومه أنّ جلّ ما يريده بري هو ضمّ صوت تفضيلي ثان إلى القانون ليصيرا صوتين تحسيناً لموقع “حركة أمل” الانتخابي، إلا أنّ هذا الطرح قد يلاقي معارضة من القوى المسيحية التي تخشى من تأثير الصوت غير المسيحي في الدوائر المختلطة، منها على سبيل المثال دائرة بعبدا حيث يمكن لفائض الصوت الدرزي أن يؤثر على مقعد مسيحي.
بالتوازي، فإنّ “تيار المستقبل” هو أكثر المتحمسين لإخضاع القانون لتعديلات جوهرية حيث يتردد أنّ مسؤولين سعوديين فاتحوا أكثر من مسؤول لبناني برفضهم القانون الحالي وتشجيعهم على تعديله على نحو جذري. ولكن نظراً لغياب التفاهم السياسي حول التعديلات، تصير امكانية التغيير صعبة جداً، ولو حتى في ما يخص بعض المندرجات الثانوية، مع أنّ القانون سيخضع حكماً لتنقيحات محددة تتصل بالبطاقة الممغنطة، الميغاسنتر، نواب الاغتراب… وقد تكون مشاركة المغتربين في الاستحقاق موضع نقاش، واستطراداً، الى تعليق اذا عجزت الحكومة عن تأمين مستلزمات الاستحقاق اللوجستية في السفارات اللبنانية في ضوء الافلاس الذي يصيب بعثات لبنان في الخارج.
ولهذا يسود الاعتقاد أنّ القانون قد ينفذ من خرم التعديل ليحافظ على صيغته الحالية لا سيما في ما خصّ حجم الدوائر وعدد الأصوات التفضيلية خصوصاً وأنّ ثمة اجماعاً على النظام النسبي ولا نية لأي فريق أساسي للعودة إلى النظام الأكثري… إلا اذا ضرب التمديد من جديد هيكل مجلس النواب وأطاح بالاستحقاق النيابي لاعتبارات سياسية ترتبط برغبة الثنائي الشيعي بتوظيف حالة الانهيار الحاصلة لفرض تعديل جوهري على النظام السياسي، قد يكون قانون الانتخابات واحداً من جدول أعماله. ولكن في المقابل، يقول بعض النواب المواكبين، إنّ للطبقة السياسية مصلحة في احترام المواعيد الدستورية لا سيما في ما يخصّ الاستحقاق النيابي لسببين:
الأول يرتبط برغبة المجتمع الدولي اخضاع الشارع اللبناني لاختبار صناديق الاقتراع وبالتالي لا مصلحة للطبقة السياسية في معارضة هذا التوجه، وهي التي باتت فاقدة للشرعية الدولية وتفضل عدم تحمّل مسؤولية تعطيل الاستحقاق، لا بل تفضل اثبات حضورها الشعبي أمام المجتمع الدولي.
الثاني يتصل بسعي القوى السياسية لا سيما المسيحية منها، وفي طليعتها “التيار الوطني الحر” إلى تجديد شرعيتها الشعبية، فيما “القوات” تعتقد بأنّها ستحسّن موقعها النيابي، خصوصاً وأنّ القوى السياسية مقتنعة أنّ مجموعات الحراك المدني عاجزة عن تحقيق انتصارات كبيرة من شأنها أن تغيّر كثيراً في موازين مجلس النواب.