بولا مراد- الديار
في الوقت الذي تبذل «حركة أمل»جهودا شتى لعدم فتح الجبهة مجددا مع «التيار الوطني الحر» على خلفية الملف الحكومي ، حرصا على الحظوظ القليلة المتبقية لمبادرة رئيسها نبيه بري، يبدو حزب الله الذي لطالما كان مُتفهّما لمطالب وشروط العونيين، هو الآخر ممتعضا لما آل اليه الوضع الحكومي، فهو وان كان مقتنعا الى حد بعيد بتلكؤ الحريري عن التشكيل نتيجة انتظاره ضوءا اخضر سعوديا لن يأتي، الا انه كان ولا يزال يضغط على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس «الوطني الحر» جبران باسيل لاسقاط كل الحجج التي يتحدث عنها الحريري، وابرزها موضوع تسمية الوزيرين المسيحيين من خارج حصة الرئيس عون.
وتعتبر مصادر «الثنائي» ان الطرفين المعنيين بعملية التشكيل يؤخران ويعطلان التأليف، بعدما تحوّل المشكل بينهما من سياسي الى شخصي بشكل اساسي، وخاصة من قبل عون الذي بات يعتبر انه من الصعب التعايش مع الحريري في حكومة واحدة، وتشير المصادر الى انه «وان كان الحريري مترددا بانجاز التشكيل، بانتظار اشارات ومعطيات خارجية، فهناك امكانية لاحراجه واجباره على التأليف لو اراد عون وباسيل ذلك». وتتساءل المصادر:»طالما اعلن رئيس الجمهورية التخلي عن الثلث المعطل، لماذا لا يسقط حجة الوزيرين المسيحيين ونضع الحريري امام الامر الواقع، فاما يُنجز التشكيل والا يظهر معطلا اساسيا للعملية ككل؟!»
وفيما يحاول «الثنائي الشيعي» حاليا اعطاء جرعة تنفس اصطناعي لمبادرة بري التي تشظت نتيجة حرب البيانات بين «بيت الوسط» وبعبدا، يصطدم على حد قول المصادر، بتشدد الرئيس عون لجهة نفاذ الوقت والمهلة التي اعطيت لهذه المبادرة، من منطلق ان آخر ما تريده بعبدا ان تتحول غطاء لتعطيل ما تبقى من العهد. ولعل ما صدر عن عضو تكتل «لبنان القوي» النائب زياد أسود أخيرا لجهة قوله ان «بري هو المحرك الاساسي للقضاء على العهد والمسؤول عن تعطيل البلد»، قد يكون بداية لاعلان المواجهة والحرب العلنية المفتوحة على بري، على ان تشمل ايضا حزب الله في حال اصر على تمترسه الى جانب حليفه الشيعي.
وتعتبر مصادر سياسية مطلعة على الحراك الحاصل ان «العونيين خسروا كل شيء ولم يعد هناك شيء ليخسروه اكثر من عهد عون وحظوظ باسيل الرئاسية، من هنا، يخططون للتحرك في الاسابيع او الاشهر المقبلة على قاعدة «عليي وعلى اعدائي»، خاصة واننا بتنا على قاب قوسين او ادنى من موعد الانتخابات النيابية التي تتطلب تجييشا غير مسبوق بعد «انتفاضة ١٧ تشرين الاول» والتراجع المدوي في شعبية «التيار».
وجاء التلويح العوني العلني والمباشر بحل مجلس النواب عبر تقديم اقتراح قانون لتقصير ولايته او عبر تقديم نواب «لبنان القوي»استقالاتهم ما سيدفع تلقائيا نواب «الجمهورية القوية» بملاقاتهم ما يعني سقوط الغطاء المسيحي عن البرلمان الحالي، ليفاقم الاحوال مع «الثنائي الشيعي» الذي لا يبدو متحمسا على الاطلاق لطرح مماثل. وبحسب المعلومات يدفع حزب الله بقوة باتجاه سحب قيادة «التيار» لطرح اسقاط المجلس من التداول، خاصة بعد تحوّل بعض الانتقادات لطائفية من خلال استهجان البعض ما يقولون انه «دفع عوني لفراغ في سدة رئاستي الحكومة والبرلمان»،وان كانت هذه الخطوة يفترض ان تؤدي مباشرة الى انتخابات نيابية مبكرة. ويبدو انه وفي حال تمسك «التيار» بهذا الطرح اذا وصلت الامور معه الى حائط مسدود، فان بري قد يتصدى له وسيرفض اقالة المجلس وسيتلطى بكتلة رئيس «المردة» سليمان فرنجية وبعض النواب المسيحيين لتأمين الميثاقية المسيحية، وهم الذي كلفوا الحريري الذي لم يحظ بتأييد الكتل المسيحية الكبيرة.
اذا، هو خلط اوراق غير مسبوق سنكون مقبلين عليه في الاسابيع القليلة المقبلة، مع وصول عملية تشكيل الحكومة مجددا الى حائط مسدود، وقد يكون من الاجدى شد احزمة الامان خاصة وان الازمة السياسية تترافق مع ازمتين اقتصادية واجتماعية غير مسبوقتين اوشكا بلوغ مرحلتهما القصوى!