نتنياهو مشغول بإيران لكن المخاطر الأمنية المباشرة هي في غزة والقدس

“هآرتس”

عاموس هرئيل – محلل عسكري

العصبية المتزايدة في المجال السياسي، مع اقتراب مفاوضات إقامة حكومة تغيير من خط النهاية تنزلق أيضاً إلى توترات في المجال الأمني. أمس اندلع في اللحظة الأخيرة حريق صغير – لا أساس حقيقياً له- في الساحة الإيرانية. لكن الخطر الأكبر هو عدم الاستقرار الذي تنطوي عليه المواجهات من دون حل في غزة، وأيضاً إمكان اندلاع مواجهات إضافية في القدس.
أمس (الثلاثاء) وفي أثناء حفل تغيير رئيس الموساد تطرّق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى التهديد الإيراني، وضمّن كلامه تلميحات إلى إدارة بايدن. “إذا اضطررنا إلى الاختيار، وآمل ألاّ يحدث ذلك، بين الاحتكاك مع صديقتنا الكبيرة الولايات المتحدة وبين القضاء على تهديد وجودي [سلاح نووي إيراني] – القضاء على التهديد الوجودي هو الذي يغلب”، قال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه.
بعد وقت قصير على ذلك أصدر وزير الدفاع بياناً غمز فيه من قناة نتنياهو. قال غانتس إن إيران هي فعلاً “تهديد وجودي لاستقرار المنطقة والسلام في العالم”، لكن إسرائيل هي أقوى دولة في المنطقة، “وإذا كان هناك خلافات مع الولايات المتحدة، فإنها تُحلّ في حوار في الغرف المغلقة وليس في حديث استفزازي يمكن أن يؤذي أمن إسرائيل.”
مضمون كلام نتنياهو لا يشذ بصورة واضحة عن مضمون تصريحاته السابقة. لكن فعلياً ثمة شك كبير في أن إسرائيل قادرة على معالجة التهديد النووي الإيراني من الناحية العسكرية بمفردها. علاوة على ذلك، من الصعب جداً أن نتخيل نجاح نتنياهو في فرض خطوة كهذه على القيادة الأمنية في ذروة مواجهة سياسية قد تنتهي هذه المرة بخسارته.
وعلى عكس ما نُشر أمس، الأميركيون لا يتخوفون فعلاً من أن يأمر نتنياهو بمثل هذا الهجوم في وقت قد يكون الأسبوع الأخير له في منصبه. لديهم الكثير من أجهزة الاستشعار في إسرائيل كي يعرفوا ما هي النيات. ولا علاقة للرحلة المقررة لغانتس هذه الليلة إلى واشنطن بتهديد إسرائيلي جديد لإيران، لكنها تتعلق في الأساس بالحاجة الماسة إلى ملء مخازن السلاح.
السيناتور الجمهوري ليندزي غراهام الذي التقى غانتس في إسرائيل أمس، شرح الخلفية الحقيقية للزيارة في مقابلة مع الشبكة التلڤزيونية المحافظة “فوكس”. وقال وزير الدفاع إنه سيطلب من الإدارة مساعدة طارئة توازي مليار دولار لشراء المزيد من الصواريخ الاعتراضية لبطاريات القبة الحديدية. ويمكن الافتراض أن إسرائيل ستكون مهتمة أيضاً بتزويد سلاح الجو بسلاح دقيق.
وكما بدا من كلام غانتس لوسائل الإعلام، وأيضاً أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين، فإن إسرائيل مدركة أن الإدارة الأميركية تتوجه نحو توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران. وهي (إسرائيل) تريد استخدام هذا التوجه إلى جانب جولة القتال الأخيرة في غزة من أجل الحصول على مساعدة أميركية إضافية، ولاحقاً رزمة تعويضات واسعة في مجال المشتريات الأمنية، وربما أيضاً بادرات واتفاقات أُخرى.
المخاطر المباشرة موجودة في ساحات أُخرى. وكما ذكرنا، القدس لا تزال قابلة للاشتعال. ويبدو أن الأمور ليست مستقرة في قطاع غزة؟ وقف إطلاق النار الذي دخل في حيز التنفيذ في 21 أيار/مايو لا يزال عموماً قائماً، لكنه لم يُدعَم باتفاق شامل. كل ما حققه الوسطاء المصريون حتى الآن هو تعهدات متبادلة بالهدوء في مقابل الهدوء.
لكن على الرغم من عدم إطلاق قذائف من القطاع، ازدادت الحرائق في حقول غلاف غزة وبالقرب من الحدود. وهناك حدود لعدد المرات التي تستطيع السلطات المحلية من خلالها إقناع الجمهور بأن ما يجري هو فقط حرائق سببها الطقس الحار، وليست حرائق متعمدة بواسطة البالونات المشتعلة.
في ختام عملية “حارس الأسوار” أعلن رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان بصورة احتفالية أن هذه المرة ستُطبّق معادلة أمنية جديدة في القطاع. إسرائيل لن تضبط نفسها بعد الآن إزاء أي استفزاز من غزة، وحساب صاروخ يُطلَق على سديروت سيكون كحساب صاروخ يُطلَق على تل أبيب. المشكلة في مثل هذه التصريحات أنها طبعاً تخلق إغراء كبيراً للطرف الثاني لاختبار هذا الكلام.
على كل حال “حماس” ملزمة بالاستخبارات المصرية ولا تزال مشغولة في تسويق سردية انتصارها في غزة. ومن المحتمل أن تضبط الحركة نفسها في مثل هذه الظروف. لكن ماذا عن أي فصيل مارق في رفح يتعامل مع وقف إطلاق النار كرهينة؟ لكنه قد يتحرك عندما يعلم بأنه يستطيع أيضاً عرقلة المفاوضات الائتلافية في إسرائيل بواسطة إطلاق صاروخ واحد؟
لذا، تنتظرنا أيام عصيبة في الساحتين الأمنيتين في القدس وغزة. والتوترات لن تنتهي بالضرورة مع حل العقدة الائتلافية، لأسباب خاصة بها لا تتعلق فقط بالأزمة السياسية المتواصلة في إسرائيل

Exit mobile version