نظم ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ندوة إفتراضية بشأن التداعيات العسكرية، الإستراتيجية والسياسية لحرب “سيف القدس” وإنتفاضة فلسطين الأخيرة ، شارك فيها الوزيران السابقان الدكتور عدنان منصور والدكتور نقولا تويني والخبيران في الشؤون الإستراتيجية العميد المتقاعد د. محمد عباس والعميد المتقاعد شارل أبي نادر ، وعدد كبير من الفعاليات السياسية والفكرية والإعلامية والإجتماعية والثقافية.
أبو زيد :
قدّم اللقاء الكاتب والإعلامي الأستاذ سركيس أبو زيد الذي اعتبر أنه وقبل العدوان على فلسطين كان هناك انطباع أن القضية قد صفيت إثر صدور قرار صفقة القرن والتطبيع مع العدو الصهيوني إضافة الى تجاهل المجتمع الدولي وتغييب أولوية القضية بين الدول العربية ، والخلافات الحاصلة بين الفصائل ، ولكن بعد الهبة الاخيرة أظهر الأبطال تغييرًا في المعادلة ما أعاد الاعتبار إلى القضية وأدخل الكيان في مأزق يؤشر لبداية زوال” إسرائيل”.
حمود :
ثم كانت كلمة لمنسق الملتقى الدكتور طلال حمود ، أكدّ فيها أن الحرب على فلسطين قائمة منذ عقود خلت وعلى غزة منذ عقد ونيف وتجددت في الأسابيع الاخيرة ، حيث تابع العالم جولات العدوان المتكررة والمتصاعدة على الشعب الفلسطيني، بحيث أن حياة الفلسطينيين باتت تخضع لسيطرة نزوات حكومات الإحتلال وقرارات المحاكم الإسرائيلية ووحشية سلاح ما يُسمّى ب”جيش الدفاع الإسرائيلي” وهو آلة ضغط عنصرية ضد الشعب الفلسطيني لم تعرف لها البشرية مثيلًا في العالم فهي تنتهك القانون الدولي وتعمل بصلافة تحت مجهر المجتمع الدولي النيو ليبرالي المنحاز دائماً لعنصريتهم ووحشيتهم.
وتابع حمود: لطالما كان وجود “اسرائيل” مصدر تهديد رئيسي لأمن الوطن العربي وإستقراره من المحيط الى الخليج, والوقائع كثيرة في هذا الصدد . ولمن يُطالبون بالحياد او بغيره من سياسات تطبيعية مُغلّفة بعناوين الرفاه والإزدهار والسلام والتعايش والتسامح نقول : لن تختفي ابداً المخاطر الإسرائيلية على لبنان منذ تأسيس هذا الكيان الغاصب وقد زدات هذه المخاطر بقوة بعد انتصار المقاومة بعد تحرير الجنوب عام 2000 وعدوان تموز 2006، إذ ما زالت بؤرة الصراع المُتمثّل بالإحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية قائمة ولا تزال “إسرائيل” تتربص بنا الدوائر لرد إعتبارها بعد هزيمتها النكراء وهي تطمع بكل تأكيد بأرضنا ومياهنا وثرواتنا ونفطنا.
عباس :
من جهته أشار العميد المتقاعد د. محمد عباس أن توازن الردع حصل بعد عمل تراكمي وجهود جبارة للمقاومة ، بدأت عام 2000 في لبنان
وألهمت الشعب الفلسطيني
وحطمت المرتكزات التي اعتمدها العدو كإمتلاك قدرة ردع بسلاح نووي وعسكري واستخباري والتفوق النوعي وخوض الحروب الخاطفة خارج الكيان واخيرا سياسة التوسع لحماية الحدود والاستقواء بالخارج، وعرج على المحطات البارزة التي شهدت تطور المقاومة اللبنانية منذ انسحاب عام 1985 وفي حرب عامي1993 و 1996 وحتى انتصار عام 2000 الذي قضى على حلم “اسرائيل” بالتوسع نهائيا وجسدت حرب 2006 كل ما سبق من انجازات وضعضعت ركائز الأمن الصهيوني؛ بتعرض عمق الكيان للقصف الصاروخي لمدة شهر، ولأول مرة في تاريخه.
وتابع : ان انتصارات المقاومة اللبنانية ألهمت الدروس والعبر لحركات المقاومة لتمر تلك الاخيرة بأربع محطات تبدأ من عدوان 2008 على غزة مرورا بعدوان ال 2013 و 2014 لترسي المقاومة توازنات ردع معقولة لتأتي عملية سيف القدس بإنجازات كبيرة على المستوى السياسي وتحقيق إصابات قاتلة لكل عناصر ومرتكزات الأمن الصهيوني التي ذكرت آنفا وأبرزها تآكل قدرة الردع للعدو وضعف استخباري وفشل سلاح الجو بحسم المعركة وحده وغياب دور القوات البرية والمراهنة على القبة الصاروخية التي اظهرت فشلا وسقوط فكرة الكثرة مقابل القلة حيث حاذر العدو من المواجهة المباشرة، أما مبدا الحروب الخاطفة ففشل فشلا ذريعا، وسيبدأ العدو بتقييم ما حصل ودراسة البدائل الممكنة عن الحرب لأن الأخيرة قد تهدد بزواله، وختم : إن السلطة الفلسطينية سقطت مع أوسلو وفقدت ثقة الشعب وعلى القوى الفلسطينية السياسية الممثلة لفصائل المقاومة تشكيل جبهة موحدة تنضوي تحت منظمة التحرير وتنتهج نهجا مغايرا بالتفاوض لا يقدم التنازلات مسبقًا.
أبي نادر
العميد المتقاعد أ.شارل أبي نادر إعتبر أن المواجهة الاخيرة لم تكن مختلفة عما حدث سابقا من قبل العدو الاسرائيلي، ولكن، اللافت هو في طريقة مواجهة المقاومة ضد العدوان، وأكمل : لقد خططت المقاومة الفلسطينية بمنهجية وبتحضير دام عدة سنوات لكافة الاحتمالات فثبتت قواعد لإطلاق الصواريخ وشبكة اخطبوطية من الأنفاق متطورة بتقنيتها بكافة الاتجاهات؛ أفشلت العدو في إمكانية الرد، بالاضافة للصواريخ المجهزة بشكل اعجز القبة الحديدية عن التصدي لها منذ خمس سنوات بعد اعتداء غزة طورت فيها المقاومة من اسلوب المواجهة بشكل سري ومحصن أمنيا مما ثبت نجاح المقاومة كما ثبت انها بيئة مقفلة من اي اختراق من العدو وهو نجاح استخباري ايضا.
واضاف ان المواجهة كانت من كافة المناطق وهذا التنسيق بين المناطق ولو كان عفويا انما هو متناغم ومترابط ، ما اعطى موقفا صادما للعدو، بالإضافة إلى تضافر كل الجهود على مستوى الاعلام والدفاع والصمود وهذه الوحدة الفلسطينية هي سلاح نوعي و رسالة مهمة للجميع الان ومستقبلا، ما اسقط كل محاولات تمييع القضية تحت عناوين مثل التطبيع وغيرها.
منصور
أما الوزير السابق د. عدنان منصور فقال إن العدوان الاخير هو مفصل تاريخي بانتقالنا من انتفاضة الحارة الى الصواريخ والمعادلة تغيرت لتصبح المقاومة على مساحة فلسطين كلها وهي انتفاضة بمعنى مختلف ، وتطورات جديدة “فاسرائيل” كانت حريصة على فك هذا الإرتباط بين المدن الفلسطينية، لاسيما بين غزة والضفة الغربية، باعتباره تهديدا مباشرا “لإسرائيل” ، وكل رهان الكيان على التفكيك قد سقط ولم تعد الحسابات هي نفسها واتفاق اوسلو وصفقة القرن قد سقطوا مع الحرب الاخيرة والخسائر بالجملة من هجرة عكسية وتراجع في السياحة وفشل القبة الحديدية والمعادلة الجديدة ستؤكد للاسرائيلي ان الصراع مستمر طال ام قصر وسيستعيد الفلسطيني دولته.
المعادلة تغيرت والنظرة “لإسرائيل” تغيرت على المستوى الدولي والعالمي باعتبار “اسرائيل” ترتكب جرائم ضد الانسانية، والمحتل سيرحل وسيبقى الشعب.
تويني
الوزير السابق د. نقولا تويني أكد أنه ومنذ الاعتراف بالكيان المحتل عام 1948 وحتى اليوم؛ لم يتخذ اي قرار دولي بانشاء الدولة الفلسطينية، وتاريخيًّا كانت هناك عدة محطات انتصرنا فيها منذ تقدم القوات العربية في1973 والتي لقنت العدو درسا في الحرب، والعدو كان يدرك ذلك وفي العام 1982 عند اجتياح اسرائيل للبنان حيث مني العدو بخسائر فادحة ، وبدات صورة الأفول تزداد بعد انسحاب العدو من لبنان عام 2000 تحت ضربات المقاومة وتكللت في عدوان تموز الفاشل في عام 2006، وفي مقاومة غزة المتكررة لاسيما في ما حصل منذ أيام، والذي اتخذت فيه المقاومة قرار الحرب وانتزعت القدرة الصاروخية رغم كل إمكانيات العدو، والآن نشهد الهجرات العكسية من الكيان وفقدان السيطرة الغربية بعد التحول الاقتصادي ضمن نظام العولمة لتنتفي وظيفة الكيان في الشرق، كونه معسكرا للغرب في الشرق، وكل التحليلات اليوم تركز على جدوى وجود هذه الإثنية العنصرية، وبدأ الغرب يبتعد في مصالحه عن هذا الكيان، وبدأ الحلم الاسرائيلي يهتز باهتزاز المنصة العسكرية له.