لا جديد راهناً، ليس في الشأن الحكومي فحسب، بل على مستوى المشهد السياسي اللبناني ككل، خصوصاً في ضوء عدم تجاوب الرئيس المكلّف سعد الحريري مع مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرامية الى تأليف الحكومة المرتقبة، التي تهدف (أي المبادرة) في بعدها الحقيقي الى محاولة إنقاذ الأول، وإعادة تعويمه، من خلال المساعي التي يبذلها الأخير الآيلة الى عودة شريكه في السلطة رئيس تيار “المستقبل” الى السرايا الكبيرة، بالتالي محاولة تدعيم أسس المنظومة الحاكمة أو الدولة العميقة، التي تمسك بغالبية مفاصل المؤسسات الرسمية منذ ثلاثة عقود، على حد قول مصدر نيابي بارز.
ويؤكد أن “رئيس المجلس” وصل الى إقتناعٍ أن “الرئيس المكلّف” لا يريد تأليف حكومة في المدى المنظور، وسط غياب التأييد الأميركي، واستمرار وجود الرفض السعودي لولادة حكومة جديدة في لبنان في الوقت الراهن، في إنتظار تبلور الوضع الإقليمي، خصوصاً ما قد تؤول إليه المفاوضات الإيرانية- الأميركية من جهة، والحوار الإيراني – السعودي الذي إنطلق في بغداد في الأسابيع الفائتة من جهة أخرى، ودائماً برأي المصدر.
وتعقيباً على ما ورد آنفاً، تؤكد مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي، أن الحريري لا يريد تأليف حكومة على الإطلاق في المدى المنظور، خصوصاً وسط غياب الدعم السعودي لولادة حكومةٍ جديدةٍ، كاشفةً أن رئيس الجمهورية سيتخذ الإجراءات الدستورية اللازمة والمناسبة، لإنهاء حال المماطلة في عملية تأليف الحكومة، من دون الإفصاح عن تفاصيل هذه الإجراءات. ولكن تجزم المصادر أنها ستكون فاعلةً ومؤثرة، وستضع حداً لإستمرار التعطيل الممنهج، وإختلاق الأكاذيب، وإطلاق الإشاعات الهادفة الى تضليل الرأي العام المحلي وغير المحلي، وإيهامه بأن “رئيس الجمهورية وفريقه من يعرقل ولادة الحكومة في الوقت الذي يرفض فيه الحريري كل المخارج والحلول الرامية الى تسريع الولادة”. وتختم بالقول : “سنناشد كل من يهمهم الأمر، لإنهاء هذا الوضع الشاذ”.
وفي السياق، يرجح مرجع في فريق الثامن من آذار إستمرار الحريري وشركائه في التعطيل الممنهج على حد تعبير المرجع. ويعتبر أن هذا التعطيل الممنهج والمستمر، يعود الى زمن خطة وزير الخارجية الأميركية السابق مايك بومبيو في العام 2019 الرامية الى إحداث فراغٍ سياسيٍ، وضغوطٍ إقتصاديةٍ كبيرةٍ، ثم الوصول الى فوضى أمنية في لبنان، وتحميّل المسؤولية في ذلك الى رئيس الجمهورية وحليفه ح-زب الله، لتأليب الشارع عليهما، في محاولاتٍ متكررةٍ لعزل “الرئيس” ومحاصرة “الحزب”، هذا في حال كتب لهذه الخطة النجاح.
ويرى المرجع أن خطة بومبيو التي لاتزال قائمةً راهناً، وقد تنتهي غداة وضع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، سياستها الجديدة في الشرق الأوسط، مرجحاً أن تتبلور هذه السياسية، إثر نتائج المفاوضات الإيرانية – الأميركية في شأن الملف النووي الإيراني، وقد تشمل هذه المفاوضات مختلف القضايا العالقة في المنطقة، ومنها : الحرب على اليمن وغزة، والحرب الإقتصادية على لبنان ومحاولة تعطيل المؤسسات الدستورية فيه. ويختم المرجع بالقول جازماً “إن الرئيس عون لن يوقع صك تسليم البلد الى سارقيه تحت أي ظرفٍ من الظروف، ومهما تذاكى المتذاكون”.
وفي السياق عينه، يعتبر مرجع مسؤول في محور ال-مق-اومة أن نهج الحريري التعطيلي المذكور آنفاً، متماهٍ بالكامل مع السياسة السعودية إزاء لبنان في المرحلة الراهنة، بغض النظر عن الخلافات داخل البيت السعودي، سائلاً ما هي الأسباب التي تدفع السعودية للإفراج عن ملف تأليف الحكومة اللبنانية، في وقتٍ لاتزال فيه متعثرةً في حربها على اليمن، ووسط غياب أي رؤية جديدةٍ للسياسة الأميركية في المنطقة راهناً. ولا يرى المرجع أي حلٍ في الأفق قبل جلاء الوضع الإقليمي.
حسان الحسن – الثبات