حسن هاشم-لبنان24
خيبة جديدة تطلّ برأسها على اللبنانيين وسط الأزمات المتراكمة والمتناثرة عليهم من كلّ حدب وصوب وعلى كافة الصّعد، وهي بوادر “فشل” مبادرة رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، لتأمين التوافق على تأليف حكومة جديدة والتي وصفت بأنّها “الفرصة الأخيرة”.
إشارات هذه الخيبة كانت كثيرة لا سيما في الأسبوع الماضي الذي شهد “حفلات جنون” بين أهل الحلّ والربط في الدولة المتداعية، واتهامات متبادلة بالتعطيل وبيانات عالية السقوف بين الطرفَيْن المعنيَيْن بالتأليف وهما فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومن خلفه – أو من أمامه – رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري وتيار “المستقبل”.
أمّا وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، العميد محمّد فهمي، فكان صريحاً أمام اللبنانيين ونقل لهم “بشرى” بقاء الحكومة لمدّة طويلة وهي قد تقوم بإجراء الانتخابات النيابية المقبلة.
الوزير فهمي حذّر من أنّنا قد نكون ذاهبين إلى “تفلّت في الأمن المجتمعي”، وهذا ما كان نبّه إليه أكثر من مصدر سياسي وأمني، إذ أنّه وفي ظلّ الانهيار اليومي لليرة أمام سعر الدولار والارتفاع الجنوني بالأسعار، وغياب المواد الأساسية والأدوية من الأسواق، سنكون أمام السيناريو الذي بات على لسان كل لبناني وهو أنّ “الناس رح تاكل بعضها” وهي تنتظر الانتخابات النيابية، وذلك طبعاً في حال إهدار “الفرصة الأخيرة” وهي الاتفاق على تأليف الحكومة العتيدة.
وبالتزامن مع “انفلات الأمن المجتمعي”، يرى مراقبون أنّ “الأمن السياسي” سيشهد تصلباً أكثر في المرحلة المقبلة، ولا سيما أنّ مختلف الأطراف ستكون على قناعة – في حال إعلان فشل مبادرة برّي – أنّه عليها الاستعداد للاستحقاق النيابي، وبالتالي ستعمل على رفع سقوفها وهجماتها الإعلامية والسياسية في سبيل استرداد جزء من شعبيّتها المفقودة.
وهذه “المسرحية” ستكون مكرّرة عن مسرحيات سابقة كانت تحصل قبل كلّ موعد انتخابات وهي لا تعني بالضرورة أنّ الأفرقاء على خلاف حقيقي إنّما يعملون على قاعدة “فائز – فائز” ليتمكّن كل طرف من ضمان اكتساحه في بيئته ومناطقه.
وبحسب المراقبين، فإنّ الشعب اللبناني سيكون في هذه المرحلة يعيش استراحة بين شوطَيْ الحكومة التي لن تتشكّل والانتخابات التي من غير المؤكّد أنّها ستُجرى.
ويسأل المراقبون عمّا “إذا كان اللبنانيون مستعدّون لسماع خطابات ووعود وشعارات رنّانة بالشكل ولكنّها فارغة بالمضمون”.
ويبقى السؤال هل أنّ الطبقة السياسية التي أمعنت بفسادها وإذلالها للبنانيين، لا تزال تملك فائض الوعود والخطابات والشعارات التي أثبتت زيفها أمام اللبنانيين؟
لن تكون هذه الانتخابات كما سابقاتها بالتأكيد، ليس لناحية النتيجة التي ربّما لن تتغيّر كثيراً، لكن لناحية التجهيز والاستعداد لها، فلا اللبنانيون قادرون على حضور مهرجانات انتخابية حيث سيكونون عند محطات البنزين أو مقطوعين منه أو يبحثون عن دواء ومواد غذائية وتموينية.
كذلك فإنّ الأحزاب لم تعد قادرة على تأمين مبالغ الانفاق الانتخابي و”الخدماتي” قبل الانتخابات مثلما كان يحدث في السابق في ظلّ الأزمات المالية التي تغرق الوطن.
يبقى الرهان، بحسب المراقبين، على وعي الشعب الذي لا بدّ أنّه تعلّم الدرس الكافي من اختياره لطبقة سياسية قادته ،بغالبيتها ، إلى الهلاك وأودت به في الجحيم بكلّ معنى الكلمة، فهل يتّعظ اللبنانيون هذه المرة؟