كلير شكر-نداء الوطن
لا تُفهم كلمة رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب إلا بكونها غسل يدين من دماء الانهيار الشامل… الذي صار على مسافة أيام لا أسابيع. كل المؤشرات تدلّ على أنّ ساعة الصفر اقتربت: مصرف لبنان يرفض فتح اعتماد لشراء الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، وها هو يدفع المصارف إلى الامتناع عن دفع الودائع بسعر 3900 ليرة، فيما محطات البنزين تحتكر تلك المادة بانتظار رفع الدعم نهائياً، وتحقيق أرباح خيالية طائلة من جيوب المواطنين!
اذاً هي كرة النار التي تكبر وتكاد تطيح بكل شيء. وأول مكوناتها، العتمة الشاملة: لا حلول جذرية أو موقتة في الأفق قد تحول دون وقوع هذه العتمة. واذا لم يسقط القطاع الكهربائي في المحظور في وقت قريب، فسيفعلها حكماً خلال أيام قليلة. كلّ المحاولات الجارية حالياً تهدف إلى تقطيع الوقت وتمرير المرحلة بأقل عتمة ممكنة، ولكن من كيس المودعين، طالما أنّ الضغوط التي تمارس على مصرف لبنان تهدف إلى دفعه للقضم من الاحتياطي الإلزامي.
في المستجدات، عاد العمل بقانون سلفة الخزينة والبالغة قيمتها 200 مليون دولار أو 300 مليار ليرة وفق السعر الرسمي للدولار لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، بعد سقوط المهلة الزمنية لعدم تمكن المجلس الدستوري من البتّ بالطعن نتيجة عدم اكتمال نصابه. ولكن كيف ستدفع هذه السلفة؟
مبدئياً، يفترض بمصرف لبنان أن يدفع هذه السلفة، لأنها مخصصة لاعتمادات خارجية تفتح بالعملة الصعبة، وهي غير متوفرة إلا في المصرف المركزي الذي يرفض أن يلبي هذه الطلبات بحجة عدم توفر الدولار بعد نفاد مخزونه ورفضه المسّ بالاحتياطي الإلزامي.
لكن المؤسسة لا تزال تتكل على فتات رصيدها المتبقي من سلفة العام 2020، والذي لا يتجاوز الـ13 مليار ليرة وهو لا يكفي لتغطية كلفة باخرة واحدة، بسبب رفض المصرف المركزي فتح الاعتمادات، واكتفى بفتح اعتماد لباخرة واحدة تحمل فيول Grade A والتي ستفرغ حمولتها في معملي الزوق القديم والجية.
في هذه الأثناء، توقفت المعامل العائمة وهي ما تعرف بالبواخر التركية عن العمل، بعد القرار القضائي القاضي بالحجز عليها، فيما حجتها المعلنة توقف الدولة اللبنانية عن دفع مستحقاتها والتي تخطت قيمتها الـ100 مليون دولار، فيما الاتجاه لدى مجلس إدارة كهرباء لبنان هو لدفع هذه المتأخرات بالعملة المحلية على أساس سعر الصرف الرسمي.
وفي مطلق الأحوال، فإنّ عقد هذه الشركة ينتهي في أيلول المقبل، وبالتالي كل المحاولات الجارية راهناً هي لكسب بعض الوقت لا أكثر.
أكثر من ذلك فإنّ مصرف لبنان يرمي المستهلك اللبناني في نارين: رفع الدعم عن الفيول المستخدم من جانب مؤسسة كهرباء لبنان ليتكل بالتالي على الطاقة المنتجة عبر المولدات الخاصة، مقابل رفع الدعم عن المازوت المستهلك من المولدات الخاصة ما يعني رفع فواتيرها أضعافاً وأضعافاً. إلا أنّ ما يثير سخط وزارة الطاقة هو استمرار مصرف لبنان في دعم مادتي البنزين والمازوت، مقابل امتناعه عن فتح اعتمادات لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. أكثر من ذلك، تؤكد أرقام وزارة الطاقة أن لبنان استورد حتى الآن الكميات ذاتها التي استوردها في العام 2019، ما يعني أن التقنين الذي تمارسه المحطات غير مبرر وغير مفسّر لكون ثمة استحالة أن يكون التهريب حاصلاً بكميات كبيرة. ومع ذلك، لم يتوقف مصرف لبنان عن دعم البنزين.
وعليه، ينتظر أن ترتفع ساعات التقنين في التيار الكهربائي أكثر لتصل في بعض المناطق الى حدود 21 ساعة، فيما يتردد أن الزيارة التي قام بها كل من وزير الطاقة ريمون غجر ومدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى العراق حملت نتائج ايجابية بعد موافقة السلطات العراقية رسمياً على طلب لبنان، وكان ينتظر أن يلاقيهما مصرف لبنان من خلال فتح حساب لبدء عملية التوريد، إلا أن الأخير لم يقم بأي خطوة!