–ملاك درويش
–وكالة نيوز
منذ نهاية العام ١٩٩٢، ضعفت السياسة الإقتصادية الكلية وأسيء تطبيق الإجراءات الناظمة لعمل السوق، الأمر الذي أضعف المصالح العامة وفتح الباب أمام المصالح الخاصة التي باتت مسيطرة بشكل سيء لا يخدم لبنان أكثر من أنه يطور الدين العام.
الدين العام المتأرجح بين دين داخلي وخارجي في سلطة لا سلطة لها إلا باللعب حول الأمور للإيحاء بأن الدين العام يجري خفضه، في حين أنه في الحقيقة كان إلى زيادة وتصاعد.
وخير مثال على ذلك، عندما قررت الحكومة في عام ١٩٩٤ إصدار سندات خزينة خارجية Euro-dollar bonds ذات الآجال التي تتراوح بين ما بين ٣ إلى ٥ سنوات. ما أدى إلى ارتفاع الدين الخارجي من حولي ١٤ في المئة في عام ١٩٩٤ إلى ما يوازي ٤٦ في المئة في نهاية عام ٢٠٠٣.
السؤال الذي سيراودك وأنت تقرأ هو ”ما أسباب تصاعد الدين العام؟”.
الجواب بسيط ومنطقي جداً، فالسبب الأول هو العجز المتواصل في موازنة الدولة المستمر في التصاعد عاما تلو الآخر..
وفي قبال ذلك، أسباب كامنة وراء ذلك الارتفاع المتواصل سأشير لثلاثة منها:
أولاً:”الإنفاق على مشاريع الإعمار بعد نهاية عام ١٩٩٤ بمستويات قياسية دون حساب جدي لمصادر التمويل المتوافرة، غير آبهة للمتغيرات المتوقعة، على قاعدة =(لننفق الآن دون حساب، ولنرَ بعد ذلك كيف نعالج قضية العجز في الموازنة والتداعيات الإقتصادية الناتجة عنها!)”.
ثانياً:”فشل الإدارة الحكومية في ضبط السرقة والفساد المنتشر في أجهزة الدولة كافة..حيث بات الفصل بين المصلحة العامة والخاصة أمراً مفقوداً، فعندما يكون الحكم غير صالح وكلٌّ يغني على ليلاه يتأهل لبنان ليكون في أعلى مستويات الفساد في المنطقة!”.
ثالثاً:”القرارات الإقتصادية المتشابكة لصالح مصلحتهم هم لا نحن”.
من المعروف أن مجلس الوزراء مجتمعاً هو الذي يصدر القرارات الإقتصادية، فمتى كانت تلك القرارات لمصلحة الشعب اللبناني في مطلق الأحوال؟،
هذا النظام السياسي الذي تعرّى من كلمة نظام، لأنه لم ينتج سوى فوضى وإفقار وإذلال شعب بأكمله بسبب ممارسات إقتصادية بعيدة كل البعد عن الطرق المثلى، في ظل سبات أجهزة الرقابة في نوم عميق، ولربما ان استيقظت فوجودها سيكون عقيماً لأنها ولدت من رحم طائفي لا استقلالية فيه.
في بلد كل ما فيه يأخذ منحى طائفياً، مسألة عدالة توزيع الثروة أو محاربة الفساد أو معالجة مشكلة البطالة أو التعليم وصولاً لتشكيل الحكومة ومعضلاتها الطائفية في توزيع الحقائب لمصالحها على مر الـ٣٠ عاماً، وصولاً لليوم الوقت الذي يحتضر فيه الوطن والمواطن.