الأخبار- محمد خواجوئي
في الوقت الذي تُواصل فيه الوفود المفاوِضة عملها في فيينا، في سبيل إيجاد حلّ يسمح بعودة كلّ من الولايات المتحدة وإيران إلى الالتزام بالاتفاق النووي، يبدو أن الأمور ذاهبة باتجاه تأجيل الجولة اللاحقة، في ظلّ إشاعة الإيرانيين أجواء من الهشاشة والبطء تحيط بالمحادثات
طهران | تتواصل الجولة الخامسة من المحادثات النووية حالیاً في فيينا، حیث بدأت يوم الثلاثاء الماضي بمشاركة وفود من إيران ومجموعة “1+4″، إضافة إلى أميركا، بينما وصفت مصادر مطّلعة الأجواء المحيطة بالمحادثات بـ”الصعبة” و”البطيئة” و”الهشّة”، وذلك على رغم التقدّم الذي أُحرز في الجولات السابقة. ومن المتوقّع أن تجرى، على مدى الأسبوع أو الأيام العشرة المقبلة، مناقشات حاسمة ومصيرية تفضي إلى اتفاق نهائي، لكن إن لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق، خلال هذه الفترة، فإن المفاوضات ستُرجأ إلى أجل غير مسمّى، إلى أن تَظهر نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وقد شكّلت محادثات إعادة إحياء الاتفاق النووي (الموقّع عام 2015)، والتي بدأت في السادس من نيسان/ أبريل الماضي، مسرحاً لتظهير مواقف طهران وواشنطن وتطلّعاتهما. فإيران تطالب برفع العقوبات التي فُرضت عليها بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، فيما تدعوها الأخيرة إلى العودة إلى التزاماتها المنصوص عليها في “خطة العمل المشتركة الشاملة”، وتقييد برنامجها النووي. وعلى الرغم من أن رئيس الوفد الإيراني المفاوض، عبّاس عراقجي، أعلن، عقب الجولة الرابعة من محادثات فيينا، أن “النص الأصلي للاتفاق” و”ملاحقه” قد تحدّدت، لكن يبدو أن النص لا يزال مليئاً بعلامات الاستفهام والشواغر، التي تشير إلى وجود قضايا موضع خلاف تأمل الأطراف أن تعالجها الجولة الخامسة. ونظراً إلى أن الاتفاق بين إيران و”الوكالة الدولية للطاقة الذرّية” قد مُدّد حتى 23 حزيران/ يونيو، فقد بات الوقت محدوداً، ما يعني ضغوطاً إضافية على مجريات الجولة الحالية.
وفي هذا السياق، غرّد رئيس الوفد الروسي المفاوِض، ميخايل أوليانوف، على موقع “تويتر”، قائلاً: “ليس هناك حتى الآن أي خطّة لعقد الجولة السادسة من المحادثات النووية”. وأضاف إن “المفاوضين يسيرون قدماً وهم يقولون في قرارة أنفسهم إن الجولة الحالية يجب أن تكون آخر جولة محادثات”. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، من جهته، إلى “أننا نواصل محادثات فيينا بدقّة وحذر”، لافتاً إلى أن “المحادثات أحرزت تقدّماً ملحوظاً في إطار فرق العمل الثلاث، لكن هناك قضايا رئيسيّة لا تزال قائمة”. وأكد خطيب زادة، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أمس، أنه “ليس هناك طريق مسدود في محادثات فيينا، حيث وصلنا إلى بحث القضايا الأساسية، ولا عجلة لدينا في التوصّل إلى الاتفاق، كما لا نسمح بتسويف المفاوضات”. وأضاف إنه “إذا كانت هناك حاجة لاتخاذ قرارات في طهران بشأن المفاوضات، فسيتمّ ذلك”. وخلال الأسبوع المنصرم، ذكر المبعوث الأميركي إلى إيران، روبرت مالي، في تغريدة على “تويتر”، أن “الجولة الأخيرة من المحادثات (النووية) كانت بنّاءة، وشهدت تقدّماً ملموساً”. إلّا أنه أضاف إنه “لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعيّن القيام به”. كذلك، أكّد المبعوث الأوروبي إلى محادثات فيينا، إنريكي مورا، أن الأطراف “ستضاعف جهودها” من أجل التوصّل إلى اتفاق.
في هذا الوقت، وصف مصدر مطّلع ومقرّب من الفريق الإيراني المفاوض، في حديث إلى “الأخبار”، أجواء الجولة الخامسة من المحادثات بأنها “صعبة وبطيئة وهشّة”. وأشار إلى أن “من المقرّر أن تجرى محادثات مكثّفة في فترة تراوح ما بين أسبوع وعشرة أيام، للتوصّل إلى نتيجة قبل منتصف حزيران/ يونيو”، مستدركاً أنه “إن لم تتحصّل النتيجة المرجوّة، فسيتمّ الإعلان رسمياً، أو بصورة غير رسمية، أن المحادثات ستُرجأ إلى أجل غير مسمى، وذلك حتى تتّضح نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرّرة في الـ 18 من الشهر الجاري”. وأضاف إنه “على الرغم من التقدّم الذي حصل في المحادثات، ثمّة خلافات مهمّة قائمة بين الطرفين، بما فيها حول وضع أجهزة الطرد المركزي الإيرانية المتطوّرة واليورانيوم المخصّب، وطريقة تسلّم الأموال وكيفية صرفها من قِبَل إيران، وكذلك العقوبات الأميركية غير النووية ضدّ إيران”.
وتابع أن “أميركا أعلنت أنها جاهزة لرفع العقوبات النووية”، إلّا أن “إيران تطالب برفع العقوبات الأخرى التي فُرضت عليها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، بما فيها المتعلّقة بالإرهاب والبرنامج الصاروخي الإيراني”. وخلص إلى أن “هذه الخلافات في الرؤى تشكّل عقبة أمام تحقيق النتيجة المنشودة”. ولفت المصدر ذاته إلى أن “الانتخابات الرئاسية الإيرانية ألقت بظلالها على أجواء المحادثات”، وأن “الأميركيين والأوروبيين يبدون تحفّظاً أكبر، في ظلّ احتدام السباق الانتخابي في إيران وتزايد احتمالات فوز رئيس من التيار الأصولي”.
وفي هذا الإطار، كتبت صحيفة “جوان”، التابعة للحرس الثوري: “مع احتدام منافسات الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وإلى جانب صمت الأوروبيين عن محادثات فيينا، فإن الأميركيين يتحدّثون أكثر من ذي قبل عن أن التوصّل إلى اتفاق لم يعد قاب قوسين أو أدنى”. من جهتها، أشارت صحيفة “اعتماد” الإصلاحية إلى الأثر السلبي الذي تركته إطالة أمد المحادثات، وقالت: “سنشهد قريباً في إيران إجراء انتخابات تتّسم بالحساسية”. وإذ لفتت إلى أن “النقاشات في إيران بشأن التوجّهات اللاحقة إزاء التفاهم المحتمل في فيينا قد اشتدّت”، فقد أضافت إن “البعض يقترح أن توكل المحادثات إلى الحكومة اللاحقة”.