كتبت “الاخبار”: عاد الرئيس الحريري إلى بيروت قادماً من باريس حيث التقى خلية الإليزيه الموكلة بالملف اللبناني. وعلمت ««الأخبار» بعد بدء الحديث جدياً في البحث عن بديل له لتشكيل الحكومة، سمِع الفرنسيون نصيحة بدعوة الحريري. على هذا الأساس توجّه الرئيس المكلف الخميس الماضي إلى باريس، واجتمع مساء السبت بخلية الإليزيه، وسمِع كلاماً عن رغبة فرنسية في حكومة انتخابات، خاصة بعدَ استنفاد كل المحاولات.
وقبلَ اجتماعه بالخلية، اتصل الحريري ببرّي، وجرى الاتفاق على عقد لقاء فورَ عودته. في اللقاء الذي عُقد أمس لم يترك برّي مجالاً لمناورات الحريري، إذ أكد بأن «وضع البلد لم يعُد يحتمِل عدم تشكيل حكومة»، وأفهمه بأنه أهدرَ سابقاً الكثير من الفرص، ولا سيما في الجلسة الأخيرة في مجلس النواب لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهي الجلسة التي خرج منها الحريري «منتصراً» ولو في الشكل، بعدَ أن رفعَ سقف خطابه في وجه عون وباسيل، إلا أنه غادرَ الجلسة وسافرَ إلى الإمارات، بدلاً من تحريك عجلة التأليف.
مصادر مطلعة وصفت أجواء اللقاء بأنها «كانت إيجابية إلى حدّ ما»، وأن البحث جارٍ الآن عن تخريجة لوزارتَي «العدل» و«الداخلية»، مشيرة إلى أن الطرح الذي قدّمه بري هو «أن يستمر الحريري في طرح أسماء إلى أن يقتنع عون بواحد منها، والعكس أيضاً. أي أن يطرح رئيس الجمهورية عدداً من الأسماء على أن يقتنع الرئيس المكلف بأحدها، وبذلك لا يشعر أي منهما بأنه تنازل للآخر». وبينما خرج الحريري من عين التينة من دون الإدلاء بأي تصريح، عُقد اجتماع عاجل بين «الخليلين» وباسيل، علماً أنه كانَ من المفترض أن يُعقد اليوم. وبحسب ما علمت ««الأخبار» أن «اللقاء لم يكُن سلبياً، وهناك موافقة مبدئية على غالبية التشكيلة، لكنّ المفاوضات لا تزال في منتصف الطريق، وهناك اجتماع آخر سيحصل بينَ الخليلين وباسيل بعد تشاور الأخير مع رئيس الجمهورية».
إلا أن هذه الأجواء التفاؤلية بحسب ما تقول أوساط معنية «لا تعني أن الأمور ستسير في اتجاه تأليف حكومة، إذ أن أحداً لا يضمن بأن يلتزم الحريري بما قاله أو أن يقبل باسيل بهذا المخرج». وأشارت الأوساط نفسها إلى أن «الرئيس المكلف قدّم هذا التعهد لأنه شعر بأن التمسك به لم يعُد متاحاً، خاصة من قبل ثنائي حركة أمل وحزب الله في حال استمر بالتعطيل، وذلك بعدَ أن خرج السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة وفوّض الرئيس برّي بالتدخل في حال لم تكُن هناك إمكانية للتواصل المباشر بينَ الحريري وعون»، بالإضافة إلى الكلام الذي سمعه في باريس، والكلام المتكرر داخلياً عن استقالات جماعية سيشهدها مجلس النواب، ومن بينها استقالة نواب التيار الوطني الحر الذين لن يكون أمامهم خيار آخر لسحب التكليف منه». وقالت الأوساط: «صحيح أن الحريري فاجأ الجميع بخطوته، لكن لا شيء مضموناً».
مصادر رفيعة في التيار الوطني الحر أكدت لـ ««الأخبار» أن الحريري لم يقدّم تشكيلة حكومية «بل تعليقات على التشكيلة التي سلّمها رئيس الجمهورية للبطريرك بشارة الراعي». وإذ رأت في ذلك «تقدّماً لأنه كان يرفض التزحزح عن موقفه»، إلا أنها أعربت عن خشيتها من «أن نكون أمام احتيال جديد والاستمرار في تضييع الوقت لأن الحريري في ما قدّمه لم يحل أياً من المشاكل الأساسية كتوزيع الحقائب على الطوائف واستمراره باللعب بالتوازنات والعودة إلى إثارة مواضيع تم الاتفاق عليها سابقاً». وهو، بعد سقوط حجة التمسك بالثلث المعطل في جلسة مجلس النواب الثلاثاء الماضي، «اخترع ذريعة إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون وباسيل على تسمية الوزيرين المسيحيين»، إضافة إلى الوزراء الثمانية (مع الطاشناق وطلال ارسلان) من حصة رئيس الجمهورية. المصادر نفسها أكّدت أن باسيل أبلغ «الخليلين» في اللقاء الذي عُقد في منزله ليل أمس، «أننا نقبل بأي صيغة مؤداها ألا ينال رئيس الجمهورية أي وزير محسوب عليه فوق عدد الثمانية وزراء، ولا نريد أن يسمي الرئيس هذين الوزيرين على ألا يسميهما الحريري أيضاً. ولا مانع لدينا بأن يكونا من المجتمع المدني أو من موظفي الإدارة، على أن يكونا مستقلين واختصاصيين، وألا تكون هناك أي شبهة لعلاقة لهما بأيّ من رئيسَي الجمهورية أو الحكومة». وخلصت المصادر إلى أن الأجواء لا تزال ضبابية خصوصاً أن «من يريد تشكيل حكومة لا يلجأ فور انتهاء اجتماعه ببري إلى عقد لقاء لرؤساء الحكومات السابقين يخرج بعده الرئيس فؤاد السنيورة ليحمّل رئيس الجمهورية مسؤولية التعطيل».