الماكينات الإنتخابية انطلقت في المتن مقعد المرّ النيابي بين “ميشالين”… ماذا عن التحالفات؟

حبر الإنتخابات

نوال نصر-نداء الوطن
قد تكون إنتخابات مبكرة وقد لا تكون. وسواء كانت أم لا فالإنتخابات النيابية تقترب. والمتن، قلب لبنان، بدأ ينشط تحضيراً لانتخابات لا بُدّ آتية. والعيون على مقعد آل المرّ، ميشال المرّ، الذي حافظ عليه منذ العام 1992 (1992- 1996-2000- 2009–2018). كورونا لعبت لعبتها ونالت من الرجل القوي في 31 كانون الثاني 2021. فهل سيعود إسم “ميشال المرّ” الى مجلس 2022 النيابي؟

هناك من ينظر الى البلد ويقول: تهاوى لبنان. ومبكر الكلام عن انتخابات نيابية في بلدٍ فقد كل مقومات الدولة. لكن، من يتكلم بهذه الصيغة يُخطئ فالدول لا تموت. الشعب يموت. وتبقى الدولة كما “قرشها” الذي لا يموت. لهذا دعونا نسأل عن “المقعد المرّ”. ميرنا ميشال المرّ كانت عينها على المقعد ذات يوم. والياس ميشال المرّ مشغول في “الأنتربول”. وغبريال المرّ جرّب في 2002 حظه وأول من اصطدم به هو “صراع أهل البيت” فواجهته ميرنا وأبطلت نيابته بعد شهور من إعلان نجاحه. وأكثر من تحوم حولهما التوقعات اليوم هما: ميشال الياس المرّ وميشال غبريال المرّ. وفي الحالتين سيبقى الإسم موجوداً: ميشال المرّ. لكن هل سيبقى النهج نفسه؟

الراحل ميشال المرّ

يوم رحل ميشال المرّ الكبير كتب ميشال الياس المر الحفيد: “إننا نعاهد بأن نواصل مسيرة دولة الرئيس ميشال المرّ في خدمة لبنان سياسياً وإنمائياً وإجتماعياً وأن نستمر في الوقوف الى جانب اللبنانيين عموماً وأهالي المتن الأبرار خصوصاً”. جميل هذا. خصوصا ان ميشال الجدّ كان واستمرّ من الأقوياء حتى أنه طالما فخر بأنه أرثوذكسي المتن الذي يأتي بنواب الموارنة. لكن من يُحدد من هو “القوي الجديد” في بيت المرّ؟ وهل يمكن أن يكون آخر رجال الأرثوذكس الأقوياء؟

الشعب يريد

ربيع الهبر، مؤسس ورئيس مجلس إدارة “ستاتيستيكس ليبانون”، يهمس بسرّ: “بدأ مسار المعركة الإنتخابية في المتن. فكل الأطراف يعمل على قدم وساق من أجل الإستعداد لمتطلبات المعركة المقبلة. ولعل من المبكر القول اليوم من سيكون الأقوى، في بيت المرّ وفي سواه، في انتظار التحالفات المقبلة. ويستطرد: يجب ألّا يغيب عن البال أن معركة النائب الراحل ميشال المرّ لم تكن أبدا سهلة في 2018 وربح على عدد قليل من الأصوات. هو نال الحاصل الإنتخابي 12500 صوت متحالفاً مع جورج عبود ونجوى عازار وميلاد السبعلي. أسماء مغمورة في ظلّ قطب عتيق. هل نفهم من هذا الكلام أن لا أفضلية لأحد على أحد اليوم؟ يكرر الهبر: “لا يمكن قراءة الأرض اليوم في شكل حاسم لكن الأكيد ان لا أحد ذاهب نزهة الى الانتخابات. ثمة معركة، ومروحة التحالفات صعبة. والأنشطة اليوم انطلقت في تحريك القواعد الانتخابية وتنشيط الماكينات”.

إعادة إنتاج السلطة

أجوبة مؤجّلة

ماذا عن قدرات الأحزاب اليوم في حجز مقاعدها في البرلمان المقبل؟ يرد الهبر بحسم وحزم: “ما فيي جاوب”. يضيف: “في كل حال، واضحة الأمور لجهة أحجام الأحزاب والشخصيات وهناك دراسات تشير الى تقدمها أو تراجعها. وثمة أمور أصبحت واضحة وثابتة لكنني “ما فيي جاوب”. هل هناك وجوه متقدمة على وجوه؟ “ثمة وجوه بدأت تنشط لكن فوزها يحدده “شو عملت وشو حجمها” وتبقى الأحزاب في المقدمة”.

ماذا عن مقعد ميشال المرّ في المتن الشمالي؟ وهل حظوظ ميشال غبريال المرّ تتقدم على حظوظ ميشال الياس المرّ؟ يجيب الهبر: “ميشال غبريال المرّ فاعل وقوي وله حيثية فإذا ترشح، بما يملك من إتصالات ومن باع طويل وقدرة إعلامية، ستكون حظوظه كبيرة”.

ميشال الياس المرّ

ماذا يقول ميشال غبريال المرّ؟ هو واضحٌ: “لا تصوّر لدي بعد حول المرحلة المقبلة”.

الأحزاب تتقدم في القراءات الميدانية. ماذا عن قراءة القوات اللبنانية؟ يأخذ حزب القوات مسألة الإنتخابات النيابية المقبلة بكثير من الجدية وهو يتعاطى معها في شكلٍ عام ثم يقوم بإسقاط الحراك على المناطق. ويرى فيها إستحقاقاً مفصلياً التعاطي معه يجري على أكثر من مستوى:

أولا، القوات مقتنعة أنها ستُصبح التكتل المسيحي النيابي الأول، واللبناني الأول أيضا على مستوى الكتل النيابية. ومردّ ذلك التحول الجذري في الثقافة السياسية، خصوصاً أن الفريق المسيحي الآخر يمشي عكس قناعات المسيحيين لجهة تغطية سلاح “حزب الله”. التيار الوطني الحرّ أصبح في مكان مختلف تماماً لا يُشبه بشيء إرادة المسيحيين التي تقول بالفم الملآن: لا لإيران ولا لـ”حزب الله”. في كلِ حال، القوات انطلقت في تنظيم صفوفها لكن الكلام عن أي تحالفات نهائية لا يزال مبكراً جداً. لكن الأكيد، أنها لن تدخل في تحالفات تتناقض مع توجهاتها السياسية.

ميشال غبريال المرّ

استبعاده كل القوى التي تكتلت في العام 2018

ميشال المرّ استطاع وهو بصحة سيئة، في ظل جبابرة خاضوا الإنتخابات في 2018، أن يفرض نفسه منفرداً والحفاظ على وجوده، في وقت تحطمت فيه كثير من الشخصيات المستقلة الأخرى. والسؤال، هل يمكن لإرثه السياسي أن ينتقل في 2022 الى من يستحقه؟ وهل وريثه (بغض النظر عن شخصه) قادر أن يتابع حيث انتهى هو؟ السؤال كبير. خصوصا أن من حُضّر قبل حين ليرثه (ميشال الياس المر) لا يملك نفس المقومات، حتى لو كان ميشال الحفيد يشبه جده أكثر مما يُشبه والده الياس. هناك أشياء زرعها الجدّ في المتن، الذي عرف كيف يتعامل مع المتنيين، وكيف يفتح أبوابه أمام الناخبين قبل الإنتخابات وبعدها، وامتلك في كلِ ما فعل الدهاء السياسي الكبير. وإبن إبنه ليس بالتأكيد ولن يكون هو. وكل الوهج الذي سيبني حالته عليها سيكون على ضفاف الحالة الأساسية التي شكّلها الجد على مدى أكثر من خمسين عاماً. فميشال المر دينوصور سياسي ولا أحد أبدا يضاهيه حتى ولو امتلك نفس الإسم. في المقابل، تبقى حظوظ ميشال غبريال المرّ أكبر فهو محنكٌ أكثر وشابٌ أيضا وله حضوره ودينامي وكثيرون سيحتاجون، إنطلاقا من محطته الإعلامية، إليه.

بدأ العدّ العكسي

قوة التحالفات المقبلة في المتن ستُحدد الدفة أكثر. فإذا كان ميشال غبريال أقرب الى القوات والمجتمع المدني الذي أنتجته الثورة، فإن ميشال الياس سيبدأ من حيث انتهى جده من دون حلفاء واضحين أقله حتى اللحظة. فالراحل ميشال المرّ خاض الإنتخابات الماضية منفرداً وحقق ما حقق بفضل ما سبق وزرعه طويلا. الكتائب اللبنانية لم تضمّ بدورها ميشال المرّ الجد ولا التيار العوني أما الطاشناق ذات الدور الإنتخابي المحوري متنياً فسينتظرون ما ستؤول إليه الحال مع حليفهم ميشال عون.

غبريال المرّ

صراع الإخوة

مشهد صراع الإخوة (بين ميشال من خلال ابنته ميرنا وغبريال) في 2002 يُتوقع أن يبرز في العام 2022 بين الميشالين إبن الياس وإبن غبريال. وهذه المرة من سيحسم الأمر، بحسب متابعين، هو تمدد القوات المتوقع في جبل لبنان وقرب ميشال غبريال من “القوات” ونسجه معها علاقات. والسؤال، هل سيتكل الياس المرّ في حال ترشح ولده ميشال على علاقاته الجيدة مع سعد الحريري ونبيه بري فقط؟ جيد أن يحصل ذلك لكن، كما نعرف جميعاً، ليس بقدرة هؤلاء مدّه بالأصوات المتنية. أما سامي الجميل، فبحسب ما يتردد، فسيتحالف مع قوى من المجتمع المدني، والياس المرّ، بحسب كتائبيي الجميل “دقة تقليدية قديمة لا تتناغم مع تطلعات الشباب” حتى ولو كان الخارج من رحمها شاب وواعد.

ميرنا ميشال المرّ

باكر جداً الكلام عن التحالفات النهائية التي ستُحدد وجهة الإنتخابات المتنية المقبلة، لكن المتنيين، كلما اجتمع إثنان منهم، يحكيان ويسهبان في الحديث عن واقع البلد المرير والوقوف قوافل أمام محطات الوقود والصيدليات وتفلت كل المسائل الحياتية ويختمون في السؤال: تُرى، أي انتخابات نيابية تنتظرنا؟ وهل ستُغيّر نتائجها المعادلة القائمة؟ المتنيون طالما كانوا اوفياء لميشال المرّ الذي غلبته كورونا لكن لا شيء حتى اللحظة يُحدد موقفهم من وريث مقعد المرّ في المتن الشمالي. وللبحث طبعاً صلة.

بقى أن طرح القوات اللبنانية الإنتخابات النيابية المبكرة أصبح يلقى قبولاً من الجميع حتى ولو بدأ عملياً العدّ العكسي للإنتخابات المقبلة في مواعيدها. فالجميع بات موقناً أن أي بلد ديموقراطي عندما تصل فيه الأزمة الى أفق مسدودة يذهب الى الإنتخابات من أجل إعادة إنتاج سلطة. ولبنان بحاجة اليوم قبل الغدّ الى إعادة إنتاج سلطة.

الياس ميشال المرّ
Exit mobile version