نشر موقع TRTWorld مقالا عرض فيه استراتيجيات إسرائيل فى الدبلوماسية العامة لتعزيز روايتها وتبرير جرائمها وإسكات المعارضة.. نعرض منه ما يلى.
لطالما اعتمد الإسرائيليون على الدبلوماسية العامة للتحكم بقصتهم وللتلاعب بالمعلومات. وبينما تشن إسرائيل جولتها الأخيرة من العدوان على الفلسطينيين، لا يزال السرد السائد الذى يتم تداوله غالبًا فى وسائل الإعلام الغربية يؤطر ضمنيًا لصالح الرواية الإسرائيلية.
تحت ستار الحياد، كان الخطاب الإعلامى يصف الصراع المشتعل فى القدس الشرقية المحتلة بأنه «اشتباكات» بين «الجانبين». إن القصف الإسرائيلى القاسى لغزة والذى أدى إلى مقتل مئات المدنيين له ما يبرره على أنه عمل «دفاع عن النفس» ردا على الهجمات الصاروخية العشوائية التى تشنها حماس واستخدامهم «للدروع البشرية».
تعلم إسرائيل أن الإدراك يشكل الواقع. فلكى ترتكب جرائم حرب وتفلت من العقاب، لا يمكنها أن تفعل ذلك إلا إذا كان هناك آلة دعاية قوية تواجه محاولات إدانتها التى لا مفر منها أو التضامن الدولى مع الفلسطينيين.
الدبلوماسية العامة فى إسرائيل ــ أو الهسبارا بالعبرية ــ تربط حرب المعلومات بالأهداف الاستراتيجية لإسرائيل. يجب النظر إلى الدبلوماسية العامة بشكل استراتيجى كأولوية للسياسة الخارجية، حيث يتم تكوين صورة إيجابية لإسرائيل على المسرح العالمى، لا سيما بالنظر إلى التحديات التى واجهتها إسرائيل بشكل مستمر منذ إنشائها فى عام 1948.
مفهوم الهسبارا فى إسرائيل على الرغم من تجذره فى مفاهيم الرقابة والتضليل، إلا أنه لا يتطلع إلى التشويش وتوفير معلومات متناقضة للجمهور. بدلا من ذلك، فإنه يقبل وجود سوق مفتوحة للآراء ويعمل على تعزيز الاستماع الانتقائى من خلال الحد من تقبل الجمهور للمعلومات، بدلا من تقييد تدفقها.
لإنجاز مهمتها، تستهدف الهسبارا الدبلوماسيين والسياسيين والجمهور من خلال وسائل الإعلام أو من خلال العديد من المعاهد والوكالات الحكومية، وكذلك فى مراكز الأبحاث والجامعات والمنظمات غير الحكومية وشركات اللوبى.
تقدم إسرائيل حتى زمالات ومنح دراسية لتعزيز الدعوة المؤيدة لإسرائيل، فى حين يعمل عدد من الأفراد من الصحفيين والمدونين لتكوين صورة إيجابية عن إسرائيل.
بعد حرب لبنان عام 2006 وما تلاها بعامين من «عملية الرصاص المصبوب» على غزة، وكلاهما أضر بشكل كبير بسمعة إسرائيل الدولية، كان هناك تحول تدريجى بين عامى 2008 و2012 إلى ما أطلقت عليه الباحثة مريم أوراغ «هسبارا 2.0» وهى دبلوماسية رقمية حازمة اعتمدت على تقنيات الويب 2.0 مثل مواقع التواصل الاجتماعى ويوتيوب.
فى عام 2012، أعلنت إسرائيل حربها على غزة على تويتر. خلال عملية «عمود الدفاع»، حينما كانت تسيطر النقاشات الإسرائيلية على المشهد الإعلامى الأمريكى والأوروبى، استفادت هسبارا من قنوات الاتصال على وسائل التواصل الاجتماعى، واستغلت خوارزميات محرك البحث والآليات الأخرى لتتحكم فى المحتوى الذى يتم تقديمه إلى المشاهدين.
فى هذه العملية، خلقت إسرائيل رواية عن نفسها تلعب فيها دور الضحية البريئة للإرهاب الفلسطينى، منحت فيه نفسها حق الدفاع ضد الاعتداء على وجودها. هذا على الرغم من حقيقة ما بدأته من تصعيد، وامتلاك قوة جوية متقدمة ضد خصم لا يملكه، وتفريغ أكثر من ألف ذخيرة على سكان غزة.
فى عام 2014، أدت حرب إسرائيل فى غزة تحت عملية «الجرف الصامد» إلى رد فعل أكبر بكثير من روايتها الإعلامية التى قللت من حجم الغضب العالمى لأفعالهم فى غزة.
مع انتشار صور الدمار وجثث المدنيين الأبرياء الممزقة على وسائل التواصل الاجتماعى، اضطر مؤيدو الهسبارا مضاعفة جهودهم فى حملاتهم والتى حاولت إعادة صياغة ما ارتكبته إسرائيل من جرائم حرب وتبييض الاستخدام غير المتناسب للقوة، والتى أثبتت فى الأخير عدم فاعليتها حتى داخل إسرائيل.
فى حالة الفشل مثلما حدث فى ذلك الموقف، هناك بعض الاستراتيجيات البالية فى ترسانتهم التى لجأ إليها مهندسو الهسبارا. الأول هو إجبار الجمهور على الاختيار بين إسرائيل وحماس. اليوم، نرى باستمرار هذه الاستراتيجية يتم استخدامها وخاصة فى الإعلام العالمى الذى يصور إسرائيل على أنها جهة فاعلة عقلانية وبريئة أثارها تهديد إرهابى غير عقلانى، مما يجعل أى انتقاد لأفعال إسرائيل بمثابة تبرير للإرهاب.
فى حين أن عددًا من الحكومات الغربية صنفت حماس منظمة إرهابية بما فى ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والنرويج وسويسرا، فإنها لا تزال تقيم علاقات دبلوماسية معها. تعتبر أستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة أن جناح حماس العسكرى فقط منظمة إرهابية. عدد من الدول الأخرى غير الغربية لا تصنفها على أنها منظمة إرهابية، وقد رفضت الأمم المتحدة فى عام 2018 قرارًا أمريكيًا لإدانتها كمنظمة إرهابية.
ربما كان التكتيك الأكثر شيوعًا هو ربط أى انتقاد للسياسات الإسرائيلية، سواء انتهاكات حقوق الإنسان أو الاستعمار غير القانونى للأراضى الفلسطينية، بمعاداة السامية.
كان أحد التهديدات الاستراتيجية فى السنوات الأخيرة هو تنامى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS). حاول المسئولون الإسرائيليون تشويه سمعة أولئك الذين يدعمون حركة المقاطعة على أنها معادية للسامية وزعموا أنها مرتبطة بالإرهاب، فى حين تم تمرير قوانين مناهضة لحركة المقاطعة فى الولايات المتحدة.
عبر الإنترنت، دفع ذلك شركات التواصل الاجتماعى البارزة لتبنى تعريف التحالف الدولى لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية، مما يوسع من عملية إلقاء الاتهامات بمعاداة السامية إلى انتقاد إسرائيل.
يعتبر تسليح قضايا العدالة الاجتماعية استراتيجية أخرى يتم تبنيها بشكل متكرر. على سبيل المثال، يتكرر سرد كيف أن إسرائيل هى «الديمقراطية الوحيدة» فى الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنها الدولة الوحيدة التى تحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون فى منطقة رجعية وعدوانية.
من استراتيجيات الهسبارا استخدام قضايا المثلية الجنسية والموقف الإيجابى الإسرائيلى تجاههم وتأييدهم للحياة النباتية وحماية الحيوانات لصرف الانتباه عن جرائم إسرائيل. والذى يقصد من خلالها إظهار الفلسطينيين كمتخلفين لزيادة تجريدهم من إنسانيتهم وتخفيف حدة الانتقاد لإسرائيل.
لطالما اعتمد الإسرائيليون على الدبلوماسية العامة للتحكم بقصتهم وللتلاعب بالمعلومات. وبينما تشن إسرائيل جولتها الأخيرة من العدوان على الفلسطينيين، لا يزال السرد السائد الذى يتم تداوله غالبًا فى وسائل الإعلام الغربية يؤطر ضمنيًا لصالح الرواية الإسرائيلية.
تحت ستار الحياد، كان الخطاب الإعلامى يصف الصراع المشتعل فى القدس الشرقية المحتلة بأنه «اشتباكات» بين «الجانبين». إن القصف الإسرائيلى القاسى لغزة والذى أدى إلى مقتل مئات المدنيين له ما يبرره على أنه عمل «دفاع عن النفس» ردا على الهجمات الصاروخية العشوائية التى تشنها حماس واستخدامهم «للدروع البشرية».
تعلم إسرائيل أن الإدراك يشكل الواقع. فلكى ترتكب جرائم حرب وتفلت من العقاب، لا يمكنها أن تفعل ذلك إلا إذا كان هناك آلة دعاية قوية تواجه محاولات إدانتها التى لا مفر منها أو التضامن الدولى مع الفلسطينيين.
الدبلوماسية العامة فى إسرائيل ــ أو الهسبارا بالعبرية ــ تربط حرب المعلومات بالأهداف الاستراتيجية لإسرائيل. يجب النظر إلى الدبلوماسية العامة بشكل استراتيجى كأولوية للسياسة الخارجية، حيث يتم تكوين صورة إيجابية لإسرائيل على المسرح العالمى، لا سيما بالنظر إلى التحديات التى واجهتها إسرائيل بشكل مستمر منذ إنشائها فى عام 1948.
مفهوم الهسبارا فى إسرائيل على الرغم من تجذره فى مفاهيم الرقابة والتضليل، إلا أنه لا يتطلع إلى التشويش وتوفير معلومات متناقضة للجمهور. بدلا من ذلك، فإنه يقبل وجود سوق مفتوحة للآراء ويعمل على تعزيز الاستماع الانتقائى من خلال الحد من تقبل الجمهور للمعلومات، بدلا من تقييد تدفقها.
لإنجاز مهمتها، تستهدف الهسبارا الدبلوماسيين والسياسيين والجمهور من خلال وسائل الإعلام أو من خلال العديد من المعاهد والوكالات الحكومية، وكذلك فى مراكز الأبحاث والجامعات والمنظمات غير الحكومية وشركات اللوبى.
تقدم إسرائيل حتى زمالات ومنح دراسية لتعزيز الدعوة المؤيدة لإسرائيل، فى حين يعمل عدد من الأفراد من الصحفيين والمدونين لتكوين صورة إيجابية عن إسرائيل.
بعد حرب لبنان عام 2006 وما تلاها بعامين من «عملية الرصاص المصبوب» على غزة، وكلاهما أضر بشكل كبير بسمعة إسرائيل الدولية، كان هناك تحول تدريجى بين عامى 2008 و2012 إلى ما أطلقت عليه الباحثة مريم أوراغ «هسبارا 2.0» وهى دبلوماسية رقمية حازمة اعتمدت على تقنيات الويب 2.0 مثل مواقع التواصل الاجتماعى ويوتيوب.
فى عام 2012، أعلنت إسرائيل حربها على غزة على تويتر. خلال عملية «عمود الدفاع»، حينما كانت تسيطر النقاشات الإسرائيلية على المشهد الإعلامى الأمريكى والأوروبى، استفادت هسبارا من قنوات الاتصال على وسائل التواصل الاجتماعى، واستغلت خوارزميات محرك البحث والآليات الأخرى لتتحكم فى المحتوى الذى يتم تقديمه إلى المشاهدين.
فى هذه العملية، خلقت إسرائيل رواية عن نفسها تلعب فيها دور الضحية البريئة للإرهاب الفلسطينى، منحت فيه نفسها حق الدفاع ضد الاعتداء على وجودها. هذا على الرغم من حقيقة ما بدأته من تصعيد، وامتلاك قوة جوية متقدمة ضد خصم لا يملكه، وتفريغ أكثر من ألف ذخيرة على سكان غزة.
فى عام 2014، أدت حرب إسرائيل فى غزة تحت عملية «الجرف الصامد» إلى رد فعل أكبر بكثير من روايتها الإعلامية التى قللت من حجم الغضب العالمى لأفعالهم فى غزة.
مع انتشار صور الدمار وجثث المدنيين الأبرياء الممزقة على وسائل التواصل الاجتماعى، اضطر مؤيدو الهسبارا مضاعفة جهودهم فى حملاتهم والتى حاولت إعادة صياغة ما ارتكبته إسرائيل من جرائم حرب وتبييض الاستخدام غير المتناسب للقوة، والتى أثبتت فى الأخير عدم فاعليتها حتى داخل إسرائيل.
فى حالة الفشل مثلما حدث فى ذلك الموقف، هناك بعض الاستراتيجيات البالية فى ترسانتهم التى لجأ إليها مهندسو الهسبارا. الأول هو إجبار الجمهور على الاختيار بين إسرائيل وحماس. اليوم، نرى باستمرار هذه الاستراتيجية يتم استخدامها وخاصة فى الإعلام العالمى الذى يصور إسرائيل على أنها جهة فاعلة عقلانية وبريئة أثارها تهديد إرهابى غير عقلانى، مما يجعل أى انتقاد لأفعال إسرائيل بمثابة تبرير للإرهاب.
فى حين أن عددًا من الحكومات الغربية صنفت حماس منظمة إرهابية بما فى ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والنرويج وسويسرا، فإنها لا تزال تقيم علاقات دبلوماسية معها. تعتبر أستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة أن جناح حماس العسكرى فقط منظمة إرهابية. عدد من الدول الأخرى غير الغربية لا تصنفها على أنها منظمة إرهابية، وقد رفضت الأمم المتحدة فى عام 2018 قرارًا أمريكيًا لإدانتها كمنظمة إرهابية.
ربما كان التكتيك الأكثر شيوعًا هو ربط أى انتقاد للسياسات الإسرائيلية، سواء انتهاكات حقوق الإنسان أو الاستعمار غير القانونى للأراضى الفلسطينية، بمعاداة السامية.
كان أحد التهديدات الاستراتيجية فى السنوات الأخيرة هو تنامى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS). حاول المسئولون الإسرائيليون تشويه سمعة أولئك الذين يدعمون حركة المقاطعة على أنها معادية للسامية وزعموا أنها مرتبطة بالإرهاب، فى حين تم تمرير قوانين مناهضة لحركة المقاطعة فى الولايات المتحدة.
عبر الإنترنت، دفع ذلك شركات التواصل الاجتماعى البارزة لتبنى تعريف التحالف الدولى لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية، مما يوسع من عملية إلقاء الاتهامات بمعاداة السامية إلى انتقاد إسرائيل.
يعتبر تسليح قضايا العدالة الاجتماعية استراتيجية أخرى يتم تبنيها بشكل متكرر. على سبيل المثال، يتكرر سرد كيف أن إسرائيل هى «الديمقراطية الوحيدة» فى الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنها الدولة الوحيدة التى تحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون فى منطقة رجعية وعدوانية.
من استراتيجيات الهسبارا استخدام قضايا المثلية الجنسية والموقف الإيجابى الإسرائيلى تجاههم وتأييدهم للحياة النباتية وحماية الحيوانات لصرف الانتباه عن جرائم إسرائيل. والذى يقصد من خلالها إظهار الفلسطينيين كمتخلفين لزيادة تجريدهم من إنسانيتهم وتخفيف حدة الانتقاد لإسرائيل.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى