هيام عيد- الديار
أكدت التطوّرات التي حصلت في المنطقة في الآونة الأخيرة، أن لبنان بمنأى عن أي حروب جديدة، وخصوصاً أن البعض تخوّف من أن تنعكس حرب غزّة على الداخل اللبناني، وحيث تشير المعلومات المؤكدة، الى أن أكثر من اتصال دولي وإقليمي جرى بعيداً عن الأضواء مع مسؤولين لبنانيين وبعض الأفرقاء المحليين، على خلفية عدم إقحام لبنان في أي إشكاليات قد لا يتحمّلها في هذه الظروف الإستثنائية، ولا سيما في ظل تدهور أوضاعه الاقتصادية والمالية، والقلق الأكبر كان على المخيمات الفلسطينية، من خلال دخول بعض الأطراف الأصولية على خط زعزعة الاستقرار في الداخل، وخصوصاً أولئك الذين فرّوا من سوريا يوم احتدمت الحرب فيها، وبمعظمهم ينضوون في تنظيم «داعش» وحركات أصولية متطرّفة، إلى أجهزة استخبارات خارجية، تسعى إلى تصفية حسابات في الإقليم من خلال الساحة اللبنانية، أو عبر المخيّمات الفلسطينية.
في هذا السياق، تشير مصادر مواكبة لهذه الأجواء، إلى معلومات تتحدث عن لقاءات واتصالات وتنسيق جرى بين القوى الفاعلة في هذه المخيّمات، وبتوجّهات من السلطة الفلسطينية، لإبقاء الإستنفار قائماً بهدف الحفاظ على أمنها وعلى الإستقرار في لبنان بشكل عام عبر ضبط الوضع، وهذا ما حصل، بحيث بلغ التنسيق بين حركة «فتح» والجيش اللبناني ومخابراته أعلى درجات التنسيق، وصولاً إلى معلومات عن اتصالات بين بعض العواصم العربية والسلطة الفلسطينية في رام الله وسفراء غربيين لتحصين لبنان، ومواجهة أي تطورات متوقّعة ومرتقبة إن خلال المعارك التي دارت في غزّة، أو ربطاً بهشاشة الأوضاع الداخلية وتردّي الأوضاع المعيشية.
لذا، تلفت المصادر نفسها، إلى أن المجتمع الدولي يولي عملية دعم الجيش اللبناني الأولوية المطلقة، دون الاكتراث للطبقة السياسية برمّتها، في ظل انعدام الثقة بها، وبناء على هذه الأجواء، يمكن قراءة زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى باريس من الحفاوة التي حظي بها، إلى تأكيد المسؤولين الفرنسيين وإشادتهم بدور المؤسّسة العسكرية في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، وكذلك إلى الإشارات السياسية أمام ما ينتظره لبنان من استحقاقات على غير صعيد، وحيث التجارب في الداخل، أثبتت على جهوزية هذا الجيش وقدراته من خلال دوره الأساسي في كيفية التعاطي مع «ثورة 17 تشرين»، إلى انفجار المرفأ في الرابع من آب، وحيث كان المؤسّسة الأبرز عبر متابعته اللوجستية والإنسانية مع هذا الانفجار.
وبالعودة إلى الوضع الفلسطيني، فإن ما بعد معركة غزّة، والقلق من أن تحصل أي صدامات أو إشكاليات بين القوتين الأساسيتين في الداخل الفلسطيني «فتح» و»حركة حماس»، فإن مظاهر الوحدة الوطنية تجلّت بوضوح بين الفريقين، إن على مستوى غرفة العمليات المشتركة بينهما، كما تشير مصادر فلسطينية رفيعة، بمعنى أن موقفهيما كان موحّداً بمعزل عن أي تباينات في وجهات النظر، حيث سقط شهداء وجرحى من الطرفين، وهذه الحالة بينهما انسحبت على المخيمات الفلسطينية من الجنوب إلى الشمال فبيروت، الأمر الذي ساهم في استقرارها وأراح في الوقت عينه الساحة الداخلية بعد أن سيطر القلق على بعض الأطراف السياسية اللبنانية.
لذلك، فإن العواصم الدولية المعنية بالملف اللبناني، ترى أنه، وبعيداً عن حجب المساعدات عن الطبقة السياسية والمسؤولين اللبنانيين بشكل عام، فإن هناك قراراً وإجماعاً على دعم الجيش اللبناني، وبناء عليه، فإن مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون الآيلة إلى إقامة مؤتمر دولي لدعم الجيش، إنما هي من قبيل تأكيد فرنسي ودولي بالثقة المطلقة بهذه المؤسّسة.