على هامش جولة بلينكن… الانتقال من إدارة الصراع إلى حله
كتب الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط في” الشرق الاوسط”: يجب ألا ننتظر الجولة القادمة من العنف الدامي. حان الوقت لاستعادة العملية السياسية. لدينا اليوم ما يُمكن البناء عليه. فالهدنة القائمة في غزة يتعين تثبيتها وتمديدها من أجل الانخراط بسرعة في جهود إعادة الإعمار. لن تُقبِل الدول المانحة على المساعدة في إعادة الإعمار من دون أفقٍ سياسي يضمن عدم اندلاع جولة جديدة من العنف في وقت قريب. إن ما يحتاج إليه الفلسطينيون اليوم أكثر من أي شيء آخر هو أفقٌ سياسي مستقبلي، وضوء في آخر نفق الاحتلال الطويل.
كغيري صرت أرصد دلائل مزعجة على تآكل مستمر لحل الدولتين الذي يبدو أنَّ الحكومة الإٍسرائيلية غير معنية بمناقشته أو الاعتراف به سبيلاً وحيداً ممكناً لتسوية هذا الصراع، بصورة تُحقق التطلعات القومية للعرب واليهود، في دولتين مستقلتين يعيش مواطنوهما، بكرامة وسلام، جنباً إلى جنب. حقيقة الوضع القائم في الضفة هو أنَّ إسرائيل تُسيطر على 60 في المائة من مساحتها (المنطقة ج)، بما يحول دون أي نمو أو تنمية في فلسطين، وهناك خطط مستمرة للتمدد الاستيطاني في كافة المناطق، بما في القدس الشرقية، وبما يجعل من إقامة دولة فلسطينية متواصلة على 22 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية أمراً شبه مستحيل.
لذلك فإنَّ المطلوب الآن، ابتداءً، هو إجراءات لبناء الثقة، في الضفة والقدس وقطاع غزة على حدٍ سواء. وفي مقدمة هذه الإجراءات وقف النشاط الاستيطاني المدمر لحل الدولتين. لقد سبق وأن توصل مجلس الأمن الدولي بالإجماع، في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس أوباما، في ديسمبر (كانون الأول) 2016 إلى القرار 2334، الذي يُطالب إسرائيل بالوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. إنَّ استمرار الاستيطان المنفلت، وبالأخص في مناطق بالغة الحساسية في القدس الشرقية، يُهدد بالقضاء على ما تبقى من فرصة ضئيلة لحل الدولتين في المستقبل
وأخيراً، فإن السبيل الوحيد للخروج من المأزق الحالي هو أن يجلس الطرفان في أسرع وقت للتفاوض حول التسوية النهائية، بدعمٍ أميركي وأممي وعربي وأوروبي، وعلى أساسٍ من المُحددات والمرجعيات المعروفة، والتي سبق للطرفين نفسيهما التوافق حولها منذ أوسلو 1993. إنَّ الدور الأميركي في تكوين هذه المظلة الداعمة للعملية السياسية يظل، كما كان دائماً، حاسماً وجوهرياً. وربما تتمثل الاستراتيجية الأمثل في إعادة بث الحياة في الرباعية الدولية، بعد توسيعها لتشمل طرفي النزاع، وأطرافاً أخرى عربية أظهرت مسؤولية وقدرة على القيام بدور إيجابي في عملية التسوية.
المصدر: الشرق الأوسط