الأخبار- بيروت حمود
«قانون ونظام». تحت هذا الشعار، شرعت شرطة العدو الإسرائيلي في عملية «لاستعادة قوة الردع» التي فقدتها خلال الاحتجاجات الأخيرة، وذلك من طريق شنّ حملة اعتقالات واسعة ضد فلسطينيّي الـ48، من المفترض أن تستهدف 500 من الواقعين ضمن «بنك أهدافها»
الهدف الرسمي المعلَن، كما تدّعي الشرطة، هو «اعتقال متورّطين في أعمال شغب خلال الأسبوعين الأخيرين، وإغلاق الحساب مع تنظيمات الجريمة في المجتمع العربي، واعتقال عدد من المسؤولين في هذا المجال»، علماً بأنه منذ سنوات يطالب أهالي الـ48 بأن تتحمّل الشرطة مسؤوليتها، وتقوم بجمع السلاح المنتشر في أيدي تنظيمات المافيا والإجرام، وأن تحاسب على الأقلّ القتَلة المعروفين. لكنها، بدلاً من ذلك، تواطأت بشكل فعلي معهم، سواءً من طريق نشر السلاح في أيدي هذه الجماعات أم عدم محاسبة المجرمين.
وجاءت حملة «قانون ونظام» بعد الموافقة عليها إثر نقاشات بين وزير الأمن الداخلي أمير أوحنا، والمفتّش العام للشرطة كوبي شبتاي. وبحسب الموقع، فإنه «بعد أيام على تعافيهم من التروما التي أصابتهم نتيجة الأحداث في اللد، أدرك المسؤولون في جهاز الشرطة أن قوتهم الردعية تضرّرت بصورة كبيرة». وفي أعقاب ذلك، «أعطى المفتّش العام للشرطة توجيهاته للضبّاط بتجهيز بنك أهداف أمني، يُمكّن من اعتقال 500 مشتبه فيهم، ومن ضمنهم عناصر مافياوية تابعون لتنظيمات الإجرام في الداخل». وأشار التقرير إلى أن غالبية المشتبه فيهم «مواطنون عرب، أعدّت الشرطة ضدّهم ملفّات متماسكة، مع أدلة تُمكّن من تقديم لوائح اتهام بحقهم بشكل قياسي وسريع»، مضيفاً أن «جزءاً من الأدلّة يتمحور حول العنف والتخريب الموثّقَين بالصورة أو الفيديو، فيما جزء آخر حول التحريض على ارتكاب العنف، جمّعه ووثّقه قسم السايبر التابع لوحدة لاهف 433». ولفت الموقع إلى أن آلاف الشرطيين من القطاعات والوحدات كافة، وعناصر حرس الحدود، ومجنّدي الاحتياط، وعناصر الوحدات الخاصة، سيشنّون حملة اعتقالات واسعة، عبر دمج جميع الوسائل والقدرات العملياتية والتكنولوجية القائمة.
وحتى الآن، قدّمت النيابة العامة الإسرائيلية في كلّ المناطق أكثر من 140 لائحة اتهام ضدّ 230 متهماً، نصفهم قُصّر، بـ»ارتكاب مخالفات مختلفة وأعمال شغب»، فيما اعتقلت، منذ بداية الهبّة، 1500 فلسطيني في أراضي الـ48 والقدس، أطلقت سراح معظمهم. وتتضمّن لوائح الاتهام «مهاجمة شرطيين في ظروف خطرة، وتعريض حياة الناس للخطر في الطرق العامة، والمشاركة في أعمال الشغب، ورشق الحجارة، وتخريب الممتلكات العامة، والتحريض، والتشويش على عمل الشرطة».
في المحصّلة، تؤكد هذه الحملة المسعورة لجوء العدو مرّة أخرى إلى استراتيجية تجريم العمل والنضال السياسي باستخدام العنف والقوة والاعتقال، كأدوات للجم الحراكات العفوية التي انطلقت في الأراضي المحتلة لنصرة القدس والأقصى وغزة. كما تؤكد أنه ليس ثمة حدود فاصلة في تعامله مع أيّ فلسطيني، بغضّ النظر عمّا إذا كان ابن الضفة أو القدس أو «مواطناً» من الـ48؛ إذ إن سياسات التهجير والاقتلاع وهدم البيوت قائمة في كلّ مكان في فلسطين، كما أن حملات الاعتقال والاعتداء متشابهة، وهو ما يفسّر جوهر الهبّة الشعبية التي اندلعت واتّسعت في الداخل.
إذاً، فلسطينيو الـ48 اليوم أمام امتحان، فإمّا أن يَثبتوا عند ما حقّقوه من إنجازات، وإمّا أن ينهاروا مستسلمين أمام حملة الترهيب والتخويف والصدمة. ولكن كما كانت هبّتهم في حدّ ذاتها «مفاجأة» بالنسبة إلى إسرائيل نفسها، فلا شك في أنهم قادرون على تجاوز هذا الامتحان.