لم تقتصر معركة “سيف القدس” على الساحة الفلسطينية والمواجهة بين الفصائل وكيان الاحتلال، بل كان هناك معركة موازية لها على منصات التواصل الاجتماعي، التي شكلت الأرضية لانطلاقة أخرى لهذه الأحداث نحو العالمية، حيث تجاوزت حدود المنطقة العربية.
قبيل إطلاق الصاروخ الأول من قبل الفصائل الفلسطينية إلى عمق “إسرائيل”، وتزامنًا مع الاعتداءات التي شهدتها منطقة القدس وحي الشيخ جراح، بدأت المعركة الافتراضية على كافة تطبيقات مواقع التواصل، والتي كان لها تأثيراً عظيمًا على مجريات الأحداث، وقد كانت على مستويين:
فضح الجرائم الإسرائيلية
ساهم الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في نقل الصورة الحقيقية لما حاول الإعلام العبري أن يطمس آثاره ويمارس عليه حملة تشويه ممنهجة، بداية مع اعتداء المستوطنين على حي الشيخ جراح، ومحاولتهم سلب بيوتهم بالقوة، واعتمادهم أسلوب حرب العصابات في التعامل مع الفلسطينيين، واستعمال القوة بشكل مفرط، هذا كله بتغطية من شرطة الاحتلال، فبينما اعتبر الاعلام العبري المستوطنين أصحاب حق ويدافعون عن “ممتلكاتهم”، وصل وسم “#انقذوا_حي_الشيخ_جراح” إلى حوالي 9 مليون تغريدة، في حين وصل وسم #GhazaUnderAttack إلى أكثر من 10 مليون تغريدة، الوسم الذي كتب باللغة الأجنبية، وهذا ما يدل على اتساع رقعة تداوله، وانتشاره بالدول الغربية والأميركية أيضًا، بعدما استمر الناشطون بمواكبة تطورات معركة “سيف القدس” والتي أَطلق عليها كيان الاحتلال معركة “حارس الأسوار”، ونقل الاعتداءات التي يمتهنها كيان الاحتلال، إلى العالم بأسره، عبر تداول صور المجازر التي ارتكبها، خاصة تلك التي تسببت باستشهاد الأطفال الذين لم تبلغ أعمارهم بضع سنوات، إضافة لمقاطع فيديو مصورة للحظات قصف بيوت المدنيين فوق رؤوس أصحابها بذريعة أنها تحتوي منصات صاروخية لحركة حماس أو بقية الفصائل، ومشاهد تُظهر أيتام الشهداء الذين أصبحوا على هذه الحال نتيجة الانتهاكات الإنسانية التي قامت بها آلة القتل الإسرائيلية، حتى وصلت هذه القضية إلى العالمية ولم تقف عند حدود المنطقة.
إبراز إنجازات المقاومة
على المقلب الآخر استطاع الناشطون من خلال تداول أخبار المقاومة الفلسطينية باللعب على الحالة النفسية بالدرجة الأولى لجنود الاحتلال وبالدرجة الثانية المستوطنين. وكان ذلك عبر:
-سرعة انتشار مقاطع الفيديو التي يبثها الاعلام الحربي لكتائب القسام وسرايا القدس.
-إظهار حجم وتطور القوة الصاروخية للفصائل، خاصة تلك التي كشفت عنها للمرة الأولى.
-توثيق خسائر كيان الاحتلال، والتي كان يعمل على إحفائها طيلة الـ11 يومًا، وتأتي في الواجهة عملية استهداف الجيب العسكري التي يعترف بها جيش الاحتلال الإسرائيلي إلا بعد انتشار فيديو يوثق العملية.
-توثيق اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وإثبات انهم شركاء بالعملية العسكرية، وان لا مستوطن مدني في كيان الاحتلال، بل كلهم جنود مسلحة عند الضرورة.
-توثيق انتصار المقاومة، والإنجازات التي حققتها، حيث كانت هي أول من فتح النار نصرة للمسجد الأقصى، وصاحبة الطلقة الأخيرة في المعركة.
-إظهار التخبط الإسرائيلي، بين القيادة السياسية والعسكرية نفسها، وبين القيادة والمستوطنين.
ساهم روّاد التواصل الاجتماعي في إعادة القضية الفلسطينية إلى العالمية، واظهار حجم التضامن العالمي معها، وهو مأزق عظيم بالنسبة “لإسرائيل”، بدأت تظهر نتائجه بعد شن حملة انتقادات واسعة للقيادة العسكرية والسياسية التي لم تحقق أي من أهدافها في هذه الحرب، بل دمرت وقصفت وقتلت المدنيين والأطفال، غير ان ذلك سيمتد حكمًا إلى الحكومة بعدما هدد بعض نواب اليمين بأنهم لن يشاركوا فيها نتيجة تهور و”عدم اتزان” رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو.