اندريه قصاص -لبنان24
على مدى سبعة أشهر ونيّف لم تنجح أي مبادرة في إخراج الأزمة الحكومية من عنق زجاجة ثنائية الحريري – باسيل. فالمساعي التي قام بها أكثر من طرف خارجي وداخلي، ومن بينهم الرئيس نبيه بري والبطريرك مار بشاره بطرس الراعي، لم تلق التجاوب الكافي من قبل المعنيين، فبقي الجمود سيد المواقف، وبقيت المراوحة “تأكل” من رصيد الجميع، الذين أصبحوا في نظر الشعب متساوين في عملية التعطيل والدمار والإنهيار.
فتعبير “كلن يعني كلن” لم يأت من عبث، بل هو نتيجة لأسباب كثيرة. فتوالي الأيام وما حملته من خيبات أمل جعلت أهل الحكم في نظر الناس مسؤولين مباشرين عن سلسلة المآسي التي يعيشونها منذ أكثر من سنة ونصف السنة. وقد جاء إنفجار المرفأ ليزيد من هول المعاناة، مترافقًا مع شعور لدى أهالي ضحايا جريمة العصر بأن التحقيق المحلي لن يوصلهم إلى معرفة الحقيقة، الأمر الذي يزيد من عمق المعاناة وتنامي الشعور بالغبن والإهمال.
وفي هذا الوقت لا تزال المواقف السياسية على حالها من دون أن نشهد أي خرق في جدار الأزمة الحكومية السميك، مع العلم أن جميع المعنيين مقتنعون بأن بداية البدايات لا بدّ من أن تكون الحكومة ممرًّا إجباريًا لها. وهذه الحقيقة المبدئية تبقى مرهونة بالمواقف المأسورة بالـ”أنا”، التي يعتبرها البعض مرتبطة بتشابكات داخلية وخارجية تجعل من الحلّ المأمول شبه مستحيل.
ويعتقد بعض المطلعين على حيثيات العقد المستحكمة بالتأليف أنه قد آن الآوان لكي يضع الجميع القليل من الماء في نبيذهم، وأن يعيدوا حساباتهم جيدًا، خصوصًا أن نسب الخسارة على كل المستويات هي الراجحة.
ويرى هؤلاء أن أقصر الطرق لبلوغ الهدف، في حال صفت النوايا، كما قال الرئيس بري بالأمس، هو الطريق المستقيم الذي ليس فيه إلتواءات أو إعوجاجات. وينصحون بالعودة إلى نقطة الصفر، أو بالأحرى تصفير عدّاد الأيام، والبدء بمفاوضات رئاسية جديدة وعلى اسس مختلفة عن السابق، والتفتيش عن حلول تتجاوز المصالح الخاصة لهذا الفريق أو ذاك الطرف.
وفي رأي هؤلاء أن صيغة حكومة الإختصاصيين لن تجدي نفعًا ما دامت العقد سياسية أكثر منها تقنية، ولذلك يُفترض العودة إلى الصيغة التي طرحها منذ البداية الرئيس نجيب ميقاتي، والتي تدعو إلى حكومة تكنوسياسية، وهذا ما تبنّاه الأمين العام لـ”حزب الله السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته.
فهل يقتنع الرئيسان عون والحريري بهذه الصيغة، وهل تعود الحرارة إلى الخطوط المقطوعة بين “بعبدا” و”بيت الوسط” من جديد، إنطلاقًا من تأكيد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل من أنه لم يطالب يومًا بالثلث المعطّل، وهو لا يريد أي حصّة في الحكومة العتيدة.
الأجواء السائدة حاليًا لا توحي بأن ثمة حلحلة في مكان ما، وإن المواقف لا تزال على تشنجها من دون أن تلوح في الأفق أي بادرة من شأنها كسر الجليد المتراكم على الطريق التي تصل وادي ابو جميل ببعبدا.