فادي عيد-الديار
السؤال المطروح اليوم في الأوساط السياسية، ما إذا كان طرح اعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري قد سُحِب من التداول، ولم تعد هناك أية احتمالات بأن يُقدم الرئيس المكلّف على قلب الطاولة على الجميع وبالتالي، رمي استقالته في وجه المعنيين بالملف الحكومي؟
على هذا السؤال، تجيب مصادر الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس الحريري، بأن خيار الإعتذار كان وارداً في لحظة ما، ليكون الرسالة الموجّهة من بيت الوسط إلى باريس قبيل الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، وذلك من أجل إعداد المناخ الداخلي للسير في طرح الإعتذار، وإيجاد المخرج اللائق له، من دون التأثير سلباً على مجريات العملية السياسية المحيطة بأزمة تأليف الحكومة، لكن المصادر ذاتها استدركت، بأن هذا الطرح قد سُحب من التداول في الساعات الماضية، وتحديداً بعد انتهاء جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى مجلس النواب، والتي اعتبر فيها أن الرئيس المكلّف هو المسؤول عن تأخير عملية التأليف. وأوضحت هذه المصادر، أن هذه الجلسة أعطت الزخم للرئيس الحريري بعدم السير بالإعتذار بعد الآن، في ضوء الدعم الظاهر من قبل الرئيس نبيه بري له، والذي دحض كل النظريات التي كانت تقول بأن الحريري بات معزولاً، ولم يعد له أي حليف سواء في الداخل أو في الخارج، مع العلم أن مثل هذه النظريات، قد سُجّلت في وقت معين داخل تيار «المستقبل».
وكشفت المصادر نفسها، أن قنوات التواصل ما بين بيت الوسط مع كل من مصر والإمارات وتركيا مفتوحة بشكل كامل وناشط، مقابل برودة ظاهرة في قناة التواصل مع الفرنسيين، وذلك، مع العلم أن الداعم الأول للرئيس الحريري قبل أن يطرح نفسه لتشكيل الحكومة، وأيضاً ما بعد تكليفه، كانت باريس على وجه الخصوص. ولفتت المصادر، إلى أن باريس لم تتمكّن من تأمين أجواء سياسية مناسبة من أجل مساعدة الحريري على تشكيل الحكومة، بل على العكس، فهي تركته يواجه منفرداً خصومه في بيروت، وبالتالي، فإن العَتَب من قبل الحريري على الفرنسيين، أدّى إلى عدم نضوج ظروف الزيارة التي كان يزمع القيام بها إلى العاصمة الفرنسية منذ أسبوعين.
وكشفت هذه المصادر، أن ما أعلنه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، والذي حمّل فيها الرئيس المكلّف مسؤولية التأخير في تأليف الحكومة، لم يؤثّر على العلاقة بين بيت الوسط والمختارة، خصوصاً وأن الرئيس الحريري قد أصدر تعميماً صارماً، وبشكل شخصي مساء الخميس الماضي، إلى المناصرين والمسؤولين والنواب والوزراء وجمهور تيار «المستقبل»، بعدم الردّ على مواقف زعيم المختارة، وهو التقى بذلك مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي أصدر بدوره تعميماً مشابهاً لجمهور «القوات» والمسؤولين القواتيين.
وفي هذا المجال، نقلت المصادر «المستقبلية» نفسها، عن وسطاء يعملون بين بيت الوسط وكليمنصو، بأن هاجس الأمن الغذائي لدى جنبلاط، شكّل الدافع الأساسي وراء مواقفه تجاه الرئيس الحريري، وذلك، في ضوء المعلومات الوثيقة والمعطيات التي في حوزة زعيم المختارة، والتي تشير إلى أنه في حال جاع الشعب، تسقط كل المحرّمات، وسيكون لبنان كله وبكل أطيافه السياسية والطائفية، أمام فوضى مفتوحة الأفق على كافة الإحتمالات الكارثية.