القاهرة تُعرّض آمالها: هدنة لعقدَين مقابل اعتراف دولي بـ«حماس»!
الأخبار- جلال خيرت
صحيح أن هوامش الخلافات بين القاهرة و»حماس» تقلّصت بشكل كبير، لكن لا تزال هناك نقاط خلاف جوهرية دفعت الأولى إلى تعطيل بعض أدوات الدعم التي كان يُفترض أن تنطلق اعتباراً من اليوم التالي لدخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، وفي مقدّمتها عبور قوافل المساعدات والوفود الشعبية والحزبية من القاهرة إلى غزة، للإعلان عن الدعم المصري المقدَّم للقطاع، على غرار ما حدث عام 2012، لكن هذه الوفود لم يتمّ السماح لها بالانطلاق، لأسباب عدّة في مقدّمتها الرغبة في الوصول إلى تفاهمات نهائية مع «حماس» حول مسائل لا تزال عالقة. ومن بين تلك المسائل عملية إعادة الإعمار التي لم يُعطَ الضوء الأخضر للشروع فيها بعد، بسبب تحفّظات مصرية على بعض الأمور التي طلبتها «حماس»، إلى جانب مخاوف الأطراف الدولية التي تحدّثت مع القاهرة عن ضرورة التأكّد من توظيف الأموال «بشكل صحيح»، وهو ما وعدت الأخيرة بالتحكّم به عبر قنوات رسمية ستقوم بالتنسيق في شأن ملفّ إعادة الإعمار، سواء من الجانب المصري أو الفلسطيني، على غرار المساعدات التي جرى إرسالها وإدخالها عبر معبر رفح من خلال حزب «مستقبل وطن» المدعوم من المخابرات.
ترى القاهرة أن «استقرار» غزة بات اليوم من أهمّ عوامل «تحصين الأمن القومي المصري» على الجبهة الشرقية، ليس للقضاء على فكرة توطين أهالي غزة في سيناء فقط، ولا من أجل التخلّص من مشكلة الأنفاق فحسب، بل لأن «الاستقرار» في القطاع سيمنع كثيراً من المخاطر المحتملة التي يضعها الجيش في تقديراته، فضلاً عن وجود سعي دائم لدى مصر لإصلاح العلاقة مع غزة، والتي شابتها توتّرات عديدة منذ إطاحة حكم «الإخوان» في «المحروسة». وبخلاف فرص الشركات المصرية في عملية إعادة الإعمار وإدارة المسألة من الناحيتَين النقدية والعملية، فإن القاهرة تسعى إلى أن تكون الوسيط غير المباشر بين «حماس» والأطراف الأوروبية والأميركية الراغبة في التواصل مع الحركة، بالاستعانة بوكلاء في جهاز المخابرات المصرية يحظون بثقة لدى صنّاع القرار. ومن أجل ذلك، تبدي القاهرة استعدادها لتقبُّل تولّي «حماس» القيادة خلال الفترة المقبلة عبر الانتخابات، ولدعم الحركة في المحافل الدولية، تمهيداً إمّا لرفع اسمها من «قوائم الإرهاب» الأوروبية والأميركية بشكل كامل، أو على الأقلّ توفير بيئة تُمكّنها على المدى الطويل من الانخراط في ما يُسمّى «المجتمع الدولي»، وفق ما تُروّجه الأوساط الرسمية المصرية حالياً.
بالنتيجة، رؤية النظام المصري للتعامل مع الحركة قائمة على علاقة وظيفية مرتبطة بالمصالح وتبادل المنفعة بشكل رئيسي، وخاصة في ظلّ المكاسب التي جنتها القاهرة أخيراً، سواء في ما يتعلّق بإعادة فتح قنوات التواصل بشكل مباشر مع البيت الأبيض وإدارة جو بايدن، أو حتى على مستوى استعادة شيء من «مكانتها» بعدما أجبرت حليفتها أبو ظبي على الإصغاء إلى رؤيتها للتعامل مع الملفّ الفلسطيني، وخصوصاً في ظلّ فشل الإمارات في إدارة الملفّ عقب وضع كلّ رهاناتها على الجانب الإسرائيلي، حتى في أيّام الحرب. وفي هذا الإطار، تُعلّق مصر آمالاً على مؤتمر إعادة الإعمار الذي يُتوقّع أن تستضيفه شرم الشيخ في حال عدم الاكتفاء بالنقاشات الثنائية والثلاثية مع الأردن وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وأيضاً على الدفع باستئناف المفاوضات التي يُنتظر أن تجري صياغة خطّة لتفعيلها بشكل نهائي في زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، للمنطقة نهاية الأسبوع الجاري.