قال مصدر نيابي بارز لـ “الديار” ان رئيس مجلس النواب نبيه بري نجح كالعادة في ادارة وضبط الجلسة وجنبها انفجاراً فوق السقف المحدد، وكان واثقاً قبل انعقادها من هذا النجاح حين ترك الجلسة تبث على الهواء مباشرة عبر محطات التلفزة، وحين قلب ادوار الكلام فترك كلمة الحريري الى النهاية لكيلا تثير سجالاً ساخناً اذا ما جاءت في البداية.
ووفقاً لأكثر من مصدر، فإن حرارة كلمة الحريري كانت متوقعة، لكنها تجاوزت بعض الشىء التوقعات، لا سيما انه حضر لها بعناية مستعيناً بمعاونيه ومستنداً الى الاجواء النيابية التي لم تكن لمصلحة رسالة عون منذ البداية.
وكادت اجواء الجلسة خلال كلمة الحريري النارية ان تلتهب، الا ان الرئيس بري كان يرصد بدقة وعناية النواب وقطع الطريق على أي رد او تداخل، عدا ان النائب باسيل بدا هادئاً جداً على عكس ما توقع البعض.
وكما كان متوقعاً، فقد خرج الحريري من قاعة الاونيسكو عندما بدأ باسيل كلمته، ما يعكس حجم القطيعة والجفاء الكبير بين الرجلين ويصعب مهمة جمعهما والتوفيق بينهما.
وبعد ان عبر بجلسة رسالة عون الى اجواء غير تفجيرية، نشط بري في التحضير للمرحلة المقبلة على ضبط اعادة تفعيل عملية تشكيل الحكومة ومحاولة تخفيف حدة الاحتقان وانعدام الثقة بين رئيس الجمهورية وفريقه من جهة ورئيس الحكومة المكلف من جهة اخرى.
ورغم الاجواء المتشنجة التي سادت، لا سيما خلال مداخلة الحريري الساخنة والعالية السقف، فإن رئيس المجلس سارع الى عقد لقاء معه بعد الجلسة قبل ان يلتقي النائب باسيل ليعود ويجتمع مع رئيس الحكومة المكلف مرة ثانية في اطار حصر ومعالجة اثار الاتهامات المتبادلة التي سادت خلال الجلسة وما قبلها وبعدها مباشرة.
ولفت في هذا المجال اعلان المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل عن “ان هناك نقطة انطلاق يعمل عليها الرئيس بري من اجل تشكيل الحكومة لكنها ليست معروفة حتى الآن”.
وقال مصدر مطلع لـ “الديار” ان بري يستند الى ما يشبه التفويض الخارجي القوي من خلال تشجيع باريس لمبادرته ودعم مضاف لهذه المبادرة من مصر التي دخلت بقوة على خط السعي لتسريع تشكيل الحكومة.
واضاف المصدر ان رئيس المجلس بعد جلسة الأمس بات يستند ايضاً الى تفويض داخلي اوسع، لا سيما ان نتائج رسالة عون اكدت ان لا مناص من التركيز على تخفيف ازمة الثقة بينه وبين الرئيس الحريري، ولا مجال لتحقيق تقدم ملموس او ناجز لتأليف الحكومة الا من خلال الحوار بينهما والاتفاق، بعد ان تكون مبادرة بري قد احرزت نتائج ايجابية تنطلق من نقطتين اساسيتين:
التسليم بتشكيل حكومة من 24 وزيراً من رجال الاختصاص غير الحزبيين، واستبعاد الثلث المعطل بكل اشكاله اكان صريحاً أم مقنعاً.
ولفت المصدر الى ان حزب الله يدعم بقوة استئناف مبادرة بري، وانه على قناعة ان لا سبيل لتأليف الحكومة من دون الحوار والاتفاق بين عون والحريري، وان لا شيء مطروح يناقض هذا التوجه الطبيعي لولادة الحكومة.
وفي المواقف ودلالتها فإن الرئيس بري عبر كالعادة عن موقف جامع في مستهل الجلسة حين اكد على “الوحدة ثم الوحدة، وإلا ستذهب ريحنا”.
وكانت له تدخلات قصيرة لافتة ومنها حين تحدث باسيل عن استعداد للقيام “بمهمة انتحارية” وتقديم اقتراح قانون ترشيد الدعم في ظل عدم تقدم الحكومة بهذا القانون. عندئذ قاطعه الرئيس بري قائلاً “مطلوب منك عملية انتحارية اخرى”، قاصداً موقفاً جريئاً ومساعداً اكثر في عملية تشكيل الحكومة.