مؤسسات “حزب الله” في ألمانيا وخيارات البقاء بعد الحظر والملاحقة

رايات “حزب الله” في ألمانيا قبل الحظر
المصدر: النهار العربي-جاسم محمد
ما زال “حزب الله” اللبناني  تخسر الكثير من وسائل الدعم والتمويل داخل ألمانيا، فالاستخبارات الألمانية لم تكتفِ بحظر الحزب عام 2020 بل تعمل على رصد خلايا هذه الجماعة وتفكيكها وتعقب شبكة عملها السرية، التي كثيراً ما تأخذ واجهات “جمعيات خيرية” من أجل تقديم الدعم اللوجستي من داخل المانيا.
وأقر البرلمان الألماني يوم 19 كانون الثاني (ديسمبر) 2019 مذكرة وافقت عليها الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم في ألمانيا وهي حزب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل “المسيحي الديموقراطي” وشقيقه الحزب “المسيحي الاجتماعي” في ولاية بافاريا، وكذلك الحزب “الاشتراكي الديموقراطي” باعتبار “حزب الله” منظمة إرهابية. يذكر أن الاتحاد الأوروبي أدرج الجناح العسكري للحزب على قائمة الإرهاب في عام 2013، بيد أن بريطانيا صنفت التنظيم برمته على أنه تنظيم متطرف في آذار (مارس)  2019، وتبعت ذلك هولندا والولايات المتحدة وكندا.
وأعلن وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر يوم 30 نيسان (أبريل) 2020 حظر أنشطة “حزب الله” في ألمانيا. ويستند الحظر إلى الفقرة 1 من المادة 3 بالارتباط مع الفقرة 1 من المادة 15 والجملة 2 من المادة 18 من قانون الجمعيات، باعتبار أن أنشطة “حزب الله” تخالف قوانين العقوبات وتتعارض ومفاهيم التفاهم والتعايش بين الشعوب. ويسري الحظر على استخدام شعارات “حزب الله” في الأماكن العامة، مثلاً في التجمعات أو في المواد الكتابية والتسجيلات الصوتية والمرئية.
وفي تطورات جديدة، حظر زيهوفر ثلاث جمعيات تقوم بتجميع أموال في ألمانيا لمصلحة مؤسسة تابعة لـ”حزب الله” يوم  19 أيار (مايو) 2021 هي: “عائلة ألمانية لبنانية” و”الناس من أجل الناس” و”أعط السلام”، وتبع ذلك حملات تفتيش وإجراءات مصادرة في ولايات بريمن وهيسن وهامبورغ وسكسونيا السفلى وشمال الراين – ويستفاليا وشليزفيغ – هولشتاين وراينلاند – بفالتس. وبحسب تقييم السلطات الأمنية، فقد تأسست الجمعيات الثلاث لتحل محل جمعية “مشروع الأيتام في لبنان”، التي تم حظرها في ألمانيا عام 2014 بقرار من  وزير الداخلية الألماني آنذاك. التسميات، جميعها تأخذ “الطابع الإنساني الخيري”، لتكون بعيدة من المتابعة والرصد.
 
إنفجار مرفأ بيروت ـ مخازن “حزب الله” في ألمانيا
أدى انفجار نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت يوم  4 آب (أغسطس) 2020، إلى ظهور معارضة قوية ضد ميليشيا “حزب الله” بعد مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة آلاف آخرين. التحقيقات الأولية أكدت أن “حزب الله” كان هو المستفيد من شحنات نترات الأمونيوم، وهذا ما دفع الاستخبارات الأوروبية، للعودة الى منشأ وطريق تصدير هذه الشحنات التي بعضها كان من جنوب ألمانيا، وهذا ما أثار القلق داخل ألمانيا، بسبب شعور المواطنين بالقلق من تخزين مواد خطرة تستخدم لأغراض إرهابية في مدنهم.
نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في 6 حزيران (يونيو) 2013، تقريراً لوكالة الاستخبارات المحلية الألمانية، Bundesamt für Verfassungsschutz ، حول جماعة “حزب الله” اللبنانية وأنشطتها في ألمانيا. وكشف التقرير أن أنصار “حزب الله” في ألمانيا يتصرفون بطريقة تهدد الأمن الداخلي الألماني.
التسريبات ذكرت أن الموساد قدم معلومات الى الاستخبارات الألمانية خلال شهر أيار (مايو) 2021 وفق صحيفة “التايمز” الإسرائيلية، من دون أن تؤكدها الاستخبارات الألمانية، عن مستودعات في جنوب البلاد حيث خبأ “حزب الله” مئات الكيلوغرامات من نترات الأمونيوم، وهي مادة تستخدم في صنع المتفجرات. وقيل أيضاً إن الاستخبارات الإسرائيلية سلمت تفاصيل عن أفراد رئيسيين في عمليات “حزب الله” في ألمانيا، بما في ذلك شبكات الأموال المستخدمة لغسل الأموال وتحويل ملايين اليورو إلى الحسابات المصرفية للمنظمة الإرهابية وكذلك لتمويل الأنشطة داخل البلاد.
لقد أتاح تجديد مجلس الأمن لقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) في 28 آب (أغسطس) 2020 فرصة عاجلة لإعادة النظر في إرث أوروبا في المنطقة، والأهم من ذلك، الخطوات اللازمة اليوم لتحقيق الاستقرار الحقيقي في لبنان.
وفقاً لوكالات الاستخبارات الغربية، تمول إيران “حزب الله” بما يتراوح بين 200 مليون دولار و300 مليون دولار سنوياً على شكل نفقات نقدية وحدها، وتوفر ترسانة من الأسلحة والخدمات اللوجستية التي تقدر قيمتها بأكثر من 700 مليون دولار. لقد دمرت بالفعل ميليشيات “حزب الله” المنطقة سياسياً واقتصادياً على مدى عقود. وكان مشروع الأيتام سابقاً والذي تم حظره في ألمانيا عام 2014 يلعب دوراً مميزاً في ألمانيا بدعم عائلات وأبناء ضحاياه من العمليات الإرهابية.
وأظهرالمحلل السياسي للمؤسسة الأوروبية للديموقراطية في بروكسيل ألكسندر ريتزمان، في دراسة أجريت حول مشروع الأيتام أن “الفرع الألماني لمنظمة فرعية تابعة لحزب الله هو الذي يروج للتفجيرات الانتحارية”.
 
النتائج
إن قرار ألمانيا حظر أنشطة “حزب الله” يعتبر خروجاً دراماتيكياً عن سياسة برلين التقليدية، والتي استندت إلى موقف الاتحاد الأوروبي، فحظر الجناحين العسكري والسياسي للحزب في ألمانيا يسهل الكثير من عمل أجهزة الإستخبارات الألمانية في رصد ومتابعة أنشطة ميليشيا “حزب الله”. ومن دون شك نجحت ألمانيا، ربما أكثر من بقية دول أوروبا، ليس بحظر “حزب الله” وانشطته، بل برصد وتعقب الجمعيات والمؤسسات المرتبطة به بشكل غير علني.
لقد خسر “حزب الله” الكثير من مصادر التمويل لعملياته في أوروبا وخارجها، كونه كان يعتبر ألمانيا، مركزاً لانطلاق عملياته الى الخارج ما عدا تمويل الحزب من طريق غسيل الأموال والعصابات والاتاوات من داخل ألمانيا، ناهيك بأن ميليشيا “حزب الله”، خسرت ايضاً داعماً سياسياً أوروبياً، فقد كانت ألمانيا خير من لعب دور الوسيط ما بين “حزب الله” وإسرائيل.
إن حظر ميليشيا “حزب الله” في ألمانيا ما زال يحتاج الى تعزيز ذلك أوروبياً، داخل المفوضية الأوروبية والتي ما زالت لم تحسم أمرها بحظر الجناح السياسي، وهذا ما ينبغي أن تدفع به دول الاتحاد الأوروبي التي اتخذت قراراً بحظر ميليشيا “حزب الله”.
Exit mobile version