إنتخاب الأسد يضع النازحين السوريين بين سندان المنع ومطرقة الترحيل!

لماذا لا يصوّتون في سوريا؟

أسامة القادري-نداء الوطن

بأساليب مختلفة تم إخضاع النازحين السوريين في لبنان المنسيين من قبل سلطات بلادهم وسفارتها، لأن ينتخبوا من هجّرهم وقتل أبناءهم، مرة ترهيباً بأن من لن ينتخب سيحرم من دخول بلاده، باتهامه بالإنتماء لمجموعات ارهابية، ولن تنظم معاملات الهجرة له في السفارة. وأحياناً ترغيباً بتأمين بدل النقل والطعام والتعطيل عن العمل، ومساعدة عينية من المواد الغذائية المدعومة، اضافة الى تسوية وضعه في لبنان عمالياً وأمنياً.

في المقابل يواجه البقاعيون والبيئة الحاضنة للنازحين السوريين، انتقال البعض الى السفارة السورية بامتعاض ودعوات لترحيل كل من قام بانتخاب “المجرم بشار الاسد”، حسبما أكد ناشطون في دعم الاسر السورية.

ولأن البقاعين الأوسط والغربي يشكلان التجمع الاكبر للنازحين في لبنان، والمقيمين في شقق مستأجرة او في 1200 مخيم عشوائي، بدأت عناصر حزبية بتوجيهات وبدعم مالي من “حزب الله”، العمل على استثارة الناخبين السوريين وتعبئة استمارات بيانية تفصيلية لكل عائلة، وعقدت داخل الخيم وفي منازل لبنانيين في حوش الحريمة وغزة وبر الياس وسعدنايل وتعلبايا اجتماعات ولقاءات مع مفاتيح عائلية وعشائرية سورية، ولكل عائلة أبدت الموافقة على انتخاب “الاسد” تم تزويدها بكرتونة اعاشة وغالون زيت 5 ليترات ومئتي ألف ليرة لبنانية عبر المفتاح الذي تم الاتفاق معه.

لا يخفي نازحون رفضوا انتخاب بشار الاسد رئيساً، أن محازبين لبنانيين دخلوا المخيمات عبر عمال سوريين، وبدأوا بإقامة سهرات وندوات كاسرين قرار وزارة الداخلية “التعبئة العامة للحد من انتشار فيروس كورونا”.

النازح محمد خ. كشف لـ”نداء الوطن” ان أشخاصاً تابعين لسرايا المقاومة، بدأوا يترددون منذ شهرين الى إحدى الخيم في مخيم تل سرحون في برالياس، وعقدوا اجتماعات متتالية مع بعض النازحين، وتحدثوا عن أهمية انتخاب “الرئيس الأسد لتسهيل أمورنا في ما بعد إن في لبنان او في سوريا”، وأردف متأسفاً ان هناك أشخاصاً قبلوا بالعروض التي قدمت لهم، ونسوا ما فعله بأهلنا”. بدوره يزن المالح المقيم في منطقة غزة البقاع الغربي، أفصح انه تساجل مع مجموعة من الشباب الداعين للإنتخابات، قال: “اللبنانيون على حق، ان الذي ينتخب من قتل اهلنا وهجّرنا تنتفي عنه صفة النزوح وعليه العودة فوراً”.

بينما النازح عدنان المصري رفض ان يساوي اللبنانيون بين الضحية والجلاد، بين من لم ينتخب والذي انتخب، وقال: “النازحون الذين انتخبوا بشّار هم القلة من النازحين، وهذا دليل عن رفض السوريين له”، ليتابع أن غالبية الذين ذهبوا الى السفارة هم مقيمون في مناطق خاضعة لسيطرة “حزب الله”. واعتبر ان رفع صورة بشار الاسد على السيارات تهدف الى استفزاز السوريين المظلومين قبل اللبنانيين.

لمحة تاريخية

عام 2012 عندما إختار معظم النازحين السوريين القرى البقاعية والشمالية ذات الغالبية السنية للمكوث فيها، لم يكن قراراً اعتباطياً متسرعاً، انما كان قراراً واقعياً لحماية أنفسهم وأبنائهم من الإعتقال والخطف من قبل عناصر حزبية محسوبة على النظام السوري، وذلك بعد عدة إعتقالات حصلت لأشخاص وناشطين هاربين من القتل والبطش تم تسليمهم للأمن السوري في مناطق سورية متعددة آخرها في جديدة يابوس، يومها جرى إعدامهم على الفور ميدانياً. هذه الحادثة فتحت ذراعي اللبنانيين في القرى البقاعية السنية المؤيدة بغالبيتها لـ”تيار المستقبل”، في برالياس ومجدل عنجر وسعدنايل وقب الياس وعرسال وغزة وجب جنين والدلهمية وغيرها، لإحتضان عشرات الآلاف من العائلات السورية، منهم في شقق سكنية والغالبية في مخيمات عشوائية.

انتقلت الحافلات من البقاع وبعلبك باتجاه بيروت وعند وصول احداها، وهي ترفع اعلام النظام السوري وصور الاسد، الى سعدنايل، رشقتها مجموعة من شباب سعدنايل بالحجارة فتحطم زجاجها، مما حدا بالجيش لان يتدخل ويقيم نقاطاً عسكرية له عند دوار زحلة وفي سعدنايل بأكثر من نقطة.

عقيص

وفي حديث لـ”نداء الوطن” شدد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص، ان لا مشكلة بين الشعبين اللبناني والسوري، بالعكس هناك علاقة اخوة وقرابة ومصاهرة، انما مشكلتنا مع نظام الاسد التي هي ذاتها مشكلة أكثرية الشعب السوري معه، وأن اللبنانيين والسوريين هم ضحايا هذا النظام. واستعرض عقيص مرحلة استقبال وايواء النازحين السوريين الهاربين من آلة القتل والبطش، وقال: “عند مطلع الثورة السورية أوينا النازح السوري، وأطعمناه من طعامنا عندما لم تكن المنظمات الدولية تطعمه، وما زال اللبناني يتقاسم معه طعامه في وقت هو يقبض بالفريش دولار من المنظمات الدولية، فيما اموال اللبنانيين في المصارف منهوبة”.

وأردف واصفاً الانتخابات في السفارة السورية وما رافقها من مشاكل بـ”العراضات الاستفزازية”، لانها حصلت في مناطق يعلمون ماذا فعل هذا النظام فيها من اجرام وقتل، وقال: “هذه العراضات استفزازية بحماية بعض الاحزاب والجهات اللبنانية، ظناً منهم أن هذا الشعب دجن بالكامل، وتفاجأوا ان نبض الكرامة والعنفوان ما زال عند الناس”. وتابع مستذكراً ان “في سجون هذا النظام المئات من اللبنانيين منذ عشرات السنين، اين هم فلاسفة العنصرية وحقوق الانسان”؟ وأردف: “إن الذين يهتفون من السوريين فداءً لحياة بشار اذاً هم لم يعد لديهم مشكلة معه، ليذهبوا اليه لان ذلك ينزع عنهم صفة النزوح او اللجوء”، وتابع: “أن يقولوا ان مشكلتهم ليست مع بشار الاسد انما مع داعش ليست حجة، ليذهبوا الى المناطق التي تحت سيطرته وليس تحت سيطرة داعش”.

وختم عقيص متوجهاً بكلامه الى بعض “الفلاسفة اللبنانيين” الذين انتقدوا ردات فعل بعض المواطنين، تحت شعار العنصرية وحقوق الانسان، “نقول لمن يتهمون اللبنانيين الذين ما زال لديهم بعض من العنفوان بالعنصرية، اسمحولنا فيها”.

ياسين

من جهته منسق عام “تيار المستقبل” في البقاع الأوسط ورئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين، قال: “حين بدأ بشار الاسد تهجير الشعب السوري، كان يومها ممنوع على النازحين المكوث في المناطق الخاضعة لحلفاء هذا النظام، فكان ردنا ان نكون الحضن الدافئ لمئات الآلاف، فأويناهم وتقاسمنا معهم رغيف خبزنا قبل ان تأتي المنظمات الدولية وتطعمهم، فيما الآخرون كانوا يقومون بقتلهم وتهجيرهم من بلادهم، فكنا الملاذ الآمن لهم”. يعرّج ياسين على مشاهدة النازحين وهم يتزاحمون لإنتخاب الاسد مَن قتلهم ودمر سوريا وتاريخها، “وانطلاقاً من أن لا فرق بين الشعبين اللبناني والسوري، ورغم ما نواجهه من بطالة وازمة اقتصادية، انما مشهد انتخاب ذات القيادة، والذي جاء نتيجة للضغوط والتهديدات، يدفعنا إلى القول أن عليهم العودة إلى بلادهم ليتمتّعوا بعدل الأسد وليشاركوا بإعمارها، وإنشاء نظام حياتيّ جديد لهم”.

Exit mobile version