“الشيخ جراح”.. قصة الحي الفلسطيني الذي شغل العالم
تعتبر رحلة المقاومة المدنية والسياسية والعسكرية مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين، من أصعب نماذج التدافع الإنساني بين الخير والشر، ورغم بساطة تعريف قضية فلسطين لشعب متوارث لأرضه من مئات السنين، مطمئن في جغرافيته مسيحيين ومسلمين، له شاهد حاسم في بيت المقدس المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، اُعتدي عليه بترحيل استيطاني متوحش، عوّضت به أوروبا ما بعد النازية، كل جرائمها ضد الأقلية اليهودية، عبر هذا المشروع العدواني على حق إنسان فلسطين الذي نُزعت منه أرضه، ومُنحت للمعتدين الذين استقدموا أشتاتاً غرباء عن هذه الأرض، وأجبر السكان الأصليين على الرحيل أو القتل أو السجن.
قضية واضحة المعالم، لكن النفاق العالمي الموجه من المركزية الغربية، والخيانة القانونية والتشريعية الدولية، ظلت تغطي هذه الجريمة التي تناوب عليها الرعاية والمدد الغربي والغدر العربي في دورات متعددة، في حين يعيش أبناء فلسطين المرابطون فيها دورات مختلفة للمقاومة ومدافعة هذا الشر.
اليوم نسلط الضوء على قضية حي الشيخ جراح، نشير إلى أهمية هذه المعارك المدنية، التي سلاحها أجساد الفلسطينيين وصمودهم تحت هذا القصف المستمر المتعدد الإيذاء.
والحديث هنا ليس موجة عاطفة نستثير بها المشاعر، رغم أن العاطفة الإنسانية والعربية والإسلامية هي من حق أهل فلسطين وخاصة في بيت المقدس، إلا أن القضية الأهم التي نؤكدها هو أهمية دعم المقاومة الإنسانية التي ترتكز على مدافعة الصهاينة بأكبر قدر ممكن للسكان، يبذلها أولئك الشباب والصبايا والشيوخ والنساء والرجال، لعرقلة الزحف الوحشي لالتهام بيت المقدس.
بيت القصيد يقع حي الشيخ جراح خارج أسوار البلدة القديمة في القدس مباشرة بالقرب من باب العامود الشهير، وتضم المنطقة العديد من المنازل والمباني السكنية الفلسطينية بالإضافة إلى الفنادق والمطاعم والقنصليات.
وكانت القدس الشرقية خاضعة للإدارة الاردنية بموجب قرارات دولية منافقة, قبل أن تحتلها اللقيطة إسرائيل عام 1967 وتضمها لبقية المغتصبات، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
ويضع مستوطنون صهاينة أيديهم على عدة منازل في الحي استناداً إلى أحكام قضائية عنصرية بدعوى أن عائلات يهودية عاشت هناك وفرت خلال حرب عام 1948 عند قيام ما سمي دولة إسرائيل.
وتقول وكالة الأنباء الفرنسية إن الأردن كان قد أقام في حي الشيخ جراح مساكن لإيواء الفلسطينيين الذين هُجِروا عام 1948 ولديه عقود إيجار تثبت ذلك، وبحسب وثائق نشرتها وزارة الخارجية الأردنية، فإن الوثائق تخص 28 عائلة في حي الشيخ جراح هُجِرت بسبب حرب عام 1948 , بمعنى ان الاردن يساهم في توثيق التزوير الصهيوني لصالح المستوطنين على حساب اصحاب الارض والحق.
بدأت معاناة السكان الفلسطينيين في الحي في عام 1972 حينما زعمت لجنة اليهود السفارديم، ولجنة كنيست إسرائيل لجنة اليهود الأشكناز إنهما كانتا تمتلكان الأرض التي أقيمت عليها المنازل في العام 1885 بموجب وثائق مزورة تم تزويرها على يد فنانين في علم النسخ والتزوير في مصر, حيث قاموا بجلب حجج ملكية فلسطينية قديمة وزوروا نسخا عنها مع بعض التعديلات, فأصبحت وثائق لا يمكن تتبعها تاريخيا لان اصولها مقطوعة.
وفي شهر تموز من العام 1972 طلبت الجمعيتان من المحكمة الصهيونية العنصرية إخلاء 4 عائلات من منازلها في الحي بداعي “الاعتداء على أملاك الغير دون وجه حق”، بحسب الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس.
وكان قد سبق ذلك في عام 1970 سن قانون الشؤون القانونية والإدارية في الكيان الغاصب، والذي نص على أن اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم في القدس الشرقية عام 1948 يمكنهم استردادها.
وبدورها علقت حركة السلام الآن الصهيونية: “إنه من المهم الإشارة إلى أن القانون الإسرائيلي (قانون أملاك الغائبين لعام 1950) لا يسمح للفلسطينيين الذين فقدوا ممتلكاتهم في إسرائيل عام 1948 باستعادتها، ويسمح بنقل الأصول إلى ملكية الدولة” ومنه ليد المستوطنين.
يذكر أن أكثر من 200 ألف مستوطن تم جلبهم من بقاع الارض المختلفة و يعيشون حاليا في القدس الشرقية حيث يزيد تعداد الفلسطينيين فيها عن 300 ألف نسمة, وذلك لخلق توازن سكاني يميل الى صالح المستوطنين مع دعم كامل من ماكينة الجيش والشرطة والامن الصهيوني وبدعم ومباركة من شخصيات العمالة الفلسطينية المتصهينة كمحمود عباس مثلا.
يرى الفلسطينيون أن إجبارهم على الخروج من القدس الشرقية، التي يعيشون فيها منذ ما قبل القرن الماضي، يمثل مصيراً أسوأ من الموت, وهناك عشرات العوائل الفلسطينية مهددة بالطرد على يد المستوطنين من منطقتين في المدينة المتنازع عليها بعد أن قضت محكمة عنصرية إسرائيلية بأن بيوتهم مبنية على أرض مملوكة لمستوطنين يهود.
وتعد دعاوى الملكية التي رُفعت ضد العوائل الفلسطينية في حي الشيخ جراح وحي بطن الهوى نقطة محورية لخطط زيادة عدد المستوطنين في القدس الشرقية التي احتلتها اللقيطة إسرائيل في حرب عام 1967.
وأيّدت المحكمة الصهيونية في العام الماضي مطالبات عديدة لمستوطنين استناداً لوثائق مزورة من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين, الأمر الذي أثار انتقادات من الاتحاد الأوروبي الذي قال ممثله في القدس إن عشرات الفلسطينيين معرضون لخطر الترحيل القسري.
وبحسب تقارير فإنه منذ مطلع عام 2020 سمحت المحاكم الإسرائيلية بإجلاء 36 عائلة فلسطينية من منازلهم، وتضم تلك العائلات نحو 165 فرداً وعشرات منهم من الأطفال، في احياء بطن الهوى وسلوان والشيخ جراح لصالح المستوطنين.
وأضافت التقارير إن الكثيرين باتوا معرضين لخطر أن يصبحوا بلا مأوى بدون تعويض أو سكن بديل اضافة الى تحملهم الرسوم القانونية العنصرية الباهظة, فهل كانت مشكلة المستوطنين مع بعض الفلسطينيين الذين اعتادوا الجلوس على درج عند باب العمود؟ أم انها توجيهات سياسية وامنية للمستوطنين لإثارة هذا الاشكال لوضع احياء القدس على لائحة الاستيطان القسري وتنفيذ مقررات بلدية القدس الصهيونية ببناء 3 وحدات استيطانية فيها على انقاض بيوت الفلسطينيين .
يمثل وضع مدينة القدس المقدسة عند اليهود والمسلمين والمسيحيين، قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني, ومهد الديانات الثلاث, ويمثل حساسية مفرطة لكل جهة من هؤلاء, إلا أن المسلمين والمسيحيين استطاعوا التعايش جنبا الى جنب فيها بيد ان الصهاينة لا يقبلون شريكا في ما يظنون انه مالهم.
فالفلسطينيون يرغبون في أن تصبح القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية على اساس حل الدولتين الكرتوني, وتعتبر معظم الدول المستوطنات التي بنتها إسرائيل هناك غير شرعية, فيما يرى تيار المقاومة المتصاعد والاخذ في النمو والتمدد ان حل الدولتين اصبح وراء ظهره وهو يرى اما فلسطين كاملة او الموت.
وتعتبر القدس من أقدم المدن في العالم وتعتبرها اللقيطة اسرائيل من حقها وتجادل في ذلك متذرعة بصلات توراتية وتاريخية بالأرض إضافة إلى ضرورات أمنية وحجج قانونية.
وأصبحت قضية الشيخ جراح محور الاضطرابات التي تشهدها القدس الشرقية بداية وعموم فلسطين المحتلة لاحقا، إذ شهد الحي اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين، الذين يقولون أيضاً إنه تم استفزازهم من قبل مستوطنين إسرائيليين.
الاجنحة العسكرية للمقاومة الفلسطينية
1- كتائب الشهيد عزالدين القسام:
كتائب عزالدين القسام هي الجناح العسكري لمنظمة حماس الفلسطينية، التي تأسست عام 1992 ويبلغ قوتها ما بين 10.000 الى 40.000 شخص. كتائب القسام بشكل عام تدير مواجهات المقاومة مع الكيان الصهيوني، ويقود هذه الكتائب شخص اسمه “محمد الضيف”.
2- سرايا القدس:
وهي الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي التي تنشط منذ عام 1981 وتضم أكثر من 12 ألف شخص. نفذت سرايا القدس هجمات صاروخية وعمليات قتال الشوارع وهجمات واسعة النطاق ضد الصهاينة منذ عام 2002، ولهذا السبب يزعم المسؤولون الصهاينة أن الحركة مدعومة بالكامل من إيران.
3- كتائب أبو علي مصطفى:
وهو الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تعمل منذ عام 1999 وسميت على اسم الشهيد أبو علي مصطفى الأمين العام السابق للجبهة.
من أبرز الأنشطة العسكرية لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الهجوم على المقر البريطانيين في غزة في آذار 2006، والهجمات العديدة على القواعد العسكرية الإسرائيلية والعمليات الاستشهادية.
4- لواء الناصر صلاح الدين:
الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية التي تنشط في عمليات الخطف والمعارك البرية المباشرة ضد الجيش الصهيوني منذ عام 2000.
5- كتائب المقاومة الوطنية:
وهو الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي نفذت العشرات من عمليات حرب العصابات ضد القوات والمستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة منذ عام 2000.
ملك الموسوي