دياب متمسّك بنصوص الدستور وهو ليس في وارد رفع الدعم ما لم يُؤمّن البديل مصادر حكومية تأمل بإعادة العلاقات العربية اللبنانية إلى طبيعتها بعد إعفاء وهبه

لينا الحصري زيلع -اللواء

في ظل استمرار سياسة التعطيل والمماطلة في تشكيل الحكومة تتفاقم الازمات المحلية والخارجية مع انعدام اي تحركات او مبادرات لانهاء الفراغ الناتج عن غياب السلطة التنفيذية في ضوء استقالة حكومة الرئيس حسان دياب منذ العاشر من شهر اب الماضي ومرور سبعة اشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري، وفي انتظار الانفجار الكامل والانهيار الشامل يغرق المواطن اللبناني في همومه لتأمين ادنى مقومات الحياة في ظل تخلي المسؤولين عن مسؤولياتهم وتحميلهم ما آلت اليه الاوضاع لبعضهم البعض، خصوصا بعد ان اصبح البلد متروكا لمصيره مع فشل كل المساعي الخارجية، وزاد في الطين بلة موقف وزير الخارجية شربل وهبه الاخير الذي طال الاشقاء العرب وتحديدا السعوديين، وهذا الامر اشعل الساحة العربية تجاه لبنان بحيث كأنه مكتوب على المواطن اللبناني ان يدفع ثمن جهل وغباء مسؤوليه الذين يصرون على وصوله بأسرع الطرق الى جهنم.

وبعد الرسالة التي سلمها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو لنقلها الى الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون والذي عمد فيها الى شرح مفصل ومطول لمجمل تطورات الازمة اللبنانية وكل المرحلة التي تلت اطلاق المبادرة الفرنسية واعتذار الرئيس مصطفى اديب بعد تكليفه ومن ثم تسمية الرئيس الحريري، والعراقيل التي واجهت تشكيل الحكومة، واضعا الكرة في ملعب الرئيس المكلف وكأنه اراد في هذه الرسالة حسب مراقبين سياسيين رفع مسؤولية التعطيل عنه وعن تياره السياسي على خلفية ما سمعه من وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لو دريان الذي زار لبنان مؤخرا، كان اللافت وفي ظل الانشغال المحلي والعربي بالازمة الديبلوماسية التي فجرها وهبة توجيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة الى المجلس النيابي عبر رئيسه نبيه بري حول التأخير في تشكيل الحكومة والطلب من الهيئة العامة مناقشتها، معتبرا فيها ان مفاعيل التأخير السلبية انسحبت على الاستقرار في كافة المجالات مشددا على انه لا يمكن ان يأسر التأليف الى افق غير محدد ورأى ان الرئيس المكلف يتجاهل كل المهل المعقولة لتأليف الحكومة.
مصادر سياسية رفيعة المستوى اعتبرت ان عون رغم انه مارس صلاحياته في توجيهه الرسالة الى المجلس النيابي لكن توقيت توجيهه لها لم يكن موفقا، بحيث ربما اراد من خلال هذه الخطوة توجيه الانظار الى ازمة التشكيل لالهاء المواطنين عن الازمة الديبلوماسية التي سببها وزير الخارجية وهو المحسوب عليه، كما انه ربما لشد العصب المسيحي واعتبار نفسه ضحية الرئيس المكلف.
كما ان المصادر عينها رفضت اعطاء اي اهمية سياسية لرسالة التي كان وجهها الرئيس عون نهاية الاسبوع الماضي الى الرئيس الفرنسي، واعتبرتها بأنها مجرد رسالة رفع عتب وليس بمقدورها اعطاء اي دفع لعملية التشكيل، واستبعدت المصادر ان يكون رد الرئيس الفرنسي على الرسالة عون ردا ايجابيا، وألمحت المصادر الى ان رئيس الجمهورية قد يكون استبق في خطوته هذه البدء بتنفيذ العقوبات الاوروبية لا سيما الفرنسية والمتوقع صدورها في وقت غير بعيد على الشخصيات المعرقلة لتشكيل «حكومة المهمة» التي دعا الى تأليفها الرئيس ماكرون.
من ناحيتها، وصفت مصادر حكومية لـ«اللواء»، المرحلة التي يمر بها لبنان بأنها استثنائية، وابدت اسفها واستنكارها الشديد لما اعلنه رئيس الديبلوماسية اللبنانية والذي سبب احراجا للدولة اللبنانية لا سيما الى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي يبدي كل الحرص على افضل العلاقات مع دول الخليج وخصوصا المملكة العربية السعودية، وأملت المصادر ان تكون خطوة وهبة بطلب اعفائه من مهمته تساهم في اعادة العلاقات اللبنانية – العربية الى طبيعتها.
واشارت المصادر الى انه وعلى الرغم من ان الحكومة مستقيلة فإن الرئيس دياب يشدد على تطبيق ما ينص عليه الدستور من تسيير للاعمال الضرورية وهو على تواصل مستمر مع اعضاء حكومته لمتابعة كافة الملفات ومعالجتها في ادق التفاصيل، كذلك هو يتابع عن كثب مجمل الاوضاع والتطورات الامنية والعسكرية من خلال تواصله مع المسؤولين الامنيين وليس في وارد الاستقالة من واجباته الوطنية، رغم ان الاولوية لديه هي تشكيل حكومة فاعلة لانها هي الاساس لوقف الانهيار، واعتبرت المصادر ان تشكيل الحكومة هو مسؤولية كل القوى السياسية التي لم تساعد في تقديم التنازلات، وشددت على ان رئيس حكومة تصريف الاعمال ليس في وارد مخالفة نص الدستور لا من قريب ولا من بعيد وهو ثابت على موقفه لجهة رفضه تفعيل عمل الحكومة المستقيلة، وذكرت المصادر بأنه رغم الازمات والمشاكل الكبيرة التي مرت وتمر بها البلاد فإن الرئيس دياب رفض مرارا وتكرارا عقد جلسة لمجلس الوزراء وهو مستمر على موقفه هذا رغم مطالبة البعض بذلك، واعتبرت المصادر الى ان اي تفعيل لعمل الحكومة قد يشكل ضغطا على الرئيس المكلف وهذا ما لا يريده الرئيس دياب.
وحول موقف الحكومة المستقيلة من موضوع رفع الدعم تؤكد المصادر الى ان الرئيس دياب ليس في وارد اتخاذ مثل هكذا خطوة في المرحلة الراهنة، اذا لم يتم تأمين البديل للمواطن بما في ذلك البدء بالعمل بالبطاقة التمويلية، لا سيما ان سياسة الدعم متبعة منذ زمن بعيد، وكشفت المصادر الى ان معظم الكتل السياسية ابدت ترحيبها بمشروع البطاقة التمويلية وبعض هذه الكتل لا تزال تدرس الخطة وارشاد الدعم، وكشفت ان مشروع البطاقة انجز بالكامل وهي تحمي المواطن اللبناني وحقوقه وتشكل توازنا بين حمايته وحماية موجودات مصرف لبنان من الاحتياطي الالزامي، وتعتبر المصادر انه في النهاية سيتم تحويل الخطة الى المجلس النيابي الذي هو من سيتخذ القرار المناسب.
وتخوفت المصادر من انه في حال رفع الدعم بشكل كامل عن السلع الاساسية دون حصول المواطن على البديل سينتج عن ذلك اهتزاز الوضع الامني وعندها لا يمكن لاحد ان يتكهن كيف سينتهي الامر، واعتبرت ان الرئيس دياب لن يسمح بذلك ابدا، وشددت على ضرورة ان يتحمل حاكم مصرف لبنان مسؤولياته الوطنية في هذا الشأن.
وعن كيفية تمويل البطاقة التمويلية اعلنت المصادر الى ان الرئيس دياب سعى خلال زيارته الى قطر لتمويل البطاقة من خلال عرض مشروع متكامل لها على المسؤولين الذين التقاهم وهو لمس تجاوبا مبدئيا ووعدوه بدرسه.
وشددت المصادر على وجوب اجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد لاهمية هذا الاستحقاق حتى انها تتمنى اجراء هذه الانتخابات في وقت مبكر.

Exit mobile version