التوحد


يعد التوحد autism من الإعاقات النمائية المعقدة التي تصيب الأطفال في طفولتهم المبكرة، وهي إعاقة ذات تأثير شامل على كافة جوانب نمو الطفل العقلية, الاجتماعية, الانفعالية, الحركية, الحسية, وأن أكثر جوانب القصور وضوحاً في هذه الإعاقة هو الجانب التواصلي و التفاعل الاجتماعي المتبادل، حيث أن الطفل التوحدي غير قادر على التفاعل الاجتماعي وتكوين علاقات مع الأقران، بالإضافة إلى قلة الانتباه, والسلوك النمطي، والاهتمامات لديه مقيدة أو محددة.

أصل كلمة التوحد Autism  هي من كلمة إغريقية و هي تنقسم إلى نصفين ، الأولى Aut  و تعني النفس أو الذات ، أما الكلمة الثانية فهي Ism و تعني الإنغلاق ، وبالتالي autism  تعني الإنغلاق على الذات

من أبرز الأعراض الإنفعالية التي نلاحظها في الطفل التوحدي هو النقص الواضح في الإستجابة للآخريين و الفشل في الإستجابة لمحاولات التدليل و العناق و العطف ، وبالتالي يتميز أطفال التوحد بالبرود العاطفي الشديد و بلادة المشاعر و عدم القدرة على تطوير علاقات إنفعالية و عاطفية مع الآخرين ، خاصة مع الوالدين .

كما يلاحظ على أطفال التوحديين أيضا إستخدام السلوك العدواني الموجه نحو واحد من أفراد الأسرة أو أكثر ، و يتميز هذا السلوك العدواني بالبدائية ويكون متمثلا في العض و الخدش و حتى الرفس ، وقد يوجه الطفل التوحدي سلوكه العدواني نحن ذاته أيضا و ذلك من خلال إلحاق الأدى بجسده عن طريق عض نفسه أو ضرب رأسه مع الحائط  ، وغالبا ما تسبق هذه السلوكيات نوبات الغضب الشديدة والتي يعبر عنها أحيانا بهز إلى الأمام و الوراء أو الركض في أرجاء الغرفة أو المشي في حلقة دائرية و غيرها من التصرفات التي قد يستصعب على أهل الطفل فهمها .

ترجح بعض الدراسات إلى أن إصابة الطفل بإضطراب التوحد  سببه إحساسه بالرفض من والديه و إحساسه بالحرمان العاطفي ،إضافة إلى تفاقم المشاكل الأسرية و بالتالي يؤدي بالطفل إلى الخوف و إنسحابه من محيطه الإجتماعي و الإنطواء على الذات ، وقد إعتقد  أن العزلة الإجتماعية و الإهمال هما أساس المشكلة التي أدت إلى كل السلوكيات الأخرى غير سوية .

وايضا من اسبابه وجود خلل في الكروموزومات الطفل الموروثة من الأم  ، مثل هشاشة الكروموزوم إكس حيث يصيب هذا المرض حولي 15 % من الأطفال التوحديين الذكور .
و تناول الأم لبعض أنواع أدوية أثناء فترة الحمل ( مثل أدوية الصرع ).
و تعرض الجنين للفيروسات أثناء فترة الحمل ، وهي ناتجة عن الأمراض التي تصيب الأم كفيروس الحصبة الألمانية ، أو فيروس الهيربس البسيط ، أو حتى الفطريات التي تصيب فم الطفل أثناء عملية الولادة
كما يرجع بعض الباحثين إصابة الأطفال بالتوحد إلى مرض الفينيل كيتونوريا  أو داء التصلب الدرني أو داء الأورام العصبية الليفية  و كل هذه الأمراض المذكورة هي أمراض جينية .

و أثبتت العديد من الدراسات أن ثلث أطفال التوحد وجدت في دمهم معدلات مرتفعة من هرمون السيروتونين  و قد أكدت تلك الدراسات وجود علاقة ذات دلالة بين معدل السيروتونين المرتفع في الدم و نقص في السائل النخاعي الشوكي ،حيث وجد أن هناك عدم توافق مناعي بين خلايا الأم و الجنين مما يؤدي إلى موت بعض الخلايا العصبية

يهدف العلاج النفسي للأطفال المصابين بالتوحد إلى تعديل سلوكهم و محاولة إكسابهم المهارات الضرورية بهدف دمجهم مع المحيط الخاص بهم وذلك من خلال تحسين تفاعلهم الإجتماعي ، و تنمية بنيتهم المعرفية و الحد من السلوك غير السوي  ، وقد تتخلل جلسات العلاج النفسي لطفل التوحدي تناول بعض الأدوية النفسية التي تخفض أعراض المرض و تساعد الطفل على الإسترخاء و الهدوء و التعلم ، كما يتوجب على المعالج تقديم الإرشادات و التوجيهات النفسية اللازمة لأسرة الطفل التوحيدي وذلك لضمان فعالية الخطة العلاجية .
يعتبر التوحد من الإضطرابات النمائية التي تعيق الطفل في نموه المعرفي ، الإجتماعي و الإنفعالي مما يؤدي بالطفل التوحدي إلى صعوبة تواصله مع الآخرين و سوء تكيفه مع المحيط الخاص به ، لهذا يعتبر التشخيص المبكر أهم خطوة تقوم بها أسرة الطفل التوحدي ، خاصة إذا كان ذلك قبل بلوغ سن الثالثة فذلك يشكل عاملا مهما و حاسما في نجاح الخطة العلاجية و تحقيق أفضل النتائج .
ملك الموسوي 20/5/2021

Exit mobile version