يحيى السنوار مُجهِداً الإسرائيليين: ليته بقي لدينا!
الأخبار- عبد الرحمن نصار، رجب المدهون
قدّمت صحيفة «إيلاف» السعودية، التي أخذت امتيازاً حصرياً منذ سنتين بإجراء مقابلات مع مستويات عسكرية وأمنية إسرائيلية، روايةً تدخل ضمن الحرب النفسية والإعلامية التي يشنّها العدو منذ بداية المعركة الجارية. تقول الصحيفة، نقلاً عن «مصدر كبير»، إن «أحداً لا يفهم تعنّت السنوار والضيف في هذا الأمر (قبول التهدئة)»، مضيفة أن «السنوار ربّما يحاول الانتقام لسنوات السجن الطويلة في إسرائيل، وكذلك يريد الضيف الانتقام من إسرائيل لاستهدافه وإصابته». هي محاولة سعودية ــ إسرائيلية لشخصنة الحرب، مرّة باسم الضيف، وأخرى باسم السنوار الذي تلقّى بيت عائلته في هذه الحرب قصفاً بسبعة صواريخ، بما يعادل العدد نفسه الذي أطلقته المقاومة على القدس المحتلة لإحباط اقتحام المستوطنين الكبير للمسجد الأقصى. فمَن هو السنوار؟
وُلد «أبو إبراهيم» عام 1962 في مخيم خان يونس، وتعود جذوره إلى عسقلان المحتلة. درس في «الجامعة الإسلامية» في غزة، وحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية. وخلال دراسته، ترأس «الكتلة الإسلامية»، الذراع الطلابية لـ«حماس»، قبل أن يؤسّس الجهاز الأمني للحركة الذي عُرف باسم «المجد» عام 1985. وكان عمل الجهاز يتركّز على مقاومة الاحتلال في غزة ومكافحة المتعاونين معه من الفلسطينيين. سبق ذلك في 1982 اعتقال الاحتلال السنوار لأوّل مرة، ثم أفرج عنه بعد أيام، ليعاود اعتقاله في العام نفسه ويحكم عليه بالسجن ستة أشهر بتهمة المشاركة في أنشطة أمنية. ثمّ جاء الاعتقال الثاني في كانون الثاني/ يناير 1988، ليُحكم عليه بالسجن مدى الحياة أربع مرّات إضافة إلى ثلاثين عاماً، بتهمة تأسيس «المجد» والمشاركة في تأسيس الجهاز العسكري الأول للحركة، المعروف باسم «المجاهدون الفلسطينيون».
قضى يحيى السنوار 23 عاماً متواصلة داخل السجون الإسرائيلية، ثم أُطلق سراحه ضمن تبادل الأسرى بين «حماس» والعدو عام 2011، في صفقة «وفاء الأحرار» التي خرج بموجبها 1027 أسيراً مقابل إطلاق «حماس» الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وعقب تحريره، شارك في الانتخابات الداخلية للحركة عام 2012، وفاز بعضوية المكتب السياسي، ليتولّى مسؤولية الإشراف على «كتائب القسام». ثمّ في 2017، انتُخب السنوار قائداً للحركة في غزة، كما أُعيد انتخابه مرة ثانية عام 2021 في عملية احتاجت إلى إعادة الجولة الثانية أكثر من مرّة. خلال ذلك، أدرجته الولايات المتحدة مع اثنين من قادة «حماس»، هما محمد الضيف وعضو المكتب السياسي روحي مشتهى، في لائحة «الإرهابيين الدوليين»، تحديداً في أيلول/ سبتمبر 2015.
تقول صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إنه «حلقة وصل قوية بين جناحَي الحركة العسكري والسياسي، لما يتمتّع به من خبرة أمنية ومهارات عسكرية»، واصفةً إيّاه بأنه «وزير دفاع حماس، وهو يتولّى فعلياً حكم غزة في جميع النواحي». وفي 2015 أيضاً، عيّنته الحركة مسؤولاً عن ملفّ الأسرى الإسرائيليين لديها وقيادة أيّ مفاوضات تتعلّق بشأنهم، وقد تمّ اختياره من قيادة «القسام» رأساً لهذا الملفّ «لثقتها به»، خاصةً أنه من القيادات المعروف عنها عنادها وصلابتها وشدّتها، وهو ما أظهره خلال الاتصالات لمحاولة التوصّل إلى تهدئة إبان الحرب الأخيرة في 2014. آنذاك، أمر بإجراء تحقيقات في إخفاقات الحرب وأداء القيادات الميدانية جميعها من دون استثناء، حتى خرجت لجان التحقيق بإقالة عدد من قيادات الكتائب وتغيير مناصبهم، ومن بينهم أحد القادة الكبار، وهو عز الدين الحداد.
يُعرف عن «أبو إبراهيم» أنه شخصية أمنية كبيرة، ولا يظهر في العلن إلا نادراً، كما أنه «يمتلك كاريزما، ومتشدّد في مواقفه»، لكن يشار إلى أنه لا علاقة مسبقة بينه وبين الضيف إبان تأسيس «حماس»، بسبب عمل الأخير بصورة منفصلة (راجع المادة المقابلة)، على رغم أن الرجلين يقطنان في منطقة واحدة هي خانيونس، علماً بأن القيادي المفصول من «فتح» ومسؤول جهاز «الأمن الوقائي» سابقاً في غزة، محمد دحلان، كان صديقهما، وقد درسوا معاً في «الإسلامية» خلال الثمانينيات، قبل توجيه ضربة إلى «حماس» لاعتقال كوادرها.
في حديث أدلى به السنوار في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، قال إن هناك نحو 70 ألف شاب ضمن «القسام» و«سرايا القدس» وسائر فصائل العمل المسلّح والأجهزة الأمنية، وهي المرّة الأولى التي يتحدث فيها قيادي في «حماس» عن أعداد المسلّحين في القطاع. وأضاف: «إذا فكّر الاحتلال في دخول غزة، فسيخرج شبابنا من باطن الأرض بمضادّات دروع صُنعت في غزة والصواريخ التي ستحيل مدن الاحتلال إلى مدن أشباح إذا ارتكب الاحتلال حماقة». وتابع: «لدينا مئات الكيلومترات من الأنفاق وآلاف الكمائن ومضادات الدروع والقذائف الصاروخية التي صنعت في غزة… أبلغنا الوسيط (لم يذكره بالاسم) أننا سنضرب تل أبيب على مدار ستة أشهر كاملة إن استمرّ تضييق الخناق على غزة، فبدأت الاتصالات تنهال علينا لحلّ الأزمة الإنسانية». وبينما أشار السنوار إلى تعزيز «حماس» علاقاتها مع قطر التي ساعدت القطاع خلال السنوات السابقة بنحو مليار دولار، أكد أن لإيران «الفضل الكبير» في ما وصلت إليه المقاومة في غزة وفلسطين، بفضل «دعمها المقاومة بالمال والسلاح والخبرات، في الوقت الذي سدّ فيه القادة العرب أبوابهم في وجوهنا».
منذ منتصف آب/ أغسطس 2019، هدّد وزير الأمن الإسرائيلي الحالي، بني غانتس، بقتل السنوار، ومنذ ما قبل المعركة الجارية وخلالها، يتكرّر اسمه في الإعلام العبري كهدف مهم للاغتيال، مع إشارة إلى «ندم كبير» على السماح بخروجه من السجن في تبادل الأسرى!