الأخبار- رجب المدهون
مع ذلك، تتسرّب أخبار بين حين وآخر في هذا الإطار، إذ أفادت مصادر عبرية بإصابة مستوطنين بجروح متوسّطة بعد سقوط ثلاثة صواريخ على مستوطنة «سديروت» شمال القطاع، ثمّ انقطاع الكهرباء عن المستوطنة ووقوع أضرار واسعة إثر سقوط الصواريخ على المنازل، فيما أصاب صاروخ آخر منزلاً في «نتيفوت». وأعلنت «كتائب القسام» أنها وجّهت «ضربة بعشرات الصواريخ لأسدود وعسقلان وبئر السبع، ردّاً على استهداف المدنيين والبيوت الآمنة»، ليعترف بعدها الاحتلال بأن رجال الإطفاء يعملون في جميع القطاعات للسيطرة على الحرائق التي سبّبتها الصواريخ. وفي المعادلة الأولى، تكثّف القصف، أمس، على موقعَي «ناحل عوز» و«فجة» برشقة صاروخية وعدد من قذائف الهاون، ومستوطنة «كفار عزة»، إضافة إلى قاعدتَي «تسيلم» البرّية و«حتسريم» الجوّية، مقابل مواصلة مدفعية الاحتلال قصف المناطق الحدودية تزامناً مع قصف من الزوارق البحرية للشواطئ. واعترف مصدر عسكري إسرائيلي بأن المقاومة أطلقت، أمس وحده، أكثر من 700 صاروخ، زاعماً أن «القبّة الحديدية» تصدّت لعدد كبير منها، لتعود طائرات الاحتلال وتقصف ثمانية منازل وتُدمّرها بالكامل في مناطق مختلفة في القطاع، مع قصف خمس شقق في أبراج مختلفة من دون قصف الأبراج نفسها، بعدما ثبّتت المقاومة معادلة «الأبراج مقابل تل أبيب». فوق ما تقدّم، تُواصل المقاومة كشف أوراق جديدة، آخرها إعلان «القسام» أنها سيّرت لأوّل مرّة طائرة من طراز «الزواري» في «طلعات رصد واستطلاع لأهداف ومواقع عسكرية للاحتلال الإسرائيلي، قبل أن تعود إلى قواعدها بسلام».
على الصعيد السياسي، تواتر الحديث أمس عن تهدئة متزامنة تبدأ اليوم، قبل أن تنفي «حماس» أيّ مواعيد للتهدئة أو الوصول أصلاً إليها، فيما نقل مصدر مقرّب من رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، أنه «لا يزال يرفض التهدئة قبل تحقيق أهداف الحملة»، وأنه «لم يتمّ تحديد موعد لإنهاء العملية». وذكرت «القناة الـ 12» العبرية أن مسؤولين أمنيين كباراً شاركوا في جلسة تقييم أمني بحضور نتنياهو ووزير الأمن بيني غانتس، ورئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي، واتفقوا جميعاً على أن هناك حاجة إلى 48 ساعة إضافية لإكمال العملية العسكرية، فيما قالت صحيفة «معاريف» إن «حماس انسحبت من اتفاقية لوقف النار مع إسرائيل» بوساطة مصرية، من دون تفاصيل أكثر. وفي خطوة فهمتها الحركة على أنها محاولة للضغط عليها، قال كبير المحلّلين العسكريين في «معاريف»، باراك رافيد، إن الجيش «سينفّذ الليلة (فجر اليوم) أعنف عمليات قصف ضدّ غزة تمهيداً لوقف النار، وذلك بأمر من غانتس»، وهو ما ردّت عليه بأن «قدراتها لم تتأثر» وأنها «مستعدة لمعركة طويلة»، قبل أن يأتي الردّ عملياً بقصف تل أبيب والقدس مجدّداً، ثم شنّ حملة قصف على القواعد الجوية الإسرائيلية فجراً.
اللافت في الحديث السياسي حول التهدئة، هو الشدّ والجذب الأميركي ــ الإسرائيلي، بعدما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن هاتف نتنياهو صباح أمس للمرّة الرابعة خلال أسبوع، وقال له إن يَتوقّع خفضاً كبيراً للتصعيد اليوم تمهيداً لوقف النار، قبل أن يضيف البيان: «نعمل جاهدين لدعم وقف النار، والتوصّل إلى هدوء دائم، وبناء طريق لمعالجة أسباب الصراع». لكن مصادر في «حماس» تقول، لـ«الأخبار»، إن المصريين تحدّثوا مع الحركة مراراً، وأخبروها بأن إسرائيل اقتربت من التهدئة، وأن الساعة المقبلة حاسمة، فيما لا تزال «حماس» متمسّكة بشروطها المتعلّقة بمدينة القدس ووقف العدوان على غزة، وأنها «لن تقبل وقف النار أو التوصّل إلى تفاهمات بخلاف شروطها… أوصلنا رسالة إلى الوسطاء باستعدادنا لإكمال المعركة وأن لدينا القدرة على توجيه ضربات كبيرة ومؤلمة للاحتلال، لكننا سنعطي مرونة للوفد المصري لدفع الاحتلال إلى قبول الشروط والتفاهم حول القدس». مع هذا، لم تستبعد المصادر أن تحاول تل أبيب التملّص من الضغط الذي تمارسه واشنطن، وإن كان ظاهرياً، حتى لو أغضب تصرّفها الإدارة الأميركية وأدّى إلى توتّر العلاقات معها مؤقّتاً، وهو ما عبّرت عنه مصادر ووسائل إعلام أميركية أمس، وكلّ ذلك في سبيل الوصول إلى صورة النصر مع غزة، عبر تنفيذ اغتيال لأحد قادة المقاومة.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد شهداء العدوان إلى 227، بينهم 64 طفلاً و 38 سيدة و17 مسنّاً، بعد ارتقاء خمسة فلسطينيين في قصف مدفعي استهدف أراضيَ زراعية شرق جحر الديك وسط القطاع وبيت حانون شمالاً، وثلاثة آخرين منهم امرأة وجنينها بعد قصف منزلهم في مدينة دير البلح (وسط). كما عادت آلة الاحتلال إلى استهداف الصحافيين، باغتيالها المذيع في «إذاعة صوت الأقصى» التابعة لـ«حماس»، يوسف أبو حسين، عبر قصف منزله، ما أدى إلى استشهاده وشقيقه. وأطلقت وزارة الصحة نداء استغاثة عاجلاً لتوفير 46.6 مليون دولار لتلبية حاجات القطاع الصحّي، عقب منع دخول المساعدات.