بعبدا تستنفر لاستيعاب مواقف وهبة: أخطأ والامور بطور العلاج

بولا مراد-الديار

رسالة عون الى البرلمان: تحمل مسؤولياتك!

توتر على الحدود الجنوبية لا يرتقي لمواجهات مباشرة مع العدو

ولأنه لم يكن ينقص لبنان الرسمي المنهمك بتمرير رفع الدعم بطريقة يتفادى فيها ثورة شعبية جديدة والمنكب على متابعة التطورات على حدوده الجنوبية ساعة بساعة خوفا من تمدد رقعة الاشتباكات، الا ازمة جديدة مع دول الخليج تفاقم الحصار والعزلة الاقليمية والدولية المفروضة عليه. اذ استنفر المسؤولون وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون طوال ساعات يوم أمس بمحاولة لاستيعاب مواقف اطلقها وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة خلال مقابلة تلفزيونية ألقى فيها باللوم على دول الخليج من دون ان يسميها في انتشار تنظيم «داعش» في لبنان وسوريا والعراق وتمويله.

وقالت مصادر قريبة من الرئيس عون لـ «الديار» انه «انطلق باتصالاته فجرا لاستيعاب ما حصل، فاستدعى الوزير وهبة وابلغه ان ما حصل خطأ ثم اصدر بيانا اكد فيه عدم تبني الرئاسة هذه المواقف قبل ان يصدر وهبة بيان اعتذار». واوضحت المصادر ان الرئاسة اللبنانية على تواصل مع سفير لبنان في السعودية «وقد تم تكليفه بأن ينقل للمسؤولين السعوديين موقفا حازما للرئيس عون يؤكد فيه رفض الكلام الصادر عن وهبة والتأكيد على العلاقات الاخوية بين البلدين والتعاون الدائم بكل احترام ومحبة»، لافتة الى ان «القيادة السعودية استدعت السفير واستمعت لشروحاته عن موقف الرئيس والاجراءات التي انخذها، لكن المشكلة ببعض اللبنانيين الذين يزايدون بهدف تسجيل النقاط في مرمى العهد». واضافت المصادر:»السعودية منزعجة ونحن منزعجون رغم علمنا ان بعض ما ورد على لسان وهبة جاء ردا على كلام صدر بحق رئيس الجمهورية.. على كل الاحوال الامور بطور العلاج».

وكانت وزارة الخارجية السعودية أعربت في بيان عن «تنديدها واستنكارها الشديدين لما تضمنته تلك التصريحات من اساءات مشينة تجاه المملكة وشعبها ودول مجلس التعاون الخليجية الشقيقة، لتؤكد مجددا على أن تلك التصريحات تتنافى مع ابسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين».

وأعلنت في بيانها أنه «نظرا لما قد يترتب على تلك التصريحات المشينة من تبعات على العلاقات بين البلدين الشقيقين فقد استدعت الوزارة سعادة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة للإعراب عن رفض المملكة واستنكارها للإساءات الصادرة من وزير الخارجية اللبناني، وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص».

تبرؤ فاعتذار

وكانت رئاسة الجمهورية سارعت الى التبرّؤ من كلام وزير الخارجية واعتبرت في بيان «ان ما صدر عن وهبة من مواقف يعبر عن رأيه الشخصي ولا يعكس موقف الدولة ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون». وأكدت الرئاسة «عمق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج الشقيقة وحرصها على استمرار هذه العلاقات وتعزيزها في المجالات كافة، وحرص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على رفض ما يسيء الى الدول الشقيقة والصديقة عموماً، والمملكة العربية السعودية ودول الخليج خصوصا».

من جهته أجرى رئيس الحكومة المكلف حسان دياب اتصالاً هاتفياً بالوزير وهبة لاستيضاحه حيثيات المواقف التي أدلى بها، مؤكدا حرصه على أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومع كل الدول الشقيقة والصديقة، وعدم الإساءة إليها. ودعا دياب إلى تجاوز ما حصل والعودة إلى أفضل العلاقات مع الأشقاء والأصدقاء.

وبعد بيان اصدره صباحا اشار فيه الى انه لم يسم اي دولة داعيا المصطادين في المياه الراكدة التوقف عن الاستثمار في الفتنة بين لبنان واشقائه، اصدر وهبة بعد الظهر بيانا ثانيا أكد فيه ان «بعض العبارات غير المناسبة التي صدرت عني في معرض الإنفعال رفضا للإساءات غير المقبولة الموجهة إلى فخامة رئيس الجمهورية، هي من النوع الذي لا اتردد في الإعتذار عنها. كما ان القصد لم يكن ،لا أمس ولاقبله ولا بعده، الإساءة إلى اي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة التي لم تتوقف جهودي لتحسين وتطوير العلاقات معها لما فيه الخير والمصلحة المشتركين ودوما على قاعدة الإحترام المتبادل. وجل من لا يخطىء في هذه الغابة من الأغصان المتشابكة».

واستدعى كلام وهبة حملة استنكار واسعة، واعتبر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ان الكلام الذي اطلقه وزير الخارجية «لا يمت للعمل الدبلوماسي بأي صلة، وهو يشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد ، وتسببت باوخم العواقب على لبنان ومصالح ابنائه في البلدان العربية»، معتبرا انه «اذا كان هذا الكلام يمثل محوراً معيناً في السلطة اعتاد على تقديم شهادات حسن سلوك لجهات داخلية وخارجية، فانه بالتأكيد لا يعني معظم اللبنانيين الذين يتطلعون لتصحيح العلاقات مع الاشقاء في الخليج العربي ويرفضون الافراط المشين في الاساءة لقواعد الاخوة والمصالح المشتركة».

وقالت مصادر مطلعة على مساعي حل الازمة ل»الديار» انه تم قطع مسافة كبيرة باتجاه استيعاب ما حصل، مشددة على ان كل ما يتم تداوله عن اجراءات ستتخذها دول خليجية كسحب سفراء وترحيل لبنانيين، اشاعات ينشرها بعض لبنانيي الداخل لزيادة الهوة بين العهد والمملكة ولا تمت للحقيقة بصلة، خاصة وان لا مصلحة اصلا لهذه الدول بالانسحاب من الساحة اللبنانية في هذه المرحلة وتركها لطهران في وقت تتم فيه اعادة النظر بتوزيع الادوار في المنطقة.

عون يرمي الكرة في البرلمان

ولم تستحوذ تصريحات وهبة وحدها على المشهد السياسي اللبناني بالامس، فقد شكلت الرسالة التي وجهها الرئيس عون الى الأمانة العامة لمجلس النواب وطرح فيها مسألة الوقت المُتاح أمام رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري لتشكيل الحكومة محط انظار بحيث بات من المفترض على رئيس مجلس النواب، نبيه بري،بحسب الدستور، أن يدعو إلى جلسة عامة لمناقشة هذه الرسالة.

وقالت مصادر مطلعة على الملف الحكومي لـ «الديار» ان عون ما كان ليبعث بهكذا رسالة لولا وصوله لقناعة باستبعاد الحريري خيار الاعتذار نزولا عند طلب وضغوط الرئيس بري الذي بات يتعاطى مع تمسك الحريري بورقة تكليفه كمسألة حياة او موت. واشارت المصادر الى ان عون القى بالكرة من خلال الرسالة في ملعب مجلس النواب وهو يعتبر انه من الجائز سحب التكليف طالما البلد في انهيار كلي والحريري يحتجز الحكومة الجديدة «متجاهلاً كلّ مهلة معقولة لتأليف حكومة قادرة على الإنقاذ والتواصل المجدي مع مؤسسات المال الأجنبيّة والصناديق الدوليّة والدول المانحة».

وكان عون تبلغ يوم امس دعم نظيره الروسي فلاديمير بوتين ووقوف بلاده الى جانب لبنان ودعمها له اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا واستعدادها للتعاون معه في مختلف المجالات. موقف بوتين نقله الى الرئيس عون سفير الاتحاد الروسي في لبنان الكسندر روداكوف الذي قال بعد اللقاء «تشرفت بلقاء الرئيس عون ونقلت اليه رسالة شفوية من الرئيس فلاديمير بوتين عبر فيها عن دعم روسيا للبنان ووقوفها الى جانبه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وصحيا».

وأضاف «أكدنا أيضا خلال اللقاء على الموقف الروسي المبدئي من الاوضاع في لبنان، والذي يدعو الى ضرورة تشكيل حكومة في اقرب وقت ممكن، وستكون روسيا بعد ذلك على استعداد للتعاون مع الجمهورية اللبنانية في مختلف المجالات بما في ذلك الاقتصاد والصحة والتعليم وغيره».

الى ذلك، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية والنائب فريد هيكل الخازن. واعتبر فرنجية بعد اللقاء اننا «نعيش عصر النكايات والكيدية وليس عصر التسويات فيما نحن في حاجة لإيجاد دولة» لافتا الى ان «المرحلة ليست مرحلة اشتباك إنما مرحلة الجلوس معاً لنجد حلاً لبلدنا ولكن أن نجلس معاً بات إنجازاً». واضاف «خائفون على لبنان والوضع لا يطمئن.. لن نحمّل المسؤولية لأحد فكل منا يتحمل مسؤولية وطنية في التنازل لنصل إلى تسوية».

توتر جنوبا

وعلى صعيد التطورات جنوبي لبنان، فقد أعلن الناطق الرسمي باسم قوات «اليونيفيل»، أندريا تينيتي، انّه «قرابة الساعة 11:30 مساء الاثنين رصدت «اليونيفيل» إطلاق صواريخ من محيط عام راشيا الفخار شمال كفرشوبا في جنوب لبنان. وجاء الرد الإسرائيلي بقصف مدفعي على الموقع الذي انطلقت منه الصواريخ». وقال:»على الفور أجرى رئيس بعثة «اليونيفيل» وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول اتصالاً بنظرائه في قيادة الجيش اللبناني والجيش الاسرائيلي وحث الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس من أجل منع أي تصعيد للوضع».ولفت إلى قوات اليونيفيل تعمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني على «تعزيز السيطرة الأمنية في المنطقة وتكثيف الدوريات لمنع وقوع أي حوادث أخرى تهدد سلامة السكان المحليين وأمن جنوب لبنان. كما تدعم «اليونيفيل» القوات المسلحة اللبنانية في عملية البحث في المنطقة». وأكد تينيتي أن خطوط الإتصال بين رئيس بعثة «اليونيفيل» وباقي الأطراف مفتوحة لضمان الاستقرار في المنطقة وتخفيض التوتر القائم».

من جهته أفاد الجيش اللبناني عن تعرض عدة قرى في منطقتي الهبارية وكفرشوبا لقصف مدفعي مصدره مدفعية العدو الإسرائيلي، وقد أُحصي سقوط ١٠ قذائف متفجرة و٧ مضيئة. كما عثرت دورية من الجيش على ٦ منصات إطلاق صواريخ فارغة ومنصة سابعة مجهزة بصاروخ تمّ تفجيره في خراج بلدة الهبارية.

وبعد ظهر يوم امس شهدت منطقة العديسة توترا بعد قيام عدد من المتظاهرين بتسلق الجدار الاسمنتي الحدودي الفاصل ورفع اعلام حزب الله والرايات والقاء الحجارة على السياج الحدودي وعلى دبابة تابعة للعدو. فقام جيش الاحتلال الإسرائيلي برمي القنابل المسيلة للدموع والدخانية مما تسبب بسقوط 5 جرحى وعدد من حالات الاغماء والاختناق.

واستبعدت مصادر سياسية لبنانية ان تنسحب الاشتباكات بين الفلسطينيين والاسرائيليين الى الداخل اللبناني، مرجحة في حديث لـ «الديار» «استمرار الحرب في فلسطين لايام او اسبوع في ظل اصرار رئيس الوزراء الاسرائيلي على تحقيق نوع من الانتصار ما يبدو صعبا ومستعصيا عليه».

Exit mobile version