على الرغم من الأجواء السوداوية التي تسود في لبنان على أكثر من صعيد سياسي وإقتصادي وإجتماعي، إلا أن ما تم الإعلان عن إنجازه من قبل اللجان النيابية الفرعية أمس لجهة إنتهاء فرعية الإدارة والعدل من دراسة إقتراح قانون السلطة القضائية المستقلة، وإنتهاء فرعية اللجان المشتركة من دراسة إقتراح قانون الشراء العام (المناقصات)، يُشكل محطة مفصلية ويوماً متميزاً في مسيرة المجلس النيابي نظراً لأهمية هذين القانونين على صعيد وضع لبنان على سكة الشفافية والتعاطي مع المال العام، وكذلك على طريق تأمين العدالة وإستقلالية السلطة القضائية.
ما تقدم يبقى رهن القرار النهائي الذي سيصدر تسلسلاً عن لجنة الإدارة والعدل خلال مهلة أسبوعين كحد أقصى، بشأن إقتراح السلطة القضائية والتقرير الذي ستعده اللجنة الفرعية مرفقا بما أنجز، تمهيداً لإقراره وإحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب التي يعود لها الكلمة الفصل في كل ما له علاقة بالتشريع.
كذلك الأمر بالنسبة لإقتراح الشراء العام حيث يُفترض أن يمر أيضاً عبر اللجان النيابية المشتركة التي انبثقت منها اللجنة الفرعية وضمن نفس المهلة المتاحة قانوناً وأصولاً، لكي يُرفع أيضاً إلى الهيئة العامة للمجلس. والجدير ذكره أن الفرعيتين تتمثلان فيها جميع الكتل البرلمانية الموجودة في المجلس تقريباً، وبالتالي يُفترض منطقياً أن تكون الطريق قد أصبحت سالكة أمام الإقتراحين إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، والتي تنتظر ما يُنجز من قبل اللجان من إقتراحات ومشاريع قوانين لكي تلتئم.
وبموازاة هذين الإنجازين للجان في المجلس، كان حاضراً أيضاً كلام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة وهو كان محط إستنكار بإجماع أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين البرلمانية، التي ناقشت العدوان الصهيوني على الفلسطينيين، وسجل النائب جورج عقيص مطالبة بجلسة خاصة لمحاسبة ومساءلة الوزير وهبة حتى لو كانت الحكومة مستقيلة.
عدوان: “وفينا بوعدنا وأنجزنا إستقلالية القضاء”
بعد نحو 50 جلسة للجنة الفرعية ونحو 20 جلسة للجنة الصياغة، أعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل ورئيس اللجنة الفرعية المكلفة دراسة إقتراح قانون إستقلالية القضاء النائب جورج عدوان، بعد الإجتماع الأخير للجنة الفرعية أن “اللجنة أنجزت دراسة قانون إستقلالية القضاء العدلي، وسترفعه إلى لجنة الإدارة والعدل على أن يرفع لاحقاً إلى الهيئة العامة لمجلس النواب”، لافتاً إلى أن “التأخير المعقول الذي حصل تعود أسبابه إلى جائحة كورونا وإنفجار المرفأ، وعدم الإعتراف بقانونية الجلسات الإفتراضية”.
وأكد أن “أهم التغييرات التي أدخلت على القانون هي أن مجلس القضاء الأعلى سيكون 7 أعضاء منه منتخبين من القضاة يمثلون أكبر عدد من القضاة ومختلف الدرجات، كما أن الثلاثة الحكميين سيتم إقتراحهم من قبل مجلس القضاء الأعلى وستكون هناك موازنة خاصة لمجلس القضاء وأمانة سر متفرغة، كما أن هيئة التفتيش تم توسيع صلاحياتها وشملت هيئة التقييم كل سنتين، بالإضافة إلى إعتماد توزين الملفات في توزيعها على القضاة، ومعهد الدروس القضائية سيكون فيه سنة تحضيرية للمواكبة والمتابعة وتصبح التشكيلات القضائية خاضعة للتقييم والمعايير المحددة في القانون، كما أعطي القضاة ضمانات كحق الإجتماع وحق إنشاء الجمعيات”.
جابر: منصة جديدة لمجلس النواب
أعلن رئيس اللجنة الفرعية المكلفة درس إقتراح قانون الشراء العام النائب ياسين جابر في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، أنه “خلال أيام سنعلن عن منصة جديدة للمجلس النيابي، وهذا القانون سينشر لأنه سيكون على المنصة وهي تفاعلية، كغيره من إقتراحات ومشاريع القوانين على هذه المنصة، وسيكون من الآن وحتى موعد صدوره متاحاً لمن لديه ملاحظات إضافية أن يدخل الى منصة مجلس النواب الجديدة ويدونها”.
وأوضح أن “قانون الشراء العام هو القانون الذي يرعى كل مشتريات الدولة مستقبلاً وعقدنا 45 جلسة لدرس هذا القانون، وإستعنا بكل المؤسسات التي لها علاقة لأن يكون القانون متماسكاً، فشارك معنا مجلس الخدمة المدنية، هيئة التفتيش المركزي، إدارة المناقصات، وزارة العدل، وزارة التنمية الادارية، ديوان المحاسبة، مجلس الإنماء والإعمار، فريق عمل معهد باسل فليحان المالي، وزارة الداخلية، ممثلون للمجتمع المدني، كل المؤسسات الدولية، كما تشاورنا مع مؤسسات دولية أعطت رأيها من دون أن تحضر، وكانت هناك مراسلات وتشاورنا مع النقابات وغيرها من الهيئات المعنية وغرف التجارة ونقابات المهندسين والمقاولين والمحامين، وكلّها أدلت برأيها وراسلت مجلس النواب للأخذ بملاحظاتها”.
وقال: “أهمية هذا القانون أنه يسعى إلى الشفافية الكاملة وإلى الشمولية، أي كل من يتعامل بالمال العام سيكون خاضعاً لهذا القانون ولا توجد إستثناءات وكل من يشتري أي شيء من المال العام سيكون خاضعاً لبنود هذا القانون، وهناك ضرورة لإنشاء منصة للإعلان عن أي مناقصة وهي مفتوحة ليراها كل الناس، ونتائجها تعلن عبرها، وإذا لم يكن هناك نشر سواء أكان للإعلان أم للنتائج فتفسد المناقصة ويطعن فيها”.
وأضاف: “أنشأنا هيئة للشراء العام مكان الإدارة التابعة للتفتيش المركزي، وأصبحت هناك هيئة مستقلة تنظم عملية الشراء العام في لبنان وتتابع البلديات وإتحاداتها والمؤسسات العامة، ومهمة الهيئة إصدار القرارات التنظيمية ومتابعة النشر كما أنشأنا هيئة للمراجعات والشكاوى”.
لجنة الخارجية متضامنة مع الشعب الفلسطيني في محنته
من جهة ثانية، أعلن جابر بعد جلسة للجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية خُصصت لبحث إعتداءات العدو الإسرائيلي غير الإنسانية في فلسطين المحتلة، وما تحدث به وزير الخارجية، أن “اللجنة متضامنة بكل أعضائها وبمن تمثل من كتل نيابية مع الشعب الفلسطيني في محنته، وهناك طبعاً موقف موحد لإدانة إسرائيل والإجرام الإسرائيلي والمطالبة بأن يتحرك المجتمع الدولي من أجل وقف هذه الحرب الإجرامية وعملية الإستيطان التي تجري، والعمل جدياً لإيجاد حل سياسي عبر المبادرة التي صدرت عن القمة العربية في بيروت، والتي تطالب بإنشاء دولة فلسطينية”.
وقال: “بالنسبة إلى ما صدر عن وزير الخارجية حيال الدول العربية الشقيقة، نحن نرحب بالبيان الصادر عن رئاسة الجمهورية وبالموقف الذي أعلن عن عدم تمثيله رئاسة الجمهورية ولبنان، وأيضاً اللجنة بكل أعضائها متضامنة تستنكر هذا الكلام، نحن اليوم في العالم العربي بأمس الحاجة إلى التضامن، نحن نرى أن هناك مصالحات عربية وإقليمية، والجميع يفتح صفحات جديدة لبناء علاقات، نستغرب موقف وزير خارجية لبنان، وهو أصدر بياناً عبر فيه أنه لم يكن يقصد، ويجب ألا ننسى أن أحد شرايين الحياة المالية والإقتصادية للبنان هو هؤلاء اللبنانيون الذين يعملون في الدول الشقيقة والصديقة”.
عراجي يُحذر من أزمة فقدان الأدوية المزمنة
بينما شكلت لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الإجتماعية لجنة فرعية لمتابعة درس إقتراح القانون الرامي إلى إخضاع الموظفين الدائمين في المؤسسات العامة التي تتولى إدارة مستشفيات حكومية لنظام التقاعد والصرف من الخدمة وإقتراح القانون الرامي إلى إلغاء القانون رقم 544 الصادر في 24 تموز 1996، حذر رئيس اللجنة النائب عاصم عراجي من تفاقم أزمة الدواء المفقود وخصوصاً الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة والمستعصية، مستعرضاً خلاصة التواصل مع نقيب مستوردي الدواء ومع مصرف لبنان، وتقاذف المسؤولية وتبادل الإتهامات بين الطرفين حيث تبين أن مصرف لبنان تكلف منذ بداية العام ولغاية اليوم 415 مليون دولار، وهي الكلفة ذاتها، الـ4 أشهر لعام 2020 و 2019، أي حوالى 100 مليون دولار شهرياً، يعني الدعم كله هو مليار و 200 مليون، يعني اخذوا المبلغ الذي يريدونه سنوياً ورغم ذلك الدواء مفقود، وشركات الادوية تحمل مصرف لبنان المسؤولية، والأخير يحمل شركات الأدوية، والمواطن يدفع الثمن.