“إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار”.. أين محور المقاومة من الحرب على غزة؟
فاطمة عواد الجبوري
دخلت الحرب الشعواء على غزة يومها التاسع، الخسائر بالأرواح كبيرة للغاية والخسائر المادية حدث بلا حرج. إذ أن إسرائيل تتعمد إستهداف البنى التحتية لقطاع غزة وذلك في محاولة منهم لتركيعها. ولكن يبدو بأن الحرب كلما طالت كبُر حجم الخسائر الإسرائيلية في الأرواح والخسائر المادية التي شلت الاقتصاد الإسرائيلي خلال الأيام الماضية ناهيك عن الرعب الذي يعيشه المستوطنون الإسرائيليون الجبناء وإجبارهم على المكوث ساعات وساعات في الملاجئ.
لا يمكن لأحدٍ أن يزايد على الفلسطينيين وقرارهم المصيري بالمقاومة إذ لا يفتي قاعدٌ لمجاهد، ولكن كل ما بيدنا هو الدعاء أن ينصر الله أخوتنا الفلسطينيين على الأعداء. في الوقت ذاته تجد من يصطاد في الماء العكر ويُردد ترّهات عفا عليها الزمن. حيث يقول البعض أين هو محور المقاومة من الحرب على غزة؟ ولماذا لا يتدخل محور المقاومة لنصرة أهل غزة؟ وهناك البعض ممن يتحدث عن أن طريق المقاومة مرّ من دمشق ولبنان والعراق ولكنه لم يمر من القدس؟
كل هذه الأسئلة هي أسئلة مشروعة إذا صدرت عن حسن نية، ولكن المصيبة هي أن المتسائلين هؤلاء هم أنفسهم من يطبلون لأردوغان والسعودية ويطبلون لمواقف هذين البلدين في دعم القضية الفلسطينية.
لقد أجاب الإخوة في فلسطين وفصائل المقاومة عن هذه الأسئلة جميعها، إذ توجهت فصائل المقاومة بالشكر لإيران ولمرشدها الأعلى “علي خامنئي” للدعم غير المشروط الذي قدمته إيران نصرة لأخوتهم في فلسطين. كما تشير التقارير الأمريكية والإسرائيلية بأن أغلب صواريخ المقاومة هي صناعة إيرانية أو صناعة محلية بعقول وأياد فلسطينية حرة. هذه الصواريخ اتي باتت تؤرق الكيان الغاصب وجعلت ليله ونهاره كابوساً مظلماً.
إن محور المقاومة لم يهدأ يوماً ولم يركن للعدو أبداً، فعلى الرغم من الخلافات البسيطة بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ودمشق إثر الأزمة السورية، إلا أن الطرفين بشكل خاص والمحور بشكل عام تغلب بسرعة على الخلاف في وجهات النظر. ولذلك قال خالد مشعل وردد إسماعيل هنية بأن الأزمة السورية هي شأن داخلي والحركة لا تتدخل بالشؤون الداخلية، كما أكدا على العلاقة الطيبة مع إيران والتنسيق المستمر معها.
محور المقاومة المتمثل بفلسطين وحزب الله وإيران وسوريا والعراق واليمن خاضوا معاركهم ضد الكيان منذ سنوات وهم الآن في معركة مستمرة ضدهم وضد عملائهم في المنطقة. فسوريا وإيران قاومت الاحتلال الإسرائيلي الذي صدر لها الإرهابيين أفواجاً أفواجا. بينما كان يفر الإرهابيون إلى المشافي الإسرائيلية للعلاج هناك وهذا لا يخفى على أحد.
الحشد الشعبي في العراق هو أيضاً في معركة مستمرة ودائمة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. والولايات المتحدة وإسرائيل تخططان بشكل يومي للإيقاع بالعراق وتمزيقه ونشر الفتن بين فئات شعبه. فبعد فشل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة بدعم داعش التي فشل مشروعها بفضل الجيش والحشد الشعبي العراقي اتجهتا إلى محاولة إثارة الفتن وممارسة الضغط لحل الحشد الشعبي أو تغيير قياداته. فعلى سبيل المثال مارست الولايات المتحدة أقصى الضغوط ضد رئيس الوزراء العراقي للإطاحة بفالح الفياض من رئاسة هيئة الحشد الشعبي. كما مارست الولايات المتحدة ضغوطا كبيرة للإفراج عن عناصر خلية إرهابية يترأسها صالح يوسف صايل والتي يعتقد بأنها تقف خلف اغتيال الناشط المدني “إيهاب الوزني”. وذلك كله في سبيل اتهام فصائل المقاومة العراقية بتصفيته ونشر الفتن في كربلا وباقي المحافظات العراقية.
محور المقاومة لا يتخلى عن حلفائه ولا يكتفي بالتصريحات كما يفعل البعض في تركيا والسعودية. فتركيا التي تحاول اليوم التدخل في لبنان وتغيير موازين القوى لصالحها هناك تكتفي بالتصريحات النارية لرئيسها ولمجموعة من المسؤولين، والتقارير تحدثت قبل أسابيع عن محادثات إسرائيلية-تركية لإعادة العلاقات إلى مجاريها. وأما السعودية فإن الضوء الأخضر السعودي للدول المطبعة هو من جعل إسرائيل تتكالب على غزة. بينما تتحدث السعودية اليوم عن وقف التصعيد في فلسطين المحتلة، تمارس السعودية وأدواتها في لبنان أقسى أشكال الضغط ضد حزب الله، القوات اللبنانية بتهريبها السلاح والفساد المستشري في صفوفها والتهديد الدائم بحرب أهلية مع حزب الله، كل ذلك يمثل حربة في ظهر الحزب، ولكن ومع كل ذلك يعمل المحور كوحدة متكاملة ومتناسقة.
محور المقاومة اليوم يواجه الفتن والمؤامرات التي حاكها ويحيكها له أتباع الكيان. فاليمن وعلى الرغم من كل المآسي التي تعرض لها على مدى سنوات من الدمار والحرب، ها هم اليمنيون الشجعان وعلى رأسهم أنصار الله يلبون نداء الأقصى ويعربون عن استعدادهم للدخول في معركة العز والشرف ضد الكيان الغاصب.
لا بد في الختام من القول بأن محور المقاومة لم ينحرف يوماً عن اتجاهه الصحيح نحو الأقصى والقدس وغزة، لكل منهم دوره وكل منهم يضع يده على سلاحه. فصائل المقاومة الفلسطينية تلقن العدو اليوم درساً في البطولة لن ينساه أبداً. وعلى الرغم من كل محاولات زرع الفتن في داخل دول محور المقاومة أو بين المحور ذاته إلا أن العلاقات بين فصائل المقاومة علاقة قوية ومتينة فهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
كاتبة وباحثة عراقية
المصدر: فاطمة عواد الجبوري