المشنوق يجمع الأضداد في مواجهة “الإستقلال الثالث”

 

غادة حلاوي-نداء الوطن

فجأة إستنفرت أطراف سنية متناقضة، واجتمعت على استهداف شخص واحد. هي التي لم تجتمع على شيء في زمانها. أصوات ومواقع إلكترونية تابعة لـ”حزب الله” ولإيران وللرئيس نجيب ميقاتي وللواء أشرف ريفي وللرئيس سعد الحريري، كلّها هاجمت وزير الداخلية الأسبق، النائب نهاد المشنوق، باتهامات من كلّ حدب وصوب، تبدأ بالفساد ولا تنتهي بالخيانة والعمالة.

السبب هو أنّ المشنوق، في حمأة الظروف الإقليمية والتهاب الأزمات اللبنانية المتشعبة، والانقسام السياسي الحاد، يعمل مع “زملاء وقدامى المحاربين من جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري في أكثر من منطقة لبنانية”، لإطلاق “حركة الاستقلال الثالث”، على ما قال في حديث لـ”نداء الوطن”.

التوقيت: “خلال شهر”، والهدف: “تحرير لبنان من الإحتلال الإيراني للقرار السياسي في لبنان”.

هو إعلان يؤسّس لاستقلالية المشنوق السياسية، النهائية والتامة، التي ستسدل الستار على مرحلة تعايشه مع “الحريرية السياسية” وقد تحرّر من “ثغراتها الكثيرة”، من دون أن يخرج من عباءة “الحريرية الوطنية التي تتمثّل في الثوابت التي لا تراجع عنها”.

إطلالة المشنوق الأخيرة، من تلفزيون “بلومبيرغ – الشرق”، الفضائية السعودية الحديثة العهد، وإعلانه أنّه جزء من مطبخ يعمل على التحضير لإطلاق “حركة الاستقلال الثالث”، إستنفرت انتقادات واتهامات، كان اللافت أنّ معظمها صدر على لسان قوى سنية أساسية أو من يمثّلها، إلتقت للمرّة الأولى على رأي واحد، وهو الهجوم على المشنوق والتشكيك بدوره ومشروعه السياسي. ولاقتها مواقع من “الممانعة”، كما لو أنّه تحالف في وجه المشنوق بين الممانعة و”المستقبل” وسنّة تقليديين، تبرّموا من كلامه في مجالسهم.

غذّت الإطلالة “السعودية” الشكل، إمكانية أن تكون رسالة مبطّنة إلى الرئيس المكلّف سعد الحريري، بأنّه ها قد أتاك من يمكن أن يكون مؤهّلاً كبديل عنك. ما يحمل على طرح تساؤل جدّي: هل أتى دور المشنوق؟

نائب بيروت لم يوفّر الرئيس المكلّف من انتقاداته خلال المقابلة “السعودية”، متعمّداً التفريق بين “الحريرية الوطنية” وبين “الحريرية السياسية المصابة بثغرات كثيرة”. وكرّر الحديث عن “الأخطاء التي ارتكبت في إدارة التسوية الرئاسية” التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.

توسّع الشرخ مؤخّراً في العلاقة بين المشنوق والحريري. وكأنّ المشنوق بالإعلان عن انضوائه في حركة سياسية جديدة، إنّما يطوي صفحة سنوات ماضية انضوى خلالها ضمن “الحريرية السياسية” لسعد الحريري، قبل أن يغادرها إلى غير رجعة، معلناً عن حيثية جديدة، الأرجح أن تكون بمباركة عربية، سعودية بالدرجة الأولى.

وربما لهذا السبب استفزت حركته أربع قوى سنية بارزة لأنّها تعلم أن مَن مثل المشنوق لا ينطلق في مواقفه من فراغ عادة؟ فكيف إذا كان الأمر متعلقاً بإطلاق حركة سياسية في مواجهة “الاحتلال السياسي الإيراني للقرار اللبناني”. وهو عنوان إقليمي وليس محلياً، بل يندرج في سياق إقليمي.

من يتابع مسيرة المشنوق السياسية يدرك أنّ حراكه الأخير لا يمكن أنّ يكون عملاً فردياً مركزه مكتبه في الصنائع. وبالطبع ليست مبادرة بيروتية أو ذات أهداف انتخابية. هو الذي يداوم على التأكيد أنّه لن يكون مرشّحاً إلى الانتخابات النيابية في ظلّ القانون الحالي، الذي يعتبره قانون “قايين وهابيل”. والمشنوق معروف بامتداداته وخلفيته وعلاقاته العربية الواضحة، وأنّه على تواصل مستمرّ مع أبرز السفراء العرب المتواجدين في لبنان حالياً.

قد يكون الاستنفار ضدّه مبرّراً. لكنّه جاء قاسياً. بدأ بنقل اتهام عن لسان السفيرة الأميركية في لبنان دورثي شيا، فنسب إليها قولها إنّه “فاسد”، وهو ما نفته مصادر السفارة لاحقاً. ثم صار عرضة لانتقادات متتالية من قبل مواقع إلكترونية عديدة تابعة لـ”حزب الله” وإيران بينها “العهد” و”الميادين” والعالم”، وأخرى تابعة لقوى سنية، كالرئيس الأسبق للحكومة نجيب ميقاتي (لبنان 24) واللواء أشرف ريفي (ناشطون). وكان السبّاق من بينهم “تيار المستقبل” الذي لم يستسِغ حتى الساعة خروج المشنوق من عباءة الحريري الابن، فجاء الردّ عبر منسّق الإعلام في صفوفه.

في حديث لـ”نداء الوطن” يقول المشنوق إن هناك “صعوباتٍ تواجه انطلاقة حركة الاستقلال الثالث، تحديداً في الاتصالات الجارية مع قوى وشخصيات مسيحية، على الرغم من أنّ الفكرة انطلقت من عباءة بكركي، وهدفها الوقوف إلى جانب البطريرك بشارة الراعي ومبادرته، دفاعاً عن الكيان اللبناني وعن اتفاق الطائف وعن استقلال القرار السياسي الذي تحتلّه إيران”. نحن أمام شهر مفصليّ إذاً. والعمل جارٍ لتجميع المعارضين لإيران في جبهة سياسية موحّدة، سيكون المشنوق أحد وجوهها، بالتزامن مع نشوء طاولات حوار سعودي – إيراني من بغداد إلى دمشق، مروراً بالحوار الأميركي الإيراني في فيينا.

لكن في الأساس لا يمكن تفويت إطلالة المشنوق، سواء لناحية الإعلان عن “حركة الاستقلال الثالث”، أو لاختياره التصويب على “الاحتلال السياسي الإيراني لقرار لبنان”.

Exit mobile version