فعلا صحّت التوقعات… ها هي “دمشق الأسد” شرعت أبوابها، وأعدت السجاد الأحمر لاستقبال “التائبين” الذين أداروا ظهورهم للنظام السوري، حين أوغل هدراً بالدم وبحلم الحرية السوريين، وها هم يتهافتون ويزدحمون بانتظار السماح لهم بالدخول بعدما “أدركوا” أن هذا النظام باق والشعب زائل.
محور الممانعة، وريث “جوقة” الصمود والتصدي، سيحتفل بكثير من الضجة خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية السورية في 26 أيار الحالي، حيث سيجدد الموالون “البيعة” للأسد، لا بل يمكن أن يذهب هذا المحور إلى تصوير هذه البيعة بأنها “الرد في الوقت والمكان المناسبين” على كل الاعتداءات الإسرائيلية على السيادة والهيبة السوريتين، بل وانتقاماً للقدس والأقصى.
وقبل البيعة الجديدة، هلت أولى بشائر تقاطر الضيوف الكبار إلى “عاصمة الأسد” وكانت البداية مع… رئيس “جمهورية” أبخازيا أصلان بجانيا الذي وصل أمس مع وفد “رفيع المستوى” لإجراء محادثات “رفيعة المستوى” مع مسؤولي النظام.
ويرجع تأسيس أبخازيا إلى عام 1991، عندما قامت بالاستقلال عن جورجيا، ما تبعه الصراع الجورجي – الأبخازي، ولكنها أصرت على الانفصال وأعلنت أنها جمهورية مستقلة، وفي عام 1993 أجبرت أبخازيا الجيوش الجورجية على الانسحاب من المنطقة، بعد حرب دامت لمدة عام مع الثوار الانفصاليين، ومن وقتها والسلام يحل على الأبخازيين.
ولا تحظى أبخازيا باعتراف دولي سوى من روسيا ونيكاراغوا وفنزويلا وناورو وسوريا، وهي الدولة العربية الوحيدة التي اعترفت بها، ما سهل انتقال اللاجئين السوريين لها في فترة لاحقة بعد اندلاع الثورة.
وترحب بالسوريين بل وتتمنى بقاءهم فيها لأطول فترة ممكنة، حيث يمكن أن يساعد توطينهم في ارتفاع العدد السكاني للدولة، التي لا يتجاوز 214 ألف نسمة.
والأهم أن السلطات الأبخازية تمنح السوريين حقوق المواطنية كاملة بما في ذلك حق التصويت، أي ما لا يحق لهم في وطنهم الأم إلا على قاعدة “البيعة” وحسب، فيما مئات الآلاف خسروا أصواتهم وأرواحهم لأنهم حلموا بوطن ينتخبون فيه بحرية، كما أن ملايين السوريين المشردين في أنحاء العالم ممنوعون من هذا الحق.
بالتأكيد الرئيس الأبخازي ليس أعلى رتبة ديبلوماسية من نائبة وزير الخارجية الإيطالية التي زارت “بعبدا عون” أمس، لكن زيارته إلى “دمشق الأسد” ببركة روسية تترك مجالاً واسعاً لافتراضات خبيثة بأنه إذا لم يتوافق الأسد مع حسابات “اللاعبين الكبار” لـ”سوريا المفيدة” فإن البديل جاهز: “ابخازيا المفيدة” له ولحاشيته.