لم يكن ينقص العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية سوى وزير “الأيام الـ 6” شربل وهبة ليزيد الطين بلة، ويهدد آخر “شعرة تواصل” بين البلدين، ضارباً معنى الديبلوماسية اللبنانية بعرض الحائط.
ولو كان الوزير السابق الراحل جان عبيد، وهو “حكيم وزراء الخارجية العرب” كما يصفه وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل، على قيد الحياة وشاهد مقتطفات من مقابلة وهبة على قناة “الحرة” مع الإعلامية ليال الاختيار، لكان سارع إلى إعلان وفاة الديبلوماسية اللبنانية للمرة الثانية (الأولى خلال تولي جبران باسيل الوزارة).
ومع أن “الضرب بالميت حرام”، وعلى الرغم من أنه وزير يصرّف الأعمال، لكن ذلك المعالي “المعجزة” أثبت أمام الرأي العام أنه “تلميذ عوني مجتهد”، في مدرسة “معلّمه” جبران باسيل، صاحب أهم النظريات في كيفية استهداف العلاقات بين لبنان ودول الخليج (عدم إدانة استهداف منشآت أرامكو نموذجاً).
ففي الوقت الذي يحاول فيه لبنان إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع المملكة، وفي الوقت الذي كانت فيه الجهات المعنية تبذل كل الجهود لتأمين الضمانات المطلوبة لتعود المملكة عن قرارها في وقف استيراد الخضار والفاكهة من لبنان أو مرورها عبر أراضيها، بعد شحنة رمّان “الكبتاغون”، أطّل وهبة عبر شاشة عربية، ليزيّن مسيرته بـطيش الكلام وسفاهة المضمون، وخفّة وجهل في التعاطي مع الملفات السعودية – اللبنانية.
ولم يخطئ المحلل السعودي سلمان الأنصاري في توصيف الواقع، خصوصاً في تذكير الوزير العوني بالاتفاقيات التي كانت المملكة تستعد لتوقيعها مع لبنان قبل ثورة “17 تشرين”، وحمّل رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره باسيل مسؤولية إفشالها. غضب وهبة وراح إلى رشق مواقف لا معنى لها.
عذراً معالي الوزير لكن الجهل يعتري مواقفكم.
أولاً: بالحديث عن المخدرات، حاول وهبة أن يلعب على وتر قضية “أمير الكبتاغون”.
يا معالي الوزير إن هذا الرجل السعودي لم يتم توقيفه لولا رفع الغطاء السعودي عنه. وهذا الرجل كان يتمنى من الأمن اللبناني، خلال فترة احتجازه وقبل تسليمه، ألا يتم تسليمه إلى الأمير محمد بن سلمان، لخشيته من العقاب. بينما دولتنا يا معالي الوزير غير قادرة على إلقاء القبض على تجّار المخدرات، وممنوع على رجال أمننا دخول مناطق عدة. ولمعلوماتكم أن حزب الأمر الواقع يواصل جهوده حتى اليوم لإطلاق سراح “امبراطور الكبتاغون” حسن دقو.
ثانياً: ماذا تعرف يا معالي الوزير المثقّف عن داعش وأخواتها؟ وكيف لك اتهام دول “صديقة ومحبة”، قاصداً دول الخليج، بصناعة هذا التنظيم الإرهابي الذي استهدف الدول العربية والخليجية ولم يستهدف إيران؟
ماذا تعرف يا معالي المحترم عن الأزمة السورية؟
ألست حليف “حزب الله”؟ اسأله عن مسؤوليته في صناعة الدواعش في سوريا. اسأله عن مسؤوليته في إيصال المعارضة المسلحة إلى الجرود السورية وتحوّلها هناك إلى “داعش” هددت لبنان وقتلت من جيشه. اسأله عن عدم استهداف “داعش” في جرود القاع طوال سنوات، اسأله عن الدواعش الذين ركبوا الباصات المكيّفة، والدواعش الذين أُبرمت معهم صفقات للبقاء في لبنان.
إسأل يا معالي الوزير “حزب الله” عن شراء المحروقات والنفط من “داعش” منذ نشأتها… اسأله عن وجوده كتنظيم في سوريا والعراق واليمن والبحرين… اسأله عن انفجار المرفأ ونيترات الأمونيوم التي فجّرت بيروت والشحنات التي أرسلت إلى سوريا…
ماذا تعرف يا معالي الوزير عن الجهود التي قامت بها المملكة ودول الخليج لمواجهة الإرهاب؟
ثالثاً: جنّ جنون وهبة من المحلل السعودي الأنصاري، فراح إلى التصويب على المملكة واتهامها بقتل الصحافي جمال خاشقجي. معالي الوزير، كان عليك أن تطّلع على حكمة القيادة السعودية في التعاطي مع هذا الملف، بتوقيف كل الفاعلين والمذنبين القتلة، ومن أعلى الهرم، ومحاكمتهم وفق الأصول، فيما دولتنا يا معالي الوزير إلى اليوم لم تستطع أن توقف قاتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري…
رابعاً: كاد شربل وهبة في دفاعه المستميت عن “حزب الله”، أن يرفع اصبعه ويقول: “هيهات منا الذلة”. معالي الوزير إن مشكلة لبنان عنوانها “حزب الله”، فكل مصابنا من جرّاء “تمدد” الدويلة على أرض الدولة. وصدق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بقوله ان هذه البلاد لن تستوي إلا بنزع سلاح “حزب الله”.
معالي الوزير، اعتبرت أن “إيران لا تتدخل في الشأن اللبناني”، ألم تسمع خطاب السيد نصرالله الذي أعلن أن صواريخه ودباباته وماله من إيران؟ هل غابت عنك تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني واللواء قاسم سليماني والكوادر العسكرية والسياسية وتحويل بيروت إلى عاصمة من عواصم إيران؟
إن مواقف وزير الخارجية شربل وهبة أكبر دليل على حاجة لبنان إلى حكومة سريعاً، فالوزير الحالي بات بطعم “الرمّان”، وينتظر هدية من “حزب الله” كالتي حصل عليها باسيل في جبيل… اهدوا وزير الرمان صاروخاً.