خلال كتابة هذه السطور، كان الموقف السعودي الرسمي صامت من أي إدانة للاحتلال الإسرائيلي. وقد صدر قبل أيام بيان مختصر وخجول من الخارجية السعودية ينتقد تصرفات المحتل. وهذا الخطاب كان لذر الرماد في العيون، وقوبل بنقد من قبل العديد من الفاعلين في المجال العام. بعدها بأيام صدر بيان رسمي بصيغة أفضل يندد على استحياء بالعدوان الإسرائيلي على القدس وعلى غزة. هذه البيانات هي استجابة للضغط الشعبي المحتقن من الاستبداد بالمقام الأول، ومن سياسية التطبيع والتخاذل ضد نصرة القدس. ولا شك أن الحكومة الحالية سلمان وابنه لديها توجه واضح في الوقوف ضد الفلسطينيين بشكل علني ومساندة المحتل بكافة وسائل الممكنة لأجل غاية يعلمها الله. وحتى لا يكون هذا كلامًا إنشائيًّاً, هذه الخطوات قام بها محمد بن سلمان لمساندة المحتلين الإسرائيليين:
*عند وصول محمد بن سلمان للسلطة، تم اعتقال أكثر من 60 فلسطينيًّا من المقيمين في السعودية منذ عقود بشكل رسمي وبعظهم يحمل الجنسية السعودية، حتى أن حركة حماس بعد عام من هذا الاعتقال أصدرت بيان تدين فيه هذه المعاملة. هؤلاء الثلة من الأفاضل لايزالون معتقلين في ظروف صعبة وبعضهم جاوز الثمانين عامًا، لماذا هم معتقلين إلى هذه اللحظة؟
*تصنيف حركة المقاومة حماس بأنها إرهابية، ولم يكتف محمد بن سلمان بهذا فقط، بل سعى لدى العواصم الغربية في الضغط لتصنيف حركة المقاومة بأنها إرهابية. حتى على مستوى الصراع الخليجي، صنفت إحدى الشروط حماس بأنها منظمة إرهابية.
*تحويل رابطة العالم الإسلامي إلى منصة للتطبيع، حيث لم يتوقف العيسى منذ تكليفه بهذه المهمة في الترويج لحالة السلام الكاذب مع كافة الأديان والطوائف، في حين يكون لديه خطاب إقصائي ضد حركات التحرر الفلسطيني.
*خطابات تركي الفيصل ووزارة الخارجية التي ما فتأت في إدانة الفلسطينيين أكثر من مره، والأقبح من هذا كله خطاب مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي في الأمم المتحدة الذي يدين الفلسطينيين ويتهمهم بالإرهاب ويقف جانباً إلى جانب مع المحتل.
*التنسيق المستمر لإتمام صفقة القرن، حيث حضرت السعودية الاجتماع الأساسي في البحرين حول هذه الصفعة، وتطالب السلطة الفلسطينية والأردن بقبول هذه الصفعة.
*السماح بالعبور الجوي للمحتل، السماح للعدد من الصهاينة المحتلين بالدخول للسعودية تحت صفات اعتبارية مختلفة. السماح للصهيوني سعودي بزيارة الأقصى ومقابلة المحتلين مثل نتنياهو.
*مقابلة محمد بن سلمان لنتنياهو أكثر من مره.
*أخيرًا وليس آخراً، إطلاق حملة ممنهجه وكبيرة ضد القضية الفلسطينية، هذه الحملة التي لم تتوقف منذ 4 سنوات، والتي تستخدم أوقح الأساليب وأقذرها في وصف أهل فلسطين وكافه من يتضامن معهم. هذه الحملة التي راهن محمد بن سلمان عليها في تغير الذهنية الشعبية نحو القضية الفلسطينية، لكن خسر البيع، وفشلت كافة المحاولات في تغير نبض الشارع المحلي نحو القدس. ومع هذا فإن هذه الحملة تحظى برعاية رسمية، حيث أن كافة الأصوات المهمة هي قريبة من صانع القرار، إضافة إلى سيطرة الذباب الإلكتروني على المجال العام في تويتر عبر إطلاق الحملات البذيئة في حق الفلسطينيين.
سكان الجزيرة العربية من الأحساء والدمام في الشرقية إلى جدة ومكة والمدينة في الحجاز، ومن حائل والجوف في الشمال إلى جيزان ونجزان في الجنوب، يفدون فلسطين بأرواحم وبكل ما يملكون. ففلسطين هي الكرامة وهي البوصلة الأخلاقية في التضامن والعدل والإحساس بالكرامة، فلسطين تحيي أمالًا دفينه في العيش بكرامة وحرية، فلسطين تكسر جدار اليأس الكامن على الصدور بفعل القمع والاستبداد.
سكان الجزيرة العربية يتحدثون كثيراً عن فلسطين وهذا الحديث هو قعل يحرك مشاعرهم وأفكارهم و يحررهم من بؤس الإستبداد وآفات الخوف والرعب التي يعيشونها بسبب القمع السياسي العنيف.
المصدر: صوت الناس