الأخبار
الكباش في المنتصف، والمقاومة تواصل النزال، والعدو يوغل في الدم والدمار… والتهدئة إمّا قضية ساعات، وإمّا بحكم المؤجلة من جرّاء الدعم الأميركي المطلق، وذلك تحت دعوى إنهاء «الأيام القتالية» بصيغة تؤمّن لإسرائيل ادّعاء الانتصار، أو تفريغ أي اتفاق من محتواه ــ بمعونة عربية أو فلسطينية ــ لو استطاعت، فيما ساحات الضفة والقدس والـ48 مشتعلة من دون توقّف، وفلسطين كلّها على موعد مع إضراب شامل اليوم. المقاومة، من جهتها، تصرّ على الحفاظ على الانتصار الذي حقّقت أكثر من نصفه في بداية المعركة، عندما سحبت زمام المبادرة من العدو، وفاجأته، وعملت على ربط الساحات الفلسطينية بعضها ببعض. كما تجهد للحفاظ على المعادلات التي حاولت فرضها منذ بداية الغارات الإسرائيلية، ساعية بنار الميدان إلى كتابة «تفاهم نيسان» بصيغة فلسطينية محدّثة، وذلك بتصعيد الردّ نوعاً وكمّاً وتكتيكاً كلّما أوغل العدو في دماء المدنيين وقصف البيوت والأبراج. والعدو، من جهته، يبحث عن انتصار حتى لو كان عبر تدمير البيوت وزلزلة الشوارع ومحو المقرّات الحكومية وإزالة عائلات كاملة من السجلات المدنية، وليس أخيراً ضرب منازل قادة المقاومة، لكنه يحاذر كثيراً خوض معركة برّية تكاد تغيب عن سرديّته، فيما يسعى إلى تطبيق «الأحزمة النارية المكثفة»، خاصة في الليل، لبث الرعب في قلوب المدنيين وإرهاق المقاومة. بين ذاك وذاك، يناور الاحتلال بحرب نفسية ــ إعلامية حول التهدئة ومسار وقف الحرب، من دون أن يخفي وجود ضغوط عليه، لكن مع تأكيده الحصول على التغطية الأميركية ــ ولو متأخّرة ــ التي أفسحت له في الحرب وقتاً إضافياً. كما أنه لا يزال يبحث بين ثنايا الوقت عن فرصة يعلن بها أنه انتصر، كضرب قيادي كبير في «حماس»، أو شلّ القدرة الصاروخية الفلسطينية، على رغم أنه عاجز حتى عن إحباط تهديد من تهديدات المقاومة التي باتت تُبثّ على الهواء مباشرة. ومع مرور أيام المعركة ــ الحرب، يتسرّب من بين يدَي الرقابة العسكرية الإسرائيلية حجم الدمار والخسائر، وتطوّر قدرات المقاومة في البرّ والبحر والجوّ، فيما تعمل الأخيرة على كيّ الوعي لدى الجبهة الداخلية الإسرائيلية بمواصلتها حرب «المدن المحروقة» واللعب بأعصاب الإسرائيليين على طريقة «الرِجل الواحدة»، فهل ستطول هذه الجولة إلى أبعد من الخميس المقبل الذي بات موعداً مفترضاً لانتهاء «بنك الأهداف» الإسرائيلي، الذي تبيّن أنه مدني أكثر منه عسكرياً!