لن يبقى حجر على حجر…هل هذا ما تريدونه؟

اندريه قصاص-لبنان24

يكثر الحديث هذه الأيام عن استعدادات حثيثة لعودة التظاهرات الشعبية إلى الساحات والشوارع رفضاً للواقع الإقتصادي المأزوم، على أن تكون هذه التحركات هذه المرّة شاملة، بحيث لن يستطيع أحد لجمها أو ضبطها، بعدما بلغت الاوضاع الاقتصادية مستويات شديدة الخطورة.

وتتزامن هذه الإستعدادات مع تنامي غضب الناس الآخذ بالإزدياد يومًا بعد يوم. والترجمة العميلة لهذه الإستعدادات ستتبلور بقطع عدد من الطرقات، ولو إلى حين، خوفًا من غضب مقابل. فالذين سينزلون إلى الشارع هذه المرّة للتعبير عما يعانونه نتيجة عوامل عدّة تجمّعت معًا دفعة واحدة، بعدما أصبحت كحجارة “الدومينو”، التي تتهاوى الواحدة تلو الأخرى بمجرد سقوط الحجر الأول.

والحجر الأول هنا، والذي فجّر كل هذا الغضب هو تلهّي أهل السلطة بأمور غير الأمور الملحة والطارئة مع الإرتفاع الجنوني في أسعار صرف الدولار على حساب فقدان الليرة اللبنانية قيمتها الشرائية والإرتفاع الجنوني لأسعار السلع الإستهلاكية وفقدان الدواء من الصيدليات وإزدياد الخوف من الآتي.

وفي هذا الوقت العصيب الذي يعيشه جميع اللبنانيين بنسب متساوية لا نزال نسمع من يقول لنا إنه كما لم يخضع في السابق لضغط المدفع لن يخضع اليوم لضغط الدولار والشارع، مع ما يترافق من إتهامات متبادلة عمّن يقف وراء تدهور الحال المعيشية إلى هذا الدرك.

ويُقال أن المعنيين بتشكيل الحكومة، ومن بينهم الرئيسان عون والحريري أقفلا باب التنازلات، وهما غير مستعدين للتفريط بصلاحياتهما، في الوقت الذي يغمز فيه البعض من قناة التلميح إلى أنه لن يبقى في البلد حجر على حجر في حال إستمرّ الوضع على ما عليه من تدهور مخيف على مختلف الصعد. ويسأل هؤلاء عن أي صلاحيات يتحدّث كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكمّلف، وهل ستبقى الجمهورية قائمة حتى يفكّر البعض في تحصين مواقعه السياسية تمهيدًا لإنتخابات خريف العام 2022؟
موس الغلاء لم يستثنِ أحدًا من اللبنانيين، حتى الذين يعتقدون أنهم محصّنون طالما أن رواتبهم لا تزال تُدفع بالدولار، وطالما أن التمويل الخارجي مستمر على قدم وساق، بإعتبار أن لا شيء مضمونًا إلى ما لا نهاية.
ومع توالي الأخبار عن إستعدادات لرفع وتيرة الإحتجاجات، ومن بين الخيارات الممكنة العودة إلى مسلسل قطع الطرقات في مختلف المناطق، يُلاحظ أن ثمة إستعدادات بدأت تتبلور في أحياء لم تكن مشمولة بموجة الإحتجاجات السابقة، ومن بينها أحياء في الضاحية الجنوبية لبيروت، أقله تضامنًا مع القضية الفلسطينية، مما يدفع البعض إلى الإعتقاد أن جمهور “حزب الله”، الذي يطاله الغلاء مثله مثل أي منطقة لبنانية أخرى، بدأ بالتململ والإحتجاج على الأوضاع المعيشية المتردية، على رغم الإجراءات الموضعية التي يحاول “حزب الله” إتخاذها في مناطق نفوذه، أي الجنوب والضاحية وقسم من البقاع، وذلك من أجل الحدّ من تفاقم الوضع والحيلولة دون تأثير هذا التردّي على شعبية الحزب داخل بيئته.

وفي رأي بعض القيادات في الحراك الشعبي أن “الثورة” لن تحقق أهدافها ما لم ينزل جمهور “حزب الله” إلى الشوارع والإنضمام إلى حركة الإحتجاجات المطلبية، التي تبقى عابرة للطوائف والمناطق الجغرافية، كخطوة أولى في مسار التغيير وتطبيق شعار “كلن يعني كلن” بالفعل وليس فقط بالقول. وعندها يصبح زعيمي الطائفي وزعيمك الطائفي أيضًا متساوين، من حيث تقاسم مسؤولية ما وصل إليه البلد من إهتراء، يُخشى أن يتطور إلى ما لا تُحمد عقباه، مع التذكير بأن ما يحصل اليوم من تفلت أمني يشبه إلى حدّ كبير ما شهده لبنان من أيام سود عشية الحرب المشؤومة.
فهل هذا ما يريده الذين يعرقلون تشكيل الحكومة؟

Exit mobile version