ارشيف الموقع

غياب استراتيجيا لدى متّخذي القرارات يغذي حلقة العداء

مانويل تراختبرغ – مدير معهد دراسات الأمن القومي

تمر دولة إسرائيل بأيام صعبة مع تضافر غير مسبوق لحادث أمني مؤلم، مع أزمة سياسة وحكم مستمرة، واشتباكات عنيفة واسعة في البلدات المختلطة، والتي تتمدد في كل اتجاه. لقد فوجئنا بحجم الأحداث وهولها وصُدمنا من الضحايا الذين سقطوا جرّاءها، والآن نتساءل إلى أين سيقودنا ذلك. لا شك في أن جدول السنة قدّم مزيجاً متفجراً من التواريخ والمناسبات المحملة بالمعاني والمشاعر القوية لكلا الطرفين- شهر رمضان، يوم القدس، الحسم القريب بشأن العقارات موضوع الخلاف في حي الشيخ جرّاح وغيرها.
الفراغ في القيادة الناشىء، بين نهاية حكومة انتقالية وبين مسار معقد لتأليف حكومة أُخرى، قدم فرصة ذهبية لـ”حماس” التي يمكن وصفها باللاعب الذي يقود ويفرض قواعد جديدة في المنطقة. نأمل بانتهاء الجولة الأمنية إزاء غزة قريباً، بعد أن يوجه الجيش الإسرائيلي ضربة قاسية إلى “حماس” – إلى بناها التحتية وقادتها، وأيضاً إلى وكلائها الذين أمِلوا بأن تؤدي صليات الصواريخ على تل أبيب إلى أن نطلب مهلة من الوقت.
في مرحلة معينة سيأتي يوم غد وسنستفيق مجدداً على نفس الواقع الخادع من الهدوء الوهمي، ومن الجمود والثبات وعدم الجدوى. ممنوع بأي طريقة قبول مثل هذا الوضع والعودة إلى نفس المسار الآلي الذي يقودنا إلى اللامكان. من واجب متّخذي القرارات ونواب الجمهور من كل أطراف الطيف السياسي التفكير من جديد في المشكلات العميقة في كل القطاعات. بدءاً من مواجهة المسألة الفلسطينية في الجنوب والشرق من دون أوهام، وصولاً إلى مكانة العرب في إسرائيل في الاقتصاد والمجتمع والسياسة الإسرائيلية.
بالإضافة إلى المخاطر التي اشتدت في الأحداث الأخيرة، مثل الربط بين القدس وغزة، وبين أقلية هائجة وسط العرب في إسرائيل، ظهرت أيضاً مؤشرات تبشر بواقع مختلف واعد. على سبيل المثال كلام منصور عباس وزعماء عرب آخرين دعوا (بالعربية) إلى تهدئة الأجواء. كذلك تطلُّع أغلبية المواطنين العرب في الأيام العادية إلى الاندماج في الاقتصاد والمجتمع. يتعين علينا أن نعزز بقدر المستطاع هذه التوجهات الإيجابية، في الوقت الذي يوجه الجيش الإسرائيلي إلى التنظيمات المسلحة في قطاع غزة ضربة مدمرة. في المقابل يجب على الشرطة أن تستخدم قوة مكثفة من أجل إعادة الهدوء إلى مدن إسرائيل.
ننتظر أن نسمع من زعماء الجمهور ومن ممثليه في الكنيست، وفي الحكومة، وفي السلطات المحلية، صوتاً واضحاً يدين العنف الداخلي بغض النظر عن مصدره، والعمل بحزم على قمعه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى