علي منتش -لبنان24
منذ اكثر من سنة، والقيادة السياسية والعسكرية في تل ابيب تتحدث عما تسميه الايام القتالية، وهو مصطلح يعني المعركة التي تستطيع تل ابيب احتواءها وتحقيق اهداف استراتيجية فيها خلال ايام قليلة.
الحديث عن الايام القتالية استهدف “حزب الله” بشكل اساسي وانطلق من فكرة مفادها ان تل ابيب عليها توجيه ضربة جوية ضد الحزب تستهدف فيها مقدرات نوعية كاسرة للتوازن يملكها. وتتوقع تل ابيب ان يرد الحزب على الاعتداء الاسرائيلي فتتدحرج الامور.
لكن اسرائيل غير الراغبة بحروب مفتوحة، توقعت انها قادرة على تحمل معركة قصيرة تستمر اياما اذا كان ثمنها استهداف الاسلحة الدقيقة، وانها قادرة على انهاء المعركة عبر وساطات وتدخلات ومفاوضات، لتكون قد تمكنت من تحقيق اهدافها من دون ان تذهب الى الحرب.
بدأت اسرائيل التفكير بمثل هذا الخيار بعدما خسرت، وبدرجة كبيرة، المبادرة الاستراتيجية، اي انها لم تعد قادرة على المبادرة الى حروب كبرى تؤدب فيها خصومها، فهذا انتهى في “حرب تموز”، كما انها فشلت في وضع حد لعملية مراكمة القوة النوعية التي بدأها “حزب الله” عبر سوريا من خلال سياسة المعركة بين الحروب.
هذا المصطلح (المعركة بين الحروب) يعني ان تستفيد اسرائيل من الهدوء النسبي من اجل توجيه ضربات نوعية تستهدف قيادات في المقاومة ومخازن اسلحة، بمعنى اخر حرب استنزاف من نوع جديد، يمنع الحزب من مراكمة قوته في لبنان.
لكن ما حصل في غزة خلال الايام الماضية ضرب اخر استراتجيات اسرائيل، فقد وجدت نفسها عاجزة عن ايقاف المعركة حينما تريد، كذلك اكتشفت عجزها عن الحسم في وقت قصير، فكيف الحال في معركة ضد “حزب الله”.
تواجه تل ابيب ازمة حقيقية، فهي غير قادرة بعد اليوم على البدء باي حرب عسكرية، في المقابل يبدو ان ردعها، بعد هذه المعركة سيتآكل لدرجة يصبح معها اعداؤها راغبين في تغيير قواعد الاشتباك ، وبالتالي ادخالها في معركة استنزاف طويلة لن تتمكن من منعها بسبب ضيق خياراتها..