ردات فعل سنية ـ شيعية أطاحت بـ″إعتذار الحريري″!
شكلت التسريبات حول إمكانية إعتذار الرئيس سعد الحريري عن تكليفه تشكيل الحكومة عامل إستفزاز في بعض الأوساط السنية والشيعية، إنطلاقا من أن الاعتذار يمنح جبران باسيل إنتصارا كان وما يزال يسعى إليه، ولا يساهم في حل الأزمة الراهنة.
وتشير المعلومات الى أن الرئيس الحريري أسرّ بخيار الاعتذار الى الرئيس نبيه بري، وكذلك الى رؤساء الحكومات السابقين.كما أبلغ الدوائر “المستقبلية” القريبة منه بذلك والتي سارعت الى رفض هذا الخيار والتأكيد على ضرورة الاستمرار في التكليف وتذليل العقبات الى حين تشكيل الحكومة، حيث شعر الحريري من ردات الفعل أن إعتذاره سيؤدي الى حالة إحباط أفقية في “تياره الأزرق” قد تؤدي الى تفككه مع الشعور المتنامي لكوادره الأساسية بالضعف والتراجع.
وتضيف المعلومات إن الحريري تبلغ من الرئيس بري رفضه الحديث عن الاعتذار وتأكيده على أنه ما يزال يشكل خيار الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله)، كما خاض مع رؤساء الحكومات السابقين نقاشا أبلغوه بعده عدم موافقتهم على الاعتذار وعملوا على شدّ أزره للاستمرار بمهمته حتى النهاية، في حين إعتبر الرئيس نجيب ميقاتي في أكثر من موقف أن الاعتذار هو بمثابة “إنتحار سياسي”.
في غضون ذلك، كان لافتا “اللوبي” السياسي ـ الاعلامي الذي بدأ بالترويج للاعتذار وبضرب مواعيد له والايحاء بأنه يشكل خشبة خلاص للبلاد ويفتح المجال أمام الوصول الى حلول، فضلا عن قيام هذا “اللوبي” بطرح إسم الرئيس ميقاتي كمرشح لرئاسة الحكومة، إلا أن ميقاتي الذي كان أول من رشح ودعم الحريري لهذه المهمة، تعاطى مع الأمر بلامبالاة تامة، في حين تولى عضوا كتلته النائبان نقولا نحاس وعلي درويش نفي هذا الأمر جملة وتفصيلا والتأكيد على أن ميقاتي ما يزال في الوقت الراهن على خياره ودعمه للرئيس الحريري.
تقول مصادر سياسية مطلعة: إن الإعتذار لا أفق له، وهو سيلحق ضررا كبيرا بالحريري الذي سيقدم الى باسيل هدية على طبق من ذهب…ما سيؤدي الى تعميق الأزمة وإنهيار البلد أكثر فأكثر.
وترى هذه المصادر أن الحريري سبق وأبلغ الفرنسيين بأنه مستعد للقاء باسيل شرط أن يوافق على التشكيلة الحكومية الموجودة لدى رئيس الجمهورية بعد إجراء تعديلات عليها، لكن باسيل أصر على أن يكون اللقاء للبحث في تفاصيل تشكيل الحكومة، الأمر الذي رفضه الحريري كونه مخالف للدستور خصوصا أن الجهة الوحيدة المخولة مناقشة تشكيلة الحكومة مع الرئيس المكلف هي رئاسة الجمهورية، ما أظهر بأن باسيل يريد من اللقاء مع الحريري تسجيل إنتصار أمام شارعه والايحاء بأنه أرغم الحريري على الاجتماع به، في حين أن النقاش معه سيكون فقط حول كيفية حصوله على الثلث المعطل المرفوض من كل الأطراف السياسية.
وتؤكد هذه المصادر أن باسيل يعتبر أن عدم حصوله على الثلث المعطل يعني إنتهاءه سياسيا، خصوصا إذا ما إستطاعت الحكومة الحد من بعض الأزمات ومعالجة عدد من الملفات الحيوية لا سيما ملف الكهرباء الذي يقول خبراء أنه الأسهل إذا صدقت النوايا، وبالتالي فإن الأزمة الحاصلة اليوم هي عبارة عن محاولة من قبل التيار الوطني الحر لتصفية حسابات سياسية مع “القوات اللبنانية”.
في هذا الاطار، يشدد مقربون من الحريري على أن إعتذاره لم يعد مطروحا حاليا، وهو مستمر في مهمته، بإنتظار تذليل العقبات من خلال المشاورات السياسية التي من المفترض أن تستأنف يوم غد الاثنين بعد عطلة الفطر، بما في ذلك الكشف عن مضمون الرسالة ـ المبادرة التي وجهها الرئيس ميشال عون الى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر سفيرته في لبنان آن غوريو، وكيفية تعاطي الأليزيه معها، لا سيما بعد أن نفضت فرنسا يدها من لبنان.
المصدر: غسان ريفي – سفير الشّمال