ورطت وزارة الدفاع الإسرائيلية نفسها، الأحد 16 مايو/أيار 2021، بعدما نشرت مقطع فيديو دعائي على حساباتها المتعددة على شبكات التواصل الاجتماعي، عرضت فيه لقطات لمنصتي صواريخ زعمت أن حركة “حماس” تستخدمهما داخل الأحياء، في حين أن المنطقة التي ظهرت بها المنصتان موجودة داخل الأراضي المحتلة، ومُصورة قبل سنوات.
الوزارة الإسرائيلية نشرت الفيديو في وقت مبكر من اليوم، عقب قصف الطائرات لعشرات الشقق السكنية في حي الرمال بقطاع غزة، الأمر الذي أثار انتباه وسائل الإعلام العالمية التي صوّرت الضحايا المدنيين في المكان.
ومنذ بدء القصف الإسرائيلي على غزة يوم الإثنين 10 مايو/أيار 2021، زعمت تل أبيب أنها تستهدف مناطق إطلاق الصواريخ، متهمة حركة “حماس” بضربها من داخل الأحياء.
الفيديو الذي نشرته وزارة الدفاع يعرض في الثانية 18، لقطة لاثنتين من الشاحنات وعليهما منصة لإطلاق الصواريخ، وأشارت في تعليق كتبته على اللقطة أن “حماس وحركة الجهاد” تغرس نفسها في مناطق المدنيين، وقالت إنه عندما تطلق الفصائل الصواريخ فإنها تضع حياة الملايين في خطر، في إشارة إلى قطاع غزة.
لكن هذه اللقطات التي نشرتها وزارة الدفاع مضللة، بحسب ما تحققت منه “عربي بوست”، لأن المكان الذي تم تصوير منصتي الصواريخ فيه موجود في بلدة “أبوسنان” الواقعة في شمال غربي الأراضي المحتلة، فضلاً عن أن تاريخ الفيديو الذي أظهر لقطات المنصتين يعود لعام 2018.
عبر خرائط جوجل تم تحديد المنطقة الظاهرة في الفيديو من خلال مطابقة علائم الأبنية، والصورة الملتقطة للمكان من خرائط جوجل مُلتقطة في عام 2021، بينما صورة المكان نفسه في فيديو وزارة الدفاع ملتقطة في عام 2018، ولذلك فإن تغييراً طفيفاً طرأ على شكل البناء.
والمكان يقع بين منازل سكنية في البلدة التي تبعد نحو 10 كيلومترات عن مدينة نهاريا، بينما تبعد عن قطاع غزة نحو 166 كيلومتراً، وهي بلدة مختلطة دينياً، يعيش فيها مسلمون، إلى جانب أقلية درزية ومسيحية، ويتكلم بعض سكانها العربية، وهو ما يُسمع في بداية الفيديو.
تعود قصة ظهور منصتي الصواريخ في بلدة أبوسنان إلى أن الشاحنتين اللتين تحملان الصواريخ دخلتا إلى شوارع بلدة أبوسنان، بحسب ما نشرته صفحة إسرائيلية على موقع “فيسبوك” قبل 3 سنوات، وهي من نشرت الفيديو، ما أثار موجة من الاستغراب حينها عن سبب دخولها، بحسب ما أظهرته التعليقات على الفيديو.
وعلى نحو مفاجئ حذفت حسابات وزارة الدفاع الإسرائيلية الفيديو، بحسب ما رصده “عربي بوست” بعد تغريدات شككت في مزاعم إسرائيل بأن المكان موجود في غزة، لكن لا تزال هنالك نسخة منه على موقع يوتيوب.
ودون سابق إنذار، دمرت طائرات حربية إسرائيلية عشرات الشقق السكنية على رؤوس ساكنيها، فجر اليوم الأحد، في حي الرمال، غربي مدينة غزة، وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، عن ارتفاع عدد الشهداء الذين قتلوا جراء هذا الهجوم غير المسبوق، إلى 26 شهيداً.
الجيش الإسرائيلي قال إن طائراته أغارت على أكثر من 90 هدفاً، وزعم أن الأهداف التي تعرضت للقصف، تابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.
لكن المشاهد التي رصدتها وسائل الإعلام، تكشف عدم صحة ادعاء الجيش الإسرائيلي، حيث إن الأهداف التي تم قصفها، هي منازل فلسطينية كانت تأوي عائلات بأكملها، وشوارع وبنية تحتية تم قصفها بشكل عشوائي، حيث لحق بالمنطقة دمار هائل، طال الشوارع والمنازل التي تحولت إلى كتلة من الركام.
يأتي هذا الحادث، بعد يوم كامل من مجزرة ارتكبتها إسرائيل بحق عائلتين في مخيم الشاطئ، وراح ضحيتها 10 أشخاص، هم أم وأطفالها الأربعة، وأم أخرى وأطفالها الأربعة كذلك.