كلمة الناطق باسم القسام أبو عبيدة كانت مذهلة بكل المعايير … أشبهها بحركة “كش ملك” في لعبة شطرنج والتي تعني الوصول قبل الخصم إلى تحقيق الهدف.
ربما لاحظ البعض علامات التعب التي بدت على وجه الملثم .. لكني رأيت فيها تعب الإنجاز !!
نعم المقاومة حققت أهدافها وبكل ثقة دون الحاجة لأي جولات تفاوضية!!
لا أقدم هنا بروباغاندا أو حديثاً شعبوياً للتحفيز إنما أتكلم بالوقائع والحقائق:
أولاً: منذ الصاروخ الأول الذي أطلقته المقاومة تجاه القدس، حققت الحركة الإنجاز الأهم بتثبيت معادلة “القدس-غزة” وأن ضرب قلب الكيان لاحقاً في حسابات المقاومة أصبح كشربة ماء أمام أي عدوان لاحقا تجاه قدسنا وأقصانا.. وعليه سيكون على الطغمة الحاكمة في هرتسيليا أن تحسب ألف حساب قبل أي خطوة تجاه القدس.
ثانياً: شجعت بيئة الاشتباك التي هيأتها المقاومة إلى جانب عوامل أخرى الكتلة الفلسطينية الأخطر على الكيان “عرب 48” للانعتاق والدخول بكل ثقلها في المعادلة، لتصبح رقماً صعباً وحاضراً عند أي عدوان أو حماقة يرتكبها الكيان تجاه قدسنا وأقصانا.. فنصرتهم لن تقتصر بعد اليوم على باصات النفير للأقصى.
ثالثاً: هذه العوامل ستدفع أهلنا في القدس “وهم العنصر الأهم في المعادلة” لممارسة كامل حقهم في السيادة والدفاع عن المسجد الأقصى وهم لازالوا كذلك .. لكن أن تقاتل منفرداً ليس كما لو قاتلت وأنت تستند إلى جبال رواسي، وبالتالي ضمنت المقاومة تغييراً كاملا في معادلة الصراع الدائر في القدس.
رابعاً: توجيه الضربة أولاً اعطى المقاومة هامشا استثنائيا لتحقيق أعلى قدر ممكن من النقاط، فالمشاهد التمثيلية التي تم بثها بين الفينة والأخرى لأنواع الأسلحة المستخدمة تعني أن قيادة المقاومة كانت تتحضر و تتوقع ضربة العدو وكانت تخطط لضربه استباقياً وقد كان.
خامساً: كثافة النيران التي سعت المقاومة لتحقيقها أدت لكي الوعي العالمي، بأن ثمة قوة لا يستهان بها أمام الاحتلال، بدا ذلك في عودة المواقف المطالبة بضرورة تسوية الصراع بعد أن كادت القضية الفلسطينية أن تندثر من الحسابات.
سادساً: مشروع المقاومة بات الآن صاحب الكلمة والسيادة .. بعد أن أعادت هذه الجولة الأمل في نفوس قطاعات واسعة من شعبنا .. بأن هناك ثمة مشروع حقيقي يتقدم بخطى ثابتة أذهلت الجميع، فلم يكن عبثياً ولم يكن لدولار أو سردين وفقا لأنماط التفكير العبثي الذي أسس له أهل التسوية.
في ظل هذه الإنجازات تكتفي المقاومة الآن بضبط إيقاع المواجهة لردع الاحتلال عن ارتكاب مزيد من الحماقات والتي سنرى بعضها تعبيراً عن ألمه وصراخه وحسرته، حتى يصل إلى النقطة التي يجزع فيها أمام ضربات المقاومة وينقلب صاغراً ذليلاً بمعادلات جديدة تم فرضها عليه رغم أنفه وبدون الحاجة لأي جولات تفاوضية … أمام مقاومة قالت له وباحتراف “كش ملك” !!!